وافق مجلس الأمن الدولي على إعلان هدنة إنسانية في سوريا لمدة ثلاثين يوماً «دون تأخير»، وذلك بعد مشاورات مضنية أدت إلى تأخير بدء جلسة التصويت في موعدها المحدد عند الساعة (17:00 ت غ)، وذلك بهدف تفادي فيتو روسي يعرقل القرار.
وكان مشروع القرار موضوع مفاوضات طوال 15 يوماً، للحصول على موافقة روسيا عليه. ويسمح القرار بنقل المساعدات الإنسانية وإجلاء الجرحى والمرضى. كما يطالب كافة الأطراف بوقف الأعمال العدائية.
وكانت السفيرة الأمريكية نيكي هايلي، أعربت عن خشيتها مع استمرار المفاوضات ليوم آخر، حول الهدنة التي تسمح بتوزيع مساعدات إنسانية وإجلاء الجرحى.
وكتبت هايلي على تويتر: «من غير المعقول تعطيل روسيا للتصويت على وقف لإطلاق النار، يسمح بإدخال مساعدات إنسانية في سوريا».
وتابعت: «كم عدد الأشخاص الذين سيموتون قبل أن يوافق مجلس الأمن على التصويت؟ لنقم بذلك الليلة، الشعب السوري لا يستطيع الانتظار».
وتعثرت المشاورات بسبب مطالبة روسيا بالتزام الجماعات المسلحة التي تقاتل النظام السوري بالهدنة. وذكر دبلوماسيون مساء السبت، أن روسيا طلبت المزيد من الوقت، قبل التصويت على قرار مجلس الأمن الذي قدمته كل من السويد والكويت. وأشارت المصادر في وقت لاحق، إلى دخول أعضاء مجلس الأمن ال 15، إلى قاعة المشاورات غير الرسمية، لافتة إلى وجود أنباء عن تلقي المندوب الروسي تعليمات من موسكو دخل الأعضاء لمناقشتها.
واستخدمت روسيا حق النقض 11 مرة ضد مشاريع قرار حول سوريا، تستهدف حليفتها دمشق. وفي نوفمبر استخدمت حق النقض لإنهاء تحقيق تقوده الأمم المتحدة حول هجمات بالأسلحة الكيميائية في سوريا.
على صعيد آخر، جددت قوات النظام السوري لليوم السابع على التوالي، غاراتها على الغوطة الشرقية قرب دمشق، موقعة مزيداً من الضحايا؛ لتتجاوز حصيلة القتلى منذ بدء التصعيد 500 مدني، بينهم عشرات الأطفال والنساء من أبناء المنطقة المحاصرة.
وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس السبت، ارتفاع حصيلة القتلى الإجمالية منذ بدء قوات النظام تصعيد عملياتها في الغوطة الشرقية، مساء الأحد الماضي إلى 505 مدنيين، بينهم 123 طفلاً. وقال المرصد «محرقة الغوطة الشرقية مستمرة، ويكاد القصف الهستيري لا يتوقف». وبحسب المرصد، تشارك طائرات روسية إلى جانب طائرات قوات النظام في عمليات القصف، الأمر الذي نفته موسكو.
وقتل، السبت، وفق آخر حصيلة للمرصد، «29 مدنياً بينهم أربعة أطفال على الأقل؛ جرّاء الغارات، قضى أكثر من نصفهم في مدينة دوما» أكبر مدن الغوطة الشرقية، ومعقل «جيش الإسلام»، الفصيل المعارض الأكثر نفوذاً في المنطقة.
كما تم انتشال جثث خمسة مدنيين آخرين من تحت الأنقاض، تبين أنها تعود لأم وأطفالها الأربعة، قتلوا قبل أربعة أيام في بلدة عين ترما. وتأتي الغارات بعدما شنت طائرات حربية سورية وأخرى روسية وفق المرصد، «غارات بصواريخ محملة بمواد حارقة على مناطق عدة في الغوطة الشرقية بعد منتصف الليل، أبرزها حمورية وعربين وسقبا، ما أدى إلى اشتعال حرائق في الأحياء السكنية».
ويشير المرصد إلى أنه لا يزال هناك العشرات من المفقودين تحت أنقاض الدمار، الذي خلّفه القصف الجوي والصاروخي والمدفعي، في مدن وبلدات غوطة دمشق الشرقية، ما يجعل عدد الضحايا قابلاً للازدياد بشكل كبير، إضافة لوجود مئات الجرحى، الذين لا تزال جراحهم بليغة، وبعضهم جراحهم خطرة، وسط عجز الكادر الطبي عن إسعاف الحالات الطبية جميعها.
وفي مدينة دوما، قال مراسل «فرانس برس»، إن جثث عشرة مدنيين على الأقل نقلت صباحاً إلى أحد المشافي الميدانية. وشاهد جثث ثلاثة أطفال على الأقل ملفوفة بقماش بني اللون، وموضوعة داخل إحدى غرف المشفى.
ومع تساقط القنابل، التي أصاب بعضها مراكز للطوارئ وسيارات إسعاف يكافح المسعفون لانتشال الناس من تحت الأنقاض. وقال الدفاع المدني السوري في الغوطة الشرقية، إن مسعفين هرعوا للبحث عن ناجين بعد ضربات في كفر بطنا ودوما وحرستا. وأضافت منظمة الإنقاذ التي تعمل في الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية أنها وثقت 350 حالة وفاة خلال أربعة أيام الأسبوع الماضي.
وقال مصدر في الدفاع المدني، إن مدن وبلدات الغوطة تعرضت لقصف بالنابالم، مساء الجمعة. وأكد سقوط أكثر من 100 صاروخ معظمها تم تحميله بمادة النابالم الحارق، على مدن وبلدات دوما وزملكا وعربين وحرستا وسقبا وحزة وحمورية.
وندد سكان وجمعيات خيرية طبية بالهجوم على 12 مستشفى. وقال سراج محمود وهو متحدث باسم الدفاع المدني «من الممكن أن يكون الضحايا أكثر من ذلك بكثير، كثافة الغارات لم تمنحنا أي فرصة حتى لإحصاء جثث الضحايا».
وقال سالم أحد سكان مدينة دوما لفرانس برس بحرقة «لا أستطيع أن أصف ماذا يحصل في الغوطة الشرقية ولا تستطيعون أن تتصوروا ماذا يحدث».
وتجدد، السبت، سقوط قذائف على أحياء في دمشق وفق ما أفاد إعلام النظام، وقال مراسل فرانس برس، إن دوي القصف العنيف على محاور في الغوطة الشرقية القريبة تردد صداه ليلاً إلى الأحياء الشرقية في العاصمة. (وكالات)
المصدر: الخليج