أعرب مجلس التعاون لدول الخليج العربية أمام مجلس حقوق الإنسان عن أشد القلق إزاء الانتهاكات والجرائم المرتكبة في سوريا، بما فيها الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي أيًا كان مصدرها ومبرراتها، فيما اعتبرت الأمم المتحدة أن سوريا بأسرها تحولت إلى «غرفة تعذيب»، ونددت بقصف قوات النظام لخزان مياه الشرب الذي يغذّي دمشق معتبرة أن هذا القصف يرقى إلى جريمة حرب.
وأبدت دول المجلس قلقها البالغ إزاء مصير عشرات الآلاف من المحتجزين في سجون نظام الأسد، الذين يتعرضون لظروف مهينة منذ سنين ويحرمون من الحصول على حقوقهم المشروعة وضمان الحصول علي محاكمات عادلة.
جاء ذلك في البيان المشترك لدول المجلس الذي ألقاه المندوب الدائم لمملكة البحرين لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف السفير يوسف عبدالكريم بوجيري .
ودعا البيان إلى ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254، والتعجيل في رفع الحصار عن المدن السورية المحاصرة، وإيصال المساعدات للمناطق المتضررة، ووقف القصف على المناطق الآهلة بالسكان ، والإفراج عن المعتقلين، ووقف تنفيذ أحكام الإعدام . وأكد ضرورة عدم استمرار تجاهل المجتمع الدولي لحالة الإفلات من العقاب.
من جهة أخرى،وجه العديد من الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان إدانات وانتقادات واسعة لإيران أثناء مناقشة تقرير حالة حقوق الإنسان في طهران.
غرفة تعذيب
واعتبر المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة زيد رعد الحسين أن سوريا بأسرها تحولت إلى «غرفة تعذيب» معتبراً أن النزاع الذي دخل عامه السابع يعد «الكارثة الأسوأ من صنع البشر» منذ الحرب العالمية الثانية. وقال الحسين خلال نقاش حول سوريا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة «اليوم، تحول البلد بمعنى آخر إلى غرفة تعذيب».
وأشار الحسين إلى أن «حتى الدعوات اليائسة التي أطلقها سكان حلب في العام الماضي لم تؤثر في قادة العالم الذين قد يساعد نفوذهم على التوحد من أجل وضع حد للقتال». وقال «ساهم استخدام حق النقض مراراً وتكراراً في تراجع الآمال بوضع حد لهذه المجزرة التافهة، وبإحالة الجرائم الدولية المزعومة إلى المحكمة الجنائية الدولية»، في إشارة إلى استخدام روسيا المتكرر لهذا الحق.
حلقة نقاش
وتحدث في حلقة نقاش عدد من ضحايا الاعتقال والتعذيب في السجون السورية وممثلو منظمات المجتمع المدني. وأكد المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان فاضل عبدالغني في مداخلة أمام المجلس أن نظام الأسد يعتقل 87 في المئة من مجموع الأشخاص الذين ما زالوا قيد الاعتقال.
ويتصدَّر قائمة مرتكبي هذا النوع من الانتهاكات بقرابة 92 ألف شخص ما زالوا في مراكز الاحتجاز لديه، في عمليات تعذيب فظيعة، أو ظروف احتجاز غاية في القسوة والظلامية، تحدَّثنا عنها في عدة تقارير وأبرزنا 46 أسلوبًا من أساليب التعذيب يتَّبعها نظام الأسد، تحدَّث عنها تقرير لجنة التحقيق الدولية الصادر عام 2016 “بعيد عن العين بعيد عن الخاطر”، وتقرير منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش.
وأوضح أنه لاتوجد دولة معينة تتبنى قضية المعتقلين في سوريا ، داعيًا إلى تبني هذه القضية من قبل دولة ترعاها، وتُقدِّم لها، وتحشد لها التأييد السياسي، والشعبي، والإعلامي، وترعى ذوي المعتقلين، هذه الدولة إن وجدت سوف تحظى برصيد هائل من المحبة من قبل المجتمع السوري .
ظروف الاحتجاز
وتحدث مازن درويش عن مختلف ظروف الاحتجاز والتعذيب في سجون نظام الأسد ، وقال : “إن “مليشيات الدفاع الوطني المرتبطة بنظام الأسد ومليشيات أخرى من خارج سوريا ذات توجهات طائفية تعتقل الناس وتحتجزهم” . مشيرًا إلى أن الأدلة والمستندات والمعلومات حول الانتهاكات في سوريا متوفرة كما لم تتوفر في أي صراع في الماضي .
وأكد أن اللجنة الدولية للتحقيق وثقت الكثير من الجرائم ، وأن المشكلة في وقف هذه الجرائم ليس سببها نقص الأدلة، بل غياب الإرادة السياسية للمجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات جادة لوقف تلك الجرائم .
وتابع: “أن النظام والمليشيات تواصل الانتهاكات وتعمل علي تقنينها ، بأن تقوم بها محاكم الميدان التي تصدر أحكام الإعدام بإجراءات موجزة . أو إضفاء صفة الإرهابيين علي المعارضين ليحق للنظام قتلهم . واستنكر ألا يكون هناك تحرك دولي لمواجهة هذه الجرائم لدرجة أن الشرق الأوسط فقد الثقة في حقوق الإنسان”.
وشدد على ضرورة أن تتضمن المفاوضات السياسية حل لمشكلة المعتقلين، مضيفًا أن تحويل ملف المعتقلين من جنيف إلى أستانة يعني تحويل القضية إلى تبادل للأسرى بين الجهات المتقاتلة.
جريمة حرب
واتهمت لجنة التحقيق حول سوريا التابعة للأمم المتحدة أمس سلاح الجو السوري بقصف خزان المياه الرئيسي الذي يغذي العاصمة، في أواخر 2016، ما يشكل «جريمة حرب»، نافية أن تكون فصائل المعارضة قامت بتسميم المياه.
وأعلنت اللجنة في وثيقة عرضتها أمام مجلس حقوق الإنسان أن «المعلومات التي اطلعت عليها اللجنة تؤكد أن قصف» خزان المياه الواقع في وادي بردى «تم من قبل سلاح الطيران السوري». وأكدت اللجنة أنه خلافاً لما أكده النظام آنذاك، لم تقدم فصائل المعارضة على تسميم خزان المياه هذا.
المصدر: البيان