حالة من اليأس والسخط والاكتئاب عادة ما تنتاب مريض السرطان في اللحظة التي يخبره فيها الطبيب بحقيقة مرضه، بل إنه في بعض الأحيان تصل هذه الحالة إلى ذروتها مع بعض الأشخاص فيقررون الاستسلام للمرض والاستعداد لوداع الحياة، ويتساوى عندهم مصطلح السرطان بمصطلح الموت.
وكمحاولة لتغيير منظور المرضى أولا والمجتمع ثانيا لمرض السرطان على أنه المرض القاتل المخادع الذي يصعب التغلب عليه، وتغيير نظرة المجتمع للمرضى على أنهم ضحايا مثيرون للشفقة، أصبح هناك اهتمام كبير في الفترة الأخيرة بالعلاج النفسي من مرض السرطان، أو كما يطلقون عليه «العلاج بالأمل والتفاؤل»، واعتباره علاجا أساسيا للمرض وليس تكميليا.
وأنشأت الكثير من الجمعيات والمؤسسات المصرية التي تقدم الدعم النفسي لمرضى السرطان، واعتمدت الكثير من تلك الجمعيات على سرد كل مريض تعافى من مرض السرطان لقصته مع المرض وكيف هزم المرض بطاقته الإيجابية، وذلك من خلال صفحات المؤسسات على مواقع التواصل الاجتماعي أو في لقاءات مفتوحة تنظمها تلك الجمعيات.
ومن ضمن هذه الجمعيات، الجمعية المصرية لدعم مرضى السرطان التي تأسست في عام 2010 بهدف تقديم الدعم النفسي للمرضى وتشجيعهم على تحدي ظروفهم وآلامهم.
وقالت إسراء الشربيني، المديرة التنفيذية للجمعية، لـ«الشرق الأوسط»: «هدفنا ليس فقط العلاج النفسي لمرضى السرطان بل علاج مشاكل المجتمع ككل، فعندما نقوم بعرض قصص الأفراد الذين تغلبوا على مرضهم فهذه القصص تفيد المرضى والأصحاء، حيث يشعر الأصحاء الذين يعانون من مشاكل من أي نوع بحياتهم أن هناك أملا في حل أصعب المشاكل فقط إذا لم يستسلموا لليأس».
وأضافت الشربيني أن الجمعية تعمل على تغيير نظرة المجتمع لمرضى السرطان، مؤكده أنهم لا يطلقون عليهم مرضى بل «محاربون».
وأوضحت أن نشاط الجمعية لا يعتمد فقط على سرد قصص ناجحة لأشخاص تعافوا أو تغلبوا على المرض، بل تقبل الجمعية أيضا تبرع الأصحاء بشعرهم من أجل عمل «باروكة» من الشعر الطبيعي للمرضى، كما أنها تقدم نصائح للأطباء في كيفية التعامل مع المرضى وكيفية مواجهتهم بمرضهم بأسلوب لا يؤثر عليهم نفسيا.
وفي السياق ذاته، قام الشاعر المصري وليد عبد المنعم، تحت إشراف «المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدي»، بتأليف أغنية تحت عنوان «انت لسه جميلة»، في شهر مايو (أيار) الماضي، تستهدف دعم مريضات سرطان الثدي، لتصبح بذلك أول أغنية في الوطن العربي تكتب لهذا الغرض.
وقد كتب عبد المنعم هذه الأغنية بعد أن طلبت منه ذلك سيدة تدعى غادة صلاح، وهي إحدى المصريات المتعافيات من مرض سرطان الثدي، والتي تحاول في جميع اللقاءات التلفزيونية التي تظهر بها أن تكسر حاجز الخجل الذي يسيطر على أي امرأة تصاب بهذا المرض، بل وتحرص في جميع اللقاءات على التباهي بقدرتها على مقاومة المرض، وعدم التأثير على معنوياتها كأنثى.
بالإضافة إلى ذلك، أنتجت المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدي في مطلع هذا العام فيلم كارتون يحمل اسم «الطريق الوردي» الذي يعد أول فيلم في الشرق الأوسط لبعث الأمل في نفوس مريضات سرطان الثدي.
وفي هذا السياق، قال الدكتور سعيد عبد العظيم، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة القاهرة لـ«الشرق الأوسط»: «العامل النفسي له دور أساسي في التسبب في المرض وفي علاجه، ويعتبر الطبيب النفسي عضوا هاما جدا في العلاج من السرطان، ويأتي بعده الأدوية والعقاقير، لذا فإننا نجد أن هناك طبيبا نفسيا ضمن فريق عمل الأطباء المعالجين للسرطان، إيمانا بأهمية الجانب النفسي في الصمود أمام المرض».
وأوضح عبد العظيم أن هذه الجمعيات والمؤسسات التي انتشرت مؤخرا بهدف دعم المرضى قد تساعد بشكل كبير في زيادة نسبة التعافي من المرض بل والوقاية منه، كما أن سرد محاربي المرض لقصصهم يساعد المرضى بشكل أكبر في الصمود أمام المرض، لأن التجارب الشخصية دائما ما يكون لها تأثير أفضل في التعافي.
المصدر: القاهرة: ماري وجدي – الشرق الأوسط