رصدت «الإمارات اليوم» استخدام محامين ومستشارين قانونيين مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج والإعلان لعملهم، إضافة إلى نشر معلومات قانونية بطريقة غير دقيقة.
ودعت وزارة العدل ودائرة الشؤون القانونية لحكومة دبي المحامين إلى تحري الدقة في ما ينشرونه من معلومات قانونية على مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم استخدام تلك المنصات للإعلانات والترويج لعملهم، بشكل لا يتفق مع تقاليد مهنة المحاماة.
وأكدت وزارة العدل إنها لن تتوانى عن إيقاع العقوبات على المحامين الذين يخالفون القانون في ما يتعلق بالإعلانات.
فيما طالب محامون بتعديل القانون الاتحادي رقم (23) لسنة 1991 في شأن تنظيم مهنة المحاماة وتعديلاته، ليتوافق مع التطور التكنولوجي في الإعلانات، لافتين الى ضرورة وضع ضوابط تُحدد الممنوعات على المحامين في ما يتعلق بالإعلان، تحسباً لأن يفسرها أي شخص حسب فهمه.
وتفصيلاً، رصدت «الإمارات اليوم» مخالفات ارتكبها محامون ومستشارون قانونيون من خلال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لعملهم، إضافة إلى نشر معلومات قانونية بطريقة غير دقيقة، وإعلانات «مسيئة للمهنة».
ومن هذه المخالفات صفحة على «فيس بوك» تعرض تقديم استشارة قانونية مجانية، في مقابل ترك تعليق مرفق برقم هاتف للتواصل.
وتحتوي الصفحة على رقم محمول، وبريد إلكتروني، وعنوان تحفيزي «اثنان لا تكذب عليهما عند وصف حالتك، المحامي والطبيب».
وجاءت مخالفة أخرى على «فيس بوك»، تعلن عن وجود مستشار قانوني يملك خبرة 15 عاماً في كتابة المذكرات القضائية، ومرفق في نهاية الإعلان رقم هاتف للتواصل.
ويقدم محامٍ آخر إعلانا على «فيس بوك»، تتضمن إمكان توفير خدمات قانونية بمجرد الاتصال به.
وكان جدل واسع أثير عقب نشر محام على «إنستغرام»، قانوناً مفاده أن الزوجة تعاقب بالحبس ثلاثة أشهر إذا فتشت هاتف زوجها من غير علمه، وأرفق بالإعلان اسمه ورقم هاتفه. واعتبر محامون ومستشارون قانونيون ما نشره عارياً من الصحة.
طريقة لائقة
وقال مدير عام دائرة الشؤون القانونية لحكومة دبي، الدكتور لؤي بالهول، إن القانون يستوجب أن يعلن المحامي عن نفسه بطريقة لائقة، وغير مخالفة للتشريعات السارية أو تقاليد المهنة. وأضاف بالهول أن المحامين يقبلون على استخدام وسائل التواصل، وينشرون من خلالها التوعية القانونية، إلا أنه يتعين عليهم تحري الدقة فيما ينشرون.
تنبيه محام
أكدت مدير إدارة المحامين والمترجمين في وزارة العدل، المستشارة سارة هزيم الشامسي، أن «الوزارة لا تتوانى عن معاقبة المحامين الذين يخالفون القانون». وقالت إن لجنة قبول المحامين اتخذت أخيراً قراراً بتنبيه محامٍ خالف القانون من خلال الترويج لمكتبه، مشيرة إلى أن العقوبات في هذا الشأن تختلف باختلاف جسامة المخالفة المرتكبة، ويمكن أن تصل إلى الإحالة لمجلس تأديب المحامين، بعد العرض على النيابة العامة، وإيقاع العقوبات التأديبية وفقاً للقانون.
وأوضحت الشامسي أن «الإعلانات تُعتبر قانونية، بما لا يتعارض مع ما نظمه القانون الاتحادي رقم 23 لسنة 1991 في شأن تنظيم المحاماة، الذي جاء واضحاً وصريحاً، إذ نظم آلية إعلانات المحامين عن أنفسهم، من خلال ضوابط تتمثل في أن يكون الإعلان متفقا مع تقاليد المهنة، ودون اللجوء إلى استخدام وسائل الدعاية أو الترغيب، باستخدام الوسطاء، وحددت اللائحة التنفيذية للقانون وسائل الإعلان».
إساءة للمهنة
وقال المحامي محمد علي الحمادي، إن بعض الإعلانات التي ينشرها بعض المحامين على مواقع التواصل الاجتماعي تعد «مسيئة للمهنة»، ولا تتفق وتقاليد مهنة المحاماة، مشيراً إلى أن تلك الممارسات يتضمن معظمها نشر معلومات تكون عادةً خاطئة، وهدفها فقط جذب الانتباه وانتشار المعلومة بين أفراد المجتمع.
وأضاف: «يجب على كل محامٍ يمتلك مواقع خاصة بشخصه أو مكتبه أن يراعي تقاليد المهنة، ولا ينشر ما من شأنه إثارة المتابعين. وعليه أن يقدم معلومة قانونية صحيحة فقط تسهم في زيادة الوعي لدى المتابعين، وعلى المتابع أيضاً أن يعي أنه ليس كل ما يُنشر صحيحاً».
وتابع الحمادي أن «بعض وسائل الإعلام المقروءة تتناقل هذه المعلومات الخاطئة، التي يكمن الهدف منها أساساً في الدعاية والإعلان».
وقال: «مع التطور التكنولوجي الهائل الذي نشهده حالياً، بات الهاتف الذكي ووسائل التواصل جزءاً لا يتجزأ من أي شخص أو عمل، ونلاحظ أن القانون الصادر سنة 1991 لم يتطرق حتى للإعلان عن طريق الموقع الإلكتروني، في حين لا يوجد مكتب محاماة في الدولة ليس لديه موقع إلكتروني خاص به، ناهيك عن البرامج الذكية التي تمتلكها بعض المكاتب، تماشياً مع التطور التكنولوجي في الدولة، فهل يعد ذلك إعلاناً مخالفاً للقانون أو يخالف تقاليد المهنة؟».
وتابع: «القانون بشكل عام بحاجة إلى تعديل في هذا الشأن، فمكاتب المحاماة لم تعد تقتصر على القضايا الجزائية والزواج والطلاق، التي لا يتم اللجوء فيها للمحامي إلا بعد وقوعها، فمكاتب المحاماة أصبحت تقدم خدمات واستشارات في شتى المجالات للأفراد والشركات (عقود، وتسجيل علامات تجارية، وتسجيل ملكيات فكرية وبراءات اختراع، وغيرها)، التي تجنب صاحب العلاقة الدخول في نزاعات وقضايا، ما يسهم في تخفيف العبء عن الدولة بشكلٍ عام والقضاء بشكلٍ خاص. وتالي كيف يمكن أن تنمي ثقافة الاستعانة بمحام، أو كيف ستصل للشريحة المقصودة دون أن تكون هناك إعلانات، بشرط أن تتفق مع تقاليد المهنة، كما هو الحاصل في بعض الدول الغربية».
إلى ذلك، قال المحامي علي مصبح، إن هناك نوعين لاستخدام المحامين مواقع التواصل الاجتماعي، النوع الأول لنشر الوعي القانوني بطريقة صحيحة ومختصرة بهدف التوعية المجتمعية، مع نشر الاسم بالشكل الصحيح والمسمى الوظيفي، دون أرقام التواصل، وهذا النوع يعتبر منبراً قانونياً تستفيد منه شريحة كبيرة من الأشخاص في المجتمع، أما النوع الثاني فيستخدمه بعض المحامين لنشر الغث والسمين، دون التأكد من المعلومات القانونية، بل تكون معلومات مظللة لمن يقرأها وترفق بنشر المسمى الوظيفي، وهذا النوع غير مرخص بشكل قانوني من الجهات المختصة.
وأضاف: «هناك حالات لأشخاص يعرفون أنفسهم على أنهم محامون، وهم في الحقيقة مراجعون أو باحثون قانونيون فقط، ولم تقف المشكلة عند هذا الحد، بل ينشرون خدمات قانونية على شبكة التواصل القانوني بشكلٍ موسع، ما يعد تضليلاً للمتلقين، وإساءة إلى سمعة مهنة المحاماة، خصوصاً في حالات إعلان بعضهم عن إمكانية الإجابة على أسئلة المتابعين على مدار الساعة، أو من يعلن أنه محامٍ متخصص في قضايا الأحوال الشخصية أو في قوانين الهجرة، وفي الحقيقة ليس من المعلوم من يجيب على هذه الأسئلة، وما مدى صحة هذه الإجابات».
وواصل مصبح: «هذا كله مخالف للقانون، وهو يسيء للمحامين ولمهنة المحاماة عموما.
وطالب الجهات المعنية بمراقبة سلوك المهنة، ومخاطبة الجهات المختصة لحجب الحسابات التي يستخدمها أشخاص يدعون أنهم محامون، منعاً للتحايل على أفراد المجتمع، وتحويل منتحل صفة محام إلى النيابة العامة بتهمة الاحتيال.
بدوره، طالب المحامي إبراهيم الحوسني، بتعديل القانون الاتحادي رقم (23) لسنة 1991، في شأن تنظيم مهنة المحاماة، كونه لا يواكب التطور في الدولة والقضاء والمهنة، لافتاً إلى ضرورة وضع ضوابط تُحدد الممنوعات على المحامين، في ما يتعلق بالإعلان، تحسباً لأن يفسرها أي شخص حسب فهمه.
المصدر: الإمارات اليوم