قد تعوق محاولة الانقلاب العسكري في تركيا جهود الولايات المتحدة في محاربة تنظيم «داعش» في سورية، وتقوض أهدافاً أخرى للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بإضعاف الديمقراطية، وإثارة اضطرابات طويلة في البلد المسلم الوحيد بحلف شمال الأطلسي (الناتو).
ومع بداية إطلاق النار والانفجارات في اسطنبول والعاصمة أنقرة، مساء أول من أمس، أعلنت الولايات المتحدة صراحة وقوفها بجانب حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وكانت العلاقات بين حكومة أردوغان والإدارة الأميركية متعثرة، لكن الرئيس التركي ساعد على نطاق واسع في الحرب ضد تنظيم «داعش».
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أول من أمس: «تتابع الولايات المتحدة بقلق عميق الأحداث التي تتكشف في تركيا».
وفي وقت لاحق أكد كيري دعم واشنطن «المطلق» للحكومة الديمقراطية، خلال اتصال هاتفي بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو.
ويقول محللون إنه «مهما كانت نتيجة المحاولة الانقلابية، فإن تركيا حليف الولايات المتحدة، ستواجه من الآن فترة اضطراب سياسي واقتصادي». وقد يصرف ذلك انتباه الجيش التركي وقوات الأمن عن منع هجمات مثل تلك التي نسبت في الآونة الأخيرة لتنظيم «داعش»، وأيضاً القتال ضد التمرد الكردي، ووقف انتقال مقاتلين أجانب عبر الحدود من سورية وإليها. ويقول الخبير في مركز«بيبارتيسان بوليسي» بليز ميزتال: «من المنظور الأميركي، فإن أسوأ السيناريوهات هو انقلاب فعال يدفع تركيا إلى صراع طويل على السلطة».
ويضيف أن «انقلاباً يجهض سريعاً، لكن يلقى مقاومة ضعيفة سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار، لكن انقلاباً جزئياً أو غير ناجح سيؤدي إلى اضطراب أكثر في المستقبل».
وتملك تركيا وهي الجسر بين أوروبا والشرق الأوسط ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي، بعد الولايات المتحدة، وأكبر اقتصاد في المنطقة.
وعلى الرغم من وجود تاريخ من الانقلابات العسكرية، فإن البلد الذي يقطنه 75 مليون نسمة أقدم ديمقراطية بالمنطقة، وساعد في توطيد الاستقرار في جنوب شرق أوروبا وفي الشرق الأوسط.
ويقول الباحث بمعهد «بروكنغز» والمحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إي)، بروس ريدل، إن «هذا قد يكون واحداً من أصعب التحديات أمام إدارة الرئيس باراك أوباما». ويؤكد أن «استقرار تركيا أمر ضروري للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط والبلقان والقوقاز». ويضيف أن «تركيا ديمقراطية».
وتستضيف تركيا منشآت عسكرية مهمة أميركية، وأخرى تابعة لحلف الأطلسي، منها قاعدة (أنجيرليك الجوية)، التي تنطلق منها مقاتلات وطائرات من دون طيار أميركية لضرب تنظيم «داعش» في سورية المجاورة، وقاعدة تابعة للمخابرات الأميركية تدعم منها الوكالة مقاتلي المعارضة السورية المعتدلين، ومنظومة إنذار مبكر تخص منظومة الدفاع الصاروخي الأوروبية التابعة للحلف.
وكان من المقرر مشاركة تركيا في اجتماع قرب واشنطن خلال أيام للتحالف التي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش»، ولم يتضح هل ستؤثر محاولة الانقلاب فيه.
وانتقد مسؤولون أميركيون دعم تركيا لجماعات المعارضة التي تقاتل الرئيس السوري بشار الأسد، والوتيرة البطيئة في غلق حدودها مع سورية أمام المقاتلين الأجانب.
من جانبه، غضب أردوغان من الدعم الأميركي للأكراد السوريين الذين يقاتلون تنظيم «داعش»، والذين يعتبرهم الرئيس التركي حلفاء حزب العمال الكردستاني.
ويقول السفير الأميركي السابق في أذربيجان والمستشار السابق للشؤون التركية في البيت الأبيض، ماثيو بريزا، إن «النقطة الأساسية هي أن الإدارة (الأميركية) ستدعم دوماً حكومة منتخبة ديمقراطياً في هذا الموقف».
ويرى مدير مركز الدراسات التركية بـ«معهد الشرق الأوسط»، جونول تول، إن «المصالح الأميركية ستعاني بصرف النظر عن نتيجة محاولة الانقلاب».
ويقول: «إذا فشل الانقلاب ستقوى قبضة أردوغان، وسنرى مزيداً من أجندته السلطوية، وإذا نجح هذا يعني اضطراب أكثر في الداخل التركي».
المصدر: الإمارات اليوم