أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله) ثقته في أن المستقبل يحمل الكثير من الفرص الواعدة التي ستواصل دبي من خلالها رحلتها نحو تحقيق أهدافها التنموية الطموحة، بعد أن نجحت في تجاوز تبعات الأزمة المالية العالمية بكفاءة وخلال فترة زمنية وجيزة للغاية، منوهاً سموه بأن الأزمة لم تكن من صنع دبي ولكنها تأثرت بها نتيجة كونها جزء من العالم الذي أثرت الأزمة في أغلب اقتصاداته.
وقال سموه إن هناك مؤشرات عديدة على تعافي اقتصاد دبي، ومن بينها كشف شركة “نخيل” مؤخرا عن عزمها تسديد التزامات مالية قبل عام كامل من موعد استحقاقها، مشيراً سموه أن الإعلام الغربي بالغ في تصوير الأزمة، مُعزياً ذلك إلى عدم توضيح الحقائق وتقديم المعلومات الكافية للإعلام آنذاك.
وأوضح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن الأزمة كانت أحد التحديات التي واجهت دبي، وأهل الجزيرة العربية اعتادوا في الماضي على مواجهة التحديات كأمر طبيعي في حياتهم اليومية، وقال سموه في هذا الصدد أنا لا أهاب التحديات بل أواجهها لوضع الحلول الناجحة لها والتغلب عليها، ولم أعبأ كثيرا بما يقال حول دبي إبان الأزمة العالمية لثقتي الكاملة في قدرتنا على تجاوزها، ونحن جزء من العالم ونتعلم كل يوم دروسا جديدة.
جاء ذلك خلال الحديث الذي أدلى به سموه إلى شبكة “بي بي سي” العالمية ضمن خدمتها الناطقة باللغة الانجليزية والذي بثته مساء اليوم (الاثنين) وحظي باهتمام عربي وعالمي واسع النطاق، حيث تطرق سموه خلال اللقاء الذي أجراه المحاور المعروف جون سُبِل إلى جانب الموضوعات المتعلقة بالشأن الداخلي إلى أهم القضايا المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية خاصة ما تمر به المنطقة العربية من تطورات سريعة ومتلاحقة لاسيما على الصعيد السياسي.
وبمناسبة فوز الإمارات باستضافة معرض إكسبو الدولي 2020 في دبي مطلع العقد المقبل، أعرب سموه عن سعادته بهذا الإنجاز الكبير، وقال إن تصويت 116 دولة لصالح دبي والإمارات هو شهادة ثقة عبّر من خلالها العالم عن تقديره لنا، حيث أشار سموه إلى أن التركيز حالياً ينصب على مسؤوليتنا في تقديم نسخة هي الأفضل في تاريخ المعرض وبما يرقى إلى تطلعات الدول التي صوتت لصالح الإمارات.
وفيما يخص الحركة الاقتصادية، وتحديداً فيما يتعلق بمستقبل القطاع العقاري في دبي، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن الحكومة تتبع نهجاً اقتصاديا رشيداً حيث تم اتخاذ التدابير والإجراءات القانونية اللازمة لتفادي حدوث ارتفاع مبالغ فيه في الإيجارات، مؤكدا سموه إدراكه لحقيقة أن البعض ربما يستغل فوز الإمارات باستضافة إكسبو الدولي كذريعة لرفع الأسعار والإيجارات، إلا أن التدابير التي تم اتخاذها ستحول دون ذلك.
وفيما يتعلق بالجانب القانوني، أكد سموه أن الدولة حريصة على تطبيق العدالة في كنف مبدأ سيادة القانون الذي تعليه دائماً كضمانة أساسية لاستقرار المجتمع وحماية مصالح وحقوق أفراده ومؤسساته، مشيراً سموه إلى إدراك الدولة لما يتطلبه التطور السريع على أرضها من ضرورة مواكبته بتطوير وتحديث الأطر القانونية بما يوائم الواقع المُعاش والمستجدات وبما لا يتنافى مع القانون، في حين نوّه سموه أن الدولة لا تتواني في تصحيح أية هفوات ناجمة عن تصرفات فردية وقال: “لم نصل درجة الكمال بعد، ولكننا نبذل أقصى جهدنا”.
وفي سؤال حول الكيفية التي يتعرف بها سموه عن مدى سعادة شعبه، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إن الجميع يمكنهم الوصول إليه عبر هاتفه النقال الذي لم يغيره منذ عشر سنوات.
وتطرق سموه خلال اللقاء إلى الأوضاع الإقليمية الحالية بما في ذلك ما تحتشد به الساحة المصرية من تطورات سياسية متلاحقة، وكذلك الأوضاع في سوريا، علاوة على تطورات الملف النووي الإيراني وتأثيراته المرتقبة.
ورداً على سؤال حول تقييم الأوضاع الحالية في مصر، قال سموه إن مصر الآن أفضل بكثير – في إشارة إلى حالة الدولة العربية الشقيقة في الوقت الراهن مقارنة مع وضعها تحت الحكم السابق – معرباً سموه عن ثقته الكاملة في قدرة الشعب والجيش على تخطي هذه المرحلة الحساسة من تاريخ مصر وصولاً إلى عودة الهدوء والاستقرار، ومؤكداً وقوف دولة الإمارات دائماً إلى جانب الشعب المصري واحترام خياراته.
وفيما أكد سموه استمرار دعم الشعب السوري في محنته، لاسيما اللاجئين الذين اضطروا لهجر ديارهم ومغادرة وطنهم إلى دول الجوار، توقع رحيل النظام الحالي والذي رأى أنه أمر قد يستغرق بعض الوقت ليتحقق، فيما شدد سموه على حفاظ الإمارات على نهجها الدائم في عدم التدخل في شؤون الآخرين.
وفي إجابة عن سؤال وجهه المحاور جون سُبِل حول تقييم سموه للعقوبات المفروضة حالياً على إيران وعما إذا كان الوقت قد حان لرفعها، أعرب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عن أمله في انتهاء أزمة الملف النووي الإيراني بالطرق السلمية، معتبراً سموه أن توصل إيران والغرب إلى اتفاق إيجابي ربما يكون مقدمة مشجّعة لرفع العقوبات عن إيران.
وحول تطورات القضية الفلسطينية، أعرب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن أمله في أن يتم التوصل إلى اتفاق سلام عادل وشامل يساهم في إرساء أسس الأمن والاستقرار في المنطقة، ويكفل تحقيق المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق.
وقد حظى لقاء صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي مع شبكة “بي بي سي العالمية” باهتمام وكالات الأنباء العربية والأجنبية ومختلف وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية، في ضوء المكانة الرفيعة التي يحظى به سموه كقائد عربي له وزنه ولما تتمتع به دولة الإمارات العربية المتحدة من ثقل إقليمي ودولي ولما لسياستها الداخلية والخارجية من احترام وتقدير كبيرين في مختلف الأوساط الدولية.
المصدر: البيان