أكّد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حرص دولة الإمارات على إلهام الحكومات حول العالم لتوظيف الابتكار في إيجاد حلول تثري حياة الإنسان وترتقي بالمجتمعات، مشدداً سموه على أن الحكومات الخلّاقة هي التي توظف التكنولوجيا وتحوّلها إلى ابتكارات تخدم الناس.
جاء ذلك، خلال افتتاح سموّه، أمس، «ابتكارات الحكومات الخلاقة»، التي ينظمها مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي ضمن فعاليات الدورة السابعة للقمة العالمية للحكومات، حيث استعرض سموّه أبرز التجارب الحكومية المبتكرة حول العالم.
وقال سموّه: «الابتكار محرك لمسيرة البشرية، ومحفّز لتطوير القطاعات الحيوية، ولغة عالمية يتشارك أصحابها الشغف بتطوير التجارب والأدوات والحلول للتحديات.. نرى في الابتكار آلية عمل وأداة لتطوير نهج حكومي محوره الإنسان.. نريد من خلال القمة العالمية للحكومات أن نقدم للحكومات خلاصة المعارف والتجارب لتستلهم منها في تطوير تجاربها الخاصة».
وأضاف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «الحكومات الخلّاقة هي التي توظف التكنولوجيا وتحوّلها إلى ابتكارات تخدم الناس.. الحكومات الخلّاقة حكومات أفكار تتبنّى منظوراً واقعياً يسخّر الإمكانات المتاحة في تحقيق الإنجاز.. الحكومات الخلّاقة نماذج تثبت أن الابتكار ليس حكراً على أحد». رافق سموّه، خلال الافتتاح، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل رئيس القمة العالمية للحكومات، محمد بن عبدالله القرقاوي، ووزير الدولة للذكاء الاصطناعي مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات، عمر بن سلطان العلماء، ومساعد المدير العام للاستراتيجية والابتكار في وزارة شؤون مجلس الوزراء، هدى الهاشمي.
التكنولوجيا لتمكين الإنسان
وتجسّد «ابتكارات الحكومات الخلّاقة» التي ينظمها مركز محمد بن راشد للابتكار، للعام الرابع على التوالي، تحت شعار «إرادتك تصنع التغيير»، أهداف القمة العالمية للحكومات في تبنّي الابتكار ركيزة لتطوير الحكومات حول العالم وتحسين جودة حياة الأفراد، وتقدم تسع تجارب ابتكارية حكومية نوعية من تسع دول، هي: الصين، فنلندا، ألمانيا، إندونيسيا، كندا، سنغافورة، باكستان، سويسرا، وهولندا، وتمثل حلولاً لتحديات إدماج اللاجئين، والزراعة، والصحة، وتمكين الإنسان من الاستفادة من الثورة الرقمية وأمن البيانات، وغيرها. وتم اختيار الابتكارات بعد عملية بحث وتقييم بالشراكة بين مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية شملت أكثر من 540 ترشيحاً من 84 دولة، لتعرض ضمن «ابتكارات الحكومات الخلاقة» في القمة العالمية للحكومات.
وتوصلت عملية البحث والتقييم إلى تحديد عدد من التوجهات العالمية الجديدة في مجال الابتكار الحكومي، من ضمنها تركيز الجهود على جعل الحكومة أكثر شفافية، لتعزيز الثقة المجتمعية وتحفيز الابتكار. كما كشفت عملية الدراسة والتقييم أن من أبرز التوجهات الجديدة في الابتكار الحكومي تحول العالم إلى صيغة قابلة للقراءة من الآلات، إذ تجري ترجمة العالم إلى وحدتي «بِت» (bit) و«بايت» (byte) اللتين يُمكن قراءتهما آلياً وإدراجهما ضمن خوارزميات تدعم عمليات اتخاذ القرار وتطوير الخدمات، ما يُعد محفزاً لجيل جديد من الابتكارات التي تتبنى التكنولوجيا الناشئة.
خوارزميات تدمج اللاجئين في المجتمع
وفي ظل تفاقم أزمة اللاجئين حول العالم، قدمت مدينة هامبورغ الألمانية «مشروع إسكان اللاجئين»، لمواجهة التحدي العالمي باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وخوارزميات المحاكاة بالشراكة مع السكان من أجل إيجاد أماكن لاستقبال اللاجئين، بالاستعانة بنماذج الواقع الافتراضي المعزز لتحديد المواقع المتاحة لإسكانهم.
وبهدف تشغيل اللاجئين وتسريع إدماجهم في المجتمع، قدمّت الهيئة السويسرية للهجرة ابتكاراً يوظّف تكنولوجيا البيانات لتحديد أفضل المناطق التي توفر فرص عمل مناسبة، باستخدام خوارزمية مبتكرة لتحديد المناطق التي تتناسب متطلبات العمل فيها مع مهارات اللاجئين وخبراتهم.
خطّط حياتك مع توأمك الرقمي
وابتكرت وزارة المالية الفنلندية التوأم الرقمي «أورورا»، لتمكين سكانها من تحديد توجهات حياتهم الرقمية، من خلال تقديم النصائح للمستخدم، والتنبؤ بمستقبل وظيفته الحالية، وتوفير خيارات لمواكبة التغيرات المهنية المستقبلية، عبر اقتراح سبل تطوير قدرات ومؤهلات كل مستخدم بحسب بياناته.
برمجة المدن بأيدي السكان
وفي إطار الجهود العالمية للحد من تلوث محيطات العالم، أتاحت ثاني أكبر المدن الإندونيسية، سورابايا، لسكانها استخدام الحافلات مجاناً مقابل التزامهم بجمع العلب البلاستيكية بدلاً من إلقائها في النفايات، بما يسهم في تعزيز وعي السكان وشعورهم بالمسؤولية تجاه البيئة، وقد أسهمت هذه التجربة المبتكرة في جمع ما معدله 7.5 أطنان من البلاستيك شهرياً لكل حافلة.
ولجأت مدينة سنغافورة إلى الذكاء الاصطناعي في مراقبة سلوكيات سائقي الحافلات، والتنبؤ باحتمال تسببهم في حوادث مرورية، إذ استخدمت المعلومات الخاصة بأدائهم على الطرق في تطوير خوارزمية للتنبؤ بالحوادث، ثم البناء عليها لإعادة تدريب وتأهيل السائقين حسب كل حالة.
كما طوّرت مدينة تيلبورغ الهولندية تطبيقاً ذكياً بهدف تحسين أمن الطرق في المناطق المزدحمة، ودعم جهود الحكومات لتعزيز أمن مستخدمي الطريق، ومواكبة احتياجات السكان المختلفة، ويعمل التطبيق على تحديد المواقع الجغرافية وإشارات مرور ذكية تعتمد على أجهزة استشعار، لمنح كبار السن وأصحاب الهمم وقتاً إضافياً لعبور الطريق.
مكافآت لتعزيز نمط الحياة الصحي
وفي سبيل تحفيز الناس على زيادة نشاطهم البدني واتباع نمط حياة صحي، طوّرت هيئة الصحة الكندية تطبيق «كاروت ريواردز» الذي يعتمد على نظام المكافآت باستخدام نقاط الولاء عن كل خطوة يخطونها، ونجحت الهيئة خلال عام واحد في زيادة النشاط البدني للأفراد الذين شاركوا فيها بنسبة 34%، ورفع مستوى وعي الأفراد بالمخاطر المترتبة على ضعف مستويات النشاط البدني بنسبة 29%، كما جذبت أكثر من مليون مستخدم. التكنولوجيا في تطوير الزراعة وقدّمت إحدى المؤسسات الصينية المتخصصة في التكنولوجيا البيئية ابتكاراً يعتمد على استخدام الكهرباء في تطوير الأساليب الزراعية، وزيادة إنتاج الغذاء، من دون استنزاف الموارد الطبيعية، ونجحت في زيادة محصول الخضراوات بنسبة 30%، وخفض استخدام المبيدات بنسبة 70-100%، وتقليل استخدام الأسمدة بنسبة تزيد على 20%.
نقل مستدام يحمي البيئة
وتقدّم ابتكارات الحكومات الخلاقة مشروع «النقل المستدام في كراتشي»، الذي طورته المدينة الباكستانية بهدف تعزيز ممارسات حماية البيئة، من خلال تحويل المخلفات الحيوانية إلى غاز عضوي يستخدم وقوداً للحافلات، ما يسهم في تقليل الآثار السلبية لاستخدام الوقود على البيئة.
وتمثل «ابتكارات الحكومات الخلاقة» رحلة استكشافية للتجارب الملهمة، من خلال منصة القمة العالمية للحكومات التي تمثل أكبر مختبر مفتوح لتطوير التجارب وبناء قدرات الحكومات في خدمة الإنسان.
نائب رئيس الدولة:
«نريد من خلال القمّة أن نقدّم خلاصة المعارف والتجارب لتستلهم منها الحكومات في تطوير تجاربها الخاصة».
«الحكومات الخلّاقة نماذج تثبت أن الابتكار ليس حكراً على أحد».
المصدر: الإمارات اليوم