أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن حكومة الدولة بهيكليتها وخططها وبرامجها ومشاريعها هي حكومة المستقبل، ونريد لمجتمعنا بأفراده وأسره ومؤسساته أن يكون كذلك.
وقال سموه في كلمة له بمناسبة اليوم الوطني ال 45 للدولة، إن الاحتفال باليوم الوطني يمنحنا حكومة ومواطنين الفرصة لمراجعة أنفسنا وتقييم أدائنا خلال العام الماضي؛ حيث إن كل عام يشكل قفزة في عمر اتحادنا المديد، مشيراً إلى إضافة إنجازات ونجاحات تعزز رفاهية الشعب وسعادته، وتزيد الدولة قوة ومناعة وأمناً واستقراراً.
وأشار سموه إلى «مواصلة تطوير بنيتنا التحتية والرقمية ومختلف القطاعات الحيوية واقتصاد الدولة نموه، رغم استمرار التباطؤ في الاقتصاد العالمي والتراجع في حركة التجارة الدولية ومواصلة إحراز الإمارات تقدماً مهمّاً في تنويع اقتصادها».
أكد أنه «في عصر «الثورة الصناعية الرابعة» قررنا أن نكون مشاركين وفاعلين إيجابيين.. فنحن حاضرون وبقوة في مقدماتها وتطبيقاتها الأولى، ودورنا في حراكها مطلوب في منطقتنا وعالمنا».
وأضاف سموه: «إننا انطلقنا في ميادين المستقبل نمارس دورنا كما في نموذج حكومة المستقبل بهياكلها ومحتواها وأدواتها، وفي استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل، وفي بناء منظومة عالمية لصناع المستقبل من علماء وخبراء ومحللين، بما يتيح تنسيق الجهود والبرامج وتبادل الخبرات وتعميم الفوائد ومواجهة الأخطار المصاحبة لمستجدات العصر الحديث».
وأكد سموه أن أمامنا مستهدفات أجندتنا الوطنية لنحققها ونعزز التقدم في مؤشراتها.. داعياً إلى تسجيل إنجاز جديد في كل يوم، وأن نعالج بأقصى سرعة وأعلى كفاءة معيقات التقدم أياً كانت، ونسد النقص أينما وجد.
وأعرب سموه عن ثقته بقدرة مجتمعنا على الإسهام بفعالية إيجابية في بناء رأسمالنا البشري المستقبلي، فتقديره للعلم قديم قدم هذه الأرض، وسعيه لتحصيله مشهود، وقد أظهر دائماً قدرة على التكيف مع المتغيرات والاستجابة للتحديات، وهو لن يتأخر عن تبني الممارسات والتقاليد الحاضنة لقيم العصر الجديد، وغرس حب القراءة والاطلاع والمعرفة في نفوس النشء باعتبارها المقدمات الضرورية لإعداد أجيال من الباحثين والعلماء والمبتكرين.
وقال سموه: «أبشركم بأننا نسير بخطى واثقة نحو تحقيق غاياتنا الكبرى في تعزيز مكانة دولتنا وسعادة شعبنا، والمضي بهما إلى أعلى مراتب التقدم والتحضر والرقي».
وفيما يلي نص كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بمناسبة اليوم الوطني ال/45/ للدولة وجهها عبر مجلة «درع الوطن»:
بدأنا نقطف ثمار اتحادنا
بسم الله الرحمن الرحيم.
أيها المواطنون والمواطنات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
أحييكم وأهنئكم وأبارك لكم بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لقيام اتحاد إماراتنا، وأبشركم بأننا نسير بخطى واثقة نحو تحقيق غاياتنا الكبرى في تعزيز مكانة دولتنا وسعادة شعبنا، والمضي بهما إلى أعلى مراتب التقدم والتحضر والرقي.
إن غاياتنا هذه في متناول أيدينا نسعى إليها بتوفيق من الله، معتمدين على عقول وسواعد أبنائنا وبناتنا وإخلاصهم، واثقين بقدراتنا وإمكاناتنا وخبراتنا في مواصلة مسيرتنا التنموية، وبلوغ أعلى مراتب التقدم.
اليوم بدأنا نقطف ثمار اتحادنا.. الذي ترسخ وبات أكثر قوة ومنعة، من خلال عزيمة أبناء وبنات الإمارات وعملهم المخلص وجهودهم الحثيثة لوضع الإمارات على خريطة المستقبل؛ حيث لا حدود لطموحاتهم وتطلعاتهم، مدفوعين بذلك بحبهم للوطن وإخلاصهم لقيادتهم، هذه القيادة التي لا تبخل عليهم بأي شيء وتوفر لهم كل أسباب العطاء والابتكار.
وأرى ثمار اتحادنا المبارك في وجوه طلابنا وطالباتنا، وهم يحيون في الصباح راية بلادنا الخفاقة، وينشدون لوطننا، ويقبلون على تحصيل المعرفة بشغف.. وأراها في وجوه شبابنا وشاباتنا وهم يتسابقون في مضامير العطاء والتميز والإبداع، ويبذلون حتى أرواحهم ليظل وطننا حراً كريماً.
وأراها في منجزنا الوطني الذي يملأ نفوسنا بالفخر والغبطة والتفاؤل، ويزيدنا اعتزازاً بآبائنا المؤسسين رمز دولتنا ومؤسس نهضتنا الحديثة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ورفيق دربه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم شريكه في حلم الاتحاد، وإخوانهما حكام الإمارات، طيب الله ثراهم جميعاً.. إنهم صناع هذا اليوم، وهم حاضرون في كل أيامنا، يلهموننا بقيمهم وثوابتهم ونهجهم وحكمتهم، ويزيدوننا ثقة بقدراتنا على صناعة مستقبلنا، وتحقيق أحلام وطننا وشعبنا.
تخوض المعارك نصرة للحق
أيها المواطنون والمواطنات.. ونحن نحتفل باليوم الوطني الخامس والأربعين، فإن نخبة من أبطال قواتنا المسلحة تشاركنا الاحتفال وهي تلبي نداء الواجب الوطني والإنساني والأخلاقي، وتخوض المعارك نصرة للحق ودفعاً للعدوان عن اليمن الشقيق، وإخماداً لنيران قوى الشر والفتنة قبل أن يتطاير شررها وتشعل الحرائق في منطقتنا وعالمنا العربي.
وتشاركنا احتفالنا اليوم فرق أخرى من أبطال جيشنا وأجهزتنا الأمنية، وأجهزة الحماية المدنية المنتشرة على امتداد رقعة وطننا وفي كل زاوية من زواياه كحائط صد منيع، تسهر على أمنه وسلامته، وتحميه لتظل إماراتنا واحة للأمن والسلام والاستقرار.
وفي كل مكان في العالم يرتفع فيه اسم الإمارات يشاركنا الاحتفال اليوم أبناؤنا الدارسون في الخارج الذين يسعون إلى إثراء رأسمالنا البشري بالعلم والمعرفة، وكوادر سفاراتنا في دول العالم الذين يخدمون وطننا ويحرصون على تمثيل دولتنا أحسن تمثيل.. أتوجه إلى كل هؤلاء الإماراتيين والإماراتيات بالتحية والتقدير وأقول لهم: بمثلكم تزهو الأوطان وتشمخ وتكبر.. ونسأل الله أن تعودوا إلى ذويكم سالمين غانمين وقد أنجزتم مهامكم على أكمل وجه.
إعادة هيكلة مجلس الوزراء
أيها المواطنون والمواطنات.. احتفالنا بالعيد الوطني اليوم يمنحنا -حكومة ومواطنين- الفرصة لمراجعة أنفسنا وتقييم أدائنا خلال العام الماضي، بوصف كل عام يشكل قفزة في عمر اتحادنا المديد.. وأحمد الله أننا تمكنا من إضافة إنجازات ونجاحات تعزز رفاهية شعبنا وسعادته، وتزيد دولتنا قوة ومناعة وأمناً واستقراراً.. فقد واصلنا تطوير بنيتنا التحتية وبنيتنا الرقمية ومختلف قطاعاتنا الحيوية.. وواصل اقتصادنا النمو على الرغم من استمرار التباطؤ في الاقتصاد العالمي والتراجع في حركة التجارة الدولية. وأحرزنا تقدماً مهماً في تنويع اقتصادنا.
وفي شهر فبراير/ شباط الماضي بادرنا بإعادة هيكلة مجلس الوزراء؛ استجابة منا للتحديات الكبرى التي يواجهها عالمنا، وتؤثر في كل جوانب حياتنا وطبيعة أعمالنا، وتغير مسارات التنمية المتعارف عليها لتحل محلها مسارات جديدة ظهرت ملامحها وتحددت اتجاهاتها؛ حيث تكسب تطبيقاتها كل يوم مساحات جديدة.
وقد استلهمنا في إعادة الهيكلة معطيات الواقع وآفاق المستقبل.. واستفدنا من تحالفنا في وقت مبكر مع الاتجاهات العالمية الصاعدة في العلوم والاقتصاد والطاقة والاتصالات ونجاحنا في مواكبة صعودها وإدراجها في مسارات التنمية الشاملة.
ومع اعتماد أخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، ومباركة أخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظهما الله، للهيكلة والتشكيل الوزاري انطلقنا في ورشة عمل كبرى لوضع الأهداف المرجوة من إعادة الهيكلة في خطط وبرامج عمل ومشاريع ومبادرات.. وهو ما تحقق في وقت قياسي بفضل كفاءة قياداتنا الحكومية الشابة وفرق العمل المتخصصة في كل الوزارات.
مصالح وطننا العليا
وبطبيعة الحال.. فإن العناوين العريضة لأهداف الحكومة ومهامها لا تتغير؛ إذ يظل شغلنا الشاغل معقوداً في العمل على تحقيق كل ما يخدم مصالح وطننا العليا، من خلال تعزيز قوتنا الذاتية وتوطيد أمن واستقرار بلدنا، والسهر على توفير احتياجات أبناء شعبنا وضمان رفاهيتهم وسعادتهم، وتوفير البيئة المؤاتية لتحقيق الإنجازات، وفي القلب منها تمكين أبناء وبنات الإمارات وتنمية مهاراتهم.
وهكذا فإن التغيير المستهدف من إعادة هيكلة مجلس الوزراء هو في واقع الأمر تطوير وتجديد في الأدوات والأساليب والأفكار لندخل العصر الجديد بثقة وقوة.. وإذا كان هذا العصر يحمل عنوان «الثورة الصناعية الرابعة» فإن دلالة هذا العنوان تشير إلى ضخامة حجم التغيير الآتي وعمق تأثير مستجداته في كل مجالات التنمية ومساراتها، بما يفرض على الدول والحكومات والمجتمعات أن تباشر تغيير نفسها على الفور، فمن غير الممكن العبور إلى العصر الجديد بأدوات الماضي وأساليبه وطرق العمل والتفكير السائدة فيه، كما يفرض عليها أن تكون متأهبة طوال الوقت.
بناء منظومة عالمية لصناع المستقبل
أيها المواطنون والمواطنات.. حكومتنا اليوم بهيكليتها وخططها وبرامجها ومشاريعها هي حكومة المستقبل.. ونريد لمجتمعنا بأفراده وأسره ومؤسساته أن يكون كذلك.
في عصر «الثورة الصناعية الرابعة» قررنا أن نكون مشاركين وفاعلين إيجابيين.. فنحن حاضرون وبقوة في مقدماتها وتطبيقاتها الأولى، ودورنا في حراكها مطلوب في منطقتنا وعالمنا.. وقد انطلقنا في ميادين المستقبل نمارس دورنا.. كما في نموذج حكومة المستقبل بهياكلها ومحتواها وأدواتها وفي استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل، وفي بناء منظومة عالمية لصناع المستقبل من علماء وخبراء ومحللين، بما يتيح تنسيق الجهود والبرامج وتبادل الخبرات وتعميم الفوائد ومواجهة الأخطار المصاحبة لمستجدات العصر الحديث.
وفي سعينا نحو المستقبل.. ندرك أن درجة نجاحنا في تأمين مكان بارز وريادي لدولتنا في هذا المستقبل تعتمد على كفاءتنا في استشرافه وعلى كفاءة كل قطاعاتنا الحكومية والخاصة في مواكبة متغيرات المستقبل والتكيف مع مقتضياتها في الوقت المناسب، وهذه متاحة بعد أن بات التغيير جزءاً من ثقافتنا وعلى نجاحنا في بناء رأسمالنا البشري المستقبلي.
وفي حديثنا عن رأسمالنا البشري المستقبلي نتحدث عن أطفالنا وأجيالنا الشابة، فهم أصحاب المستقبل وهم أبطاله.. ونريدهم أن يكونوا فاعلين إيجابيين فيه بامتلاكهم أدواته وإتقانهم لغته التي مفرداتها العلم والمعرفة والبحث والابتكار، وتمثلهم قيمه في الانفتاح والتسامح والعمل بروح الفريق.
لقد عنيت دولتنا منذ تأسيسها ببناء الإنسان الإماراتي المتعلم والمعتز بهويته وتراثه والمنفتح على ثقافات العالم وتجاربه.. وقد وضعت حكومتنا الاستراتيجيات والخطط والأطر والسياسات والبرامج التي تعزز وتطور جهود بناء إنساننا وتؤهله للمشاركة الفعالة في صنع مستقبله وتدعم جهود مجتمعنا للنهوض بمسؤولياته في بناء رأسمالنا البشري المستقبلي.
إعادة هيكلة قطاع التعليم
وفي هذا السياق جاءت إعادة هيكلة قطاع التعليم ليكون قادراً على تسليح شبابنا وشاباتنا بمهارات المستقبل وتنشئة أطفالنا متآلفين مع الأبحاث والمختبرات والمكتبات، وفي هذا السياق أيضاً أطلقنا قانون القراءة والبرنامج الوطني للتسامح والأجندة الوطنية للشباب والبرنامج الوطني للسعادة ومجلس علماء الإمارات وصندوق الابتكار وملتقى إنتاج المعرفة، وذلك من أجل تهيئة بيئة تساعد أجيالنا الشابة على تحقيق ذواتهم وإطلاق قدراتهم القيادية وصقلها، وتعزيز روح المبادرة والريادة في نفوسهم.
وأنا واثق بأن مجتمعنا سيسهم بفعالية إيجابية في بناء رأسمالنا البشري المستقبلي، فتقديره للعلم قديم قدم هذه الأرض، وسعيه لتحصيله مشهود، وقد أظهر دائماً قدرة على التكيف مع المتغيرات والاستجابة للتحديات، وهو لن يتأخر عن تبني الممارسات والتقاليد الحاضنة لقيم العصر الجديد، وغرس حب القراءة والاطلاع والمعرفة في نفوس النشء، باعتبارها المقدمات الضرورية لإعداد أجيال من الباحثين والعلماء والمبتكرين.
مستهدفات أجندتنا الوطنية
أيها المواطنون والمواطنات.. نحن على موعد قريب مع اختبار مهم سنعرف من نتيجته مكاننا ومكانتنا في عصر الثورة الصناعية الرابعة..هذا الموعد الذي يحل بعد خمس سنوات هو يومنا الوطني الخمسون الذي تعاهدنا على أن نحتفل فيه بانضمام دولتنا إلى الصف الأول للدول والشعوب الأكثر تقدماً وسعادة.
وسنفي بتوفيق الله وهمة شبابنا وشاباتنا بعهدنا لوطننا.. نحشد قدراتنا ونضاعف جهودنا ونرفع كفاءة أدائنا في كافة الوزارات والمؤسسات الاتحادية والدوائر المحلية، ونسرع إنجاز المشاريع والبرامج المدرجة في خططنا، بما يواكب كل جديد في أفضل الممارسات العالمية.
أمامنا مستهدفات أجندتنا الوطنية لنحققها ونعزز التقدم في مؤشراتها.. وعلينا أن نسجل في كل يوم إنجازاً جديداً، وأن نعالج بأقصى سرعة وأعلى كفاءة معيقات التقدم أياً كانت ونسد النقص أينما وجد.
لقد ركزت حديثي إليكم اليوم أبناء وبنات وطني على موضوع المستقبل وملامح العصر الجديد؛ لأني أريد من كل مواطن ومواطنة أن يضع هذا الموضوع على رأس اهتماماته، وأن يعمل بدأب على تطوير قدراته ومهاراته ومعارفه.. فالتغيير المقبل يتيح مكاناً فقط للكفاءات عالية التأهيل، ويترك لمن يفتقرون إلى التأهيل المناسب الهوامش والأعمال الثانوية، فوفق بعض الدراسات فإن 65 في المئة من أطفال المدارس اليوم سيعملون في نهاية المطاف في وظائف ليست موجودة على أرض الواقع الآن، والخبراء يتحدثون عن عشرين سنة على الأكثر يصبح فيها العصر الجديد واقعاً قائماً لتتغير معه أساليب إدارة الحكومات والشركات والصناعة والزراعة والمواصلات والخدمات.
أيها المواطنون والمواطنات.. في الختام أجدد تهنئتي لكم باليوم الوطني الخامس والأربعين، وأهنئ معكم أخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخواني أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حفظهم الله جميعاً.
والحمد لله الذي هدانا بهديه، وأسبغ علينا نعمه وجمعنا على الحق ووفقنا في خدمة وطننا وشعبنا.
المصدر: الخليج