أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن النظر للمستقبل واستشرافه وصناعته لم يعد مفهوماً نظرياً، وإنما عامل أساسي لضمان بقاء الدول في دائرة التنافسية العالمية.
وأضاف سموه «صناعة المستقبل لا تبنى على الاحتمالات والأرقام بقدر ما تبنى على وضوح الرؤية والتخطيط والعمل والتنفيذ، مؤكداً أن العلوم والتكنولوجيا تغير مسار العالم بوتيرة متسارعة، ولابد أن نختار إذا ما أردنا لعب دور المؤثرين أم نكتفي بدور المتأثرين».
وقال سموه «دبي تمتلك البنية التحتية المتطورة والقوانين التشريعية المناسبة التي تؤهلها لتكون مركزاً عالمياً لصناعة المستقبل على صعيد المنطقة والعالم، كما أن استشراف المستقبل ليس عليها بجديد ولها من التجارب والمحطات المهمة في مجال الطيران والتجارة والخدمات المالية والتكنولوجيا ما يثبت ذلك».
وأضاف سموه «أسس العرب والمسلمون بيت الحكمة في القرن التاسع الميلادي ليكون نموذجاً عالمياً، ومنارة للعلوم وجامعاً للمبتكرين من شتى بقاع الأرض، واليوم نحن بأمس الحاجة لبيت للحكمة في القرن الحادي والعشرين نعيد به أمجاد الماضي، ونواكب المتغيرات، ونستشرف من خلاله المستقبل ونصنعه ونبتكر لخدمة الإنسانية.
وها نحن نقف اليوم بعد أكثر من ألف سنة لنعيد إحياء بيت الحكمة من خلال مؤسسة دبي للمستقبل لنشكل بها منارة للعلوم وجامعة للعقول».
جاءت تصريحات سموه خلال الإعلان عن إطلاق مؤسسة دبي للمستقبل كمؤسسة وقف بحثي مستقلة، واعتماد سموه «لأجندة المستقبل» كإطار عمل استراتيجي لعملها وذلك قبل ظهر أمس، بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي، ومعالي محمد بن عبدالله القرقاوي نائب رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب لمؤسسة دبي للمستقبل وسيف العليلي الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل.
أجندة دبي
وقال سموه في نفس السياق، «نطلق اليوم مؤسسة دبي للمستقبل، ونتطلع لمرحلة جديدة تلعب فيها المؤسسة الجديدة دوراً محورياً في استشراف وصناعة المستقبل في إمارة دبي..كما أطلقنا أجندة دبي المستقبل لتعمل المؤسسة من خلالها، وبالتعاون مع كافة الجهات الحكومية والخاصة في استشراف وصناعة مستقبل القطاعات الاستراتيجية على المدى المتوسط والبعيد».
وأضاف سموه «أجندة المستقبل ستركز على دعم وتطوير الأفراد والمؤسسات والقطاعات وتتضمن إطلاق ما يزيد على 20 مبادرة ذات بعد مستقبلي لتحقيق الريادة والأسبقية لدولة الإمارات ودبي».
وقال سموه، «وجهنا الجهات الممثلة في المؤسسة بتأسيس مختبرات للمستقبل لتحليل التحديات الاستراتيجية المستقبلية للقطاعات المختلفة والقيام بابتكار نماذج وحلول وتكنولوجيا لحل هذه التحديات بالشراكة مع الشركات والمؤسسات البحثية العالمية..
كما وجهنا بإنشاء حاضنات المستقبل لنعيد ابتكار دور حاضنات الأعمال ونفعل دور الشركات الناشئة في مجال استشراف المستقبل ودعم توجهات الحكومة في القطاعات المختلفة».
كما اعتمد سموه إنشاء صندوق وقف المستقبل بقيمة مليار درهم وضمه للمؤسسة، وذلك للاستثمار في الابتكار وصناعة المستقبل ضمن القطاعات ذات الاهتمام الاستراتيجي لدولة الإمارات.
واعتمد سموه كذلك، برنامج مدن المستقبل كإطار عمل لإطلاق الاستراتيجيات والمشاريع التجريبية والبحثية ذات البعد المستقبلي والهادفة لتحقيق الأسبقية العالمية لدولة الإمارات ودبي، وخلق نموذج يمكن الاستفادة منه عالمياً في مجال مدن المستقبل بجميع مكوناتها: الطاقة، المواصلات، البنية التحتية وغيرها.
حمدان بن محمد رئيساً لمجلس الأمناء
وسيكون للمؤسسة الجديدة مجلس أمناء برئاسة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، كما تم تعيين معالي محمد عبدالله القرقاوي نائبا لرئيس مجلس الأمناء وعضواً منتدباً للمؤسسة، فيما تم تعيين سيف عبدالله العليلي رئيساً تنفيذياً للمؤسسة الجديدة.
تعزيز موقع دبي في استشراف المستقبل
وتشمل أجندة المستقبل ثلاثة محاور رئيسة وهي: الأفراد والمؤسسات والقطاعات، حيث تهدف ضمن محور الأفراد إلى بناء وتعزيز قدرات الأفراد على صناعة المستقبل.. كما تهدف ضمن محور المؤسسات إلى تمكين المؤسسات من قيادة الابتكار واستشراف المستقبل ضمن قطاعاتها.. كما تهدف الأجندة إلى دعم وتعزيز دور قطاعات المستقبل في الاقتصاد الوطني من خلال محور القطاعات.
تعزيز دور الأفراد في صناعة المستقبل
يهدف محور الأفراد ضمن أجندة المستقبل بشكل رئيس إلى بناء القدرات وبناء الثقافة والمعرفة وبناء المجتمعات، حيث سيتم إطلاق باقة من المبادرات والبرامج التدريبية خلال الفترة القادمة تستهدف الأفراد من موظفي الحكومة والقطاع الخاص داخل الدولة وخارجها بهدف تأهيلهم وتحضيرهم لقيادة المستقبل، واستشراف مستقبل القطاعات ذات الاهتمام الاستراتيجي.
كما ستعمل مؤسسة دبي للمستقبل ضمن هذا المحور على تطوير المبادرات التي تم إطلاقها خلال الفترة الماضية، مثل مبادرة «مرصد المستقبل»، وهي منصة علمية معرفية متجددة بشكل يومي لنشر التقارير والمواد المرئية حول مستجدات علوم المستقبل، وآخر الابتكارات في القطاعات الاستراتيجية، وتقرير «مدارس المستقبل» الذي يستشرف مستقبل المنظومة التعليمية على المدى القريب والمتوسط، من خلال إعادة تعريف مكونات النظام التعليمي من معلمين وطلبة وبنية تحتية ومناهج.
دور المؤسسات في صناعة مستقبل القطاعات
كما ستركز أجندة المستقبل على إشراك مختلف المؤسسات من القطاعين العام والخاص في تحقيق مستهدفاتها من خلال العمل على تأسيس فرق ضمن الجهات الحكومية، تحت مسمى «فرق المستقبل» تتخصص في بحث ونمذجة وتطبيق أهم وأحدث التكنولوجيا المستقبلية في القطاع المعني.. كما سيتم من خلال هذا المحور تأسيس «مختبرات المستقبل» المتخصصة في تحليل التحديات الاستراتيجية للقطاع الحكومي والقيام بابتكار نماذج وحلول وتكنولوجيا لحل هذه التحديات بالشراكة مع الشركات والمؤسسات البحثية العالمية.
تأسيس قطاعات المستقبل
سيركز المحور الثالث للأجندة على دعم وتعزيز دور قطاعات المستقبل القائمة على الابتكار والعلوم والتكنولوجيا في الاقتصاد الوطني من خلال
أربعة برامج رئيسة:
البرنامج الأول يتم من خلاله تنظيم المعارض التفاعلية ذات الطابع المستقبلي داخل الدولة وخارجها لاستشراف ونمذجة مستقبل القطاعات على المدى البعيد، وطرح المفاهيم التي من شأنها أن تعيد ابتكار هذه القطاعات مثل متحف المستقبل السنوي والذي يقام ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات.
أما البرنامج الثاني، فهو برنامج شركاء المستقبل، والذي سيتم من خلاله بناء شبكة من الشركاء العالميين في مجالات الابتكار والبحث والتطوير. كما سيتم ضمن هذا المحور تأسيس الشركات المتخصصة في مجال الاستشارات ونمذجة وتصميم المستقبل إضافة إلى إطلاق المبادرات المشتركة مع الشركات العالمية واللاعبين الرئيسيين في مجال الابتكار والبحث والتطوير حول العالم.
وسيتم من خلال البرنامج الثالث «برنامج مدن المستقبل»، وبالتعاون مع الجهات الحكومية إطلاق استراتيجيات تخصصية ومشاريع تجريبية وبحثية تحقق الأسبقية العالمية لدولة الإمارات ضمن قطاعات الابتكار الرئيسة.
وأخيراً سيتم من خلال البرنامج الرابع «برنامج صناعة المستقبل» تأسيس قطاعات جديدة ذات قيمة مضافة اقتصادياً واجتماعياً وذلك من خلال مبادرات مثل: حاضنات المستقبل وصندوق وقف المستقبل الاستثماري، والذي اعتمده صاحب السمو وبقيمة مليار درهم.
متحف المستقبل
كما سيتم ضم متحف المستقبل الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم العام الماضي لمؤسسة دبي للمستقبل حيث يعتبر المتحف أحد أهم المشاريع التي ستعمل المؤسسة على استكمال تنفيذه في الفترة القادمة، كما سيشكل مبنى المتحف المقر الرئيس للمؤسسة الجديدة، وستنقل مختبرات المستقبل إلى مبنى المتحف عند اكتماله كما سيضم المتحف معرضاً دائماً لاختراعات وابتكارات المستقبل.
ويقع المتحف على شارع الشيخ زايد ضمن حرم أبراج الإمارات، ويمثل تحفة معمارية فريدة من نوعها تضم تقنيات جديدة سيتم تطويرها خصيصا للمبنى الذي سيشكل لوحة فنية كبيرة على شارع الشيخ زايد.
مبادرات ومشاريع وشراكات عالمية
وكان متحف المستقبل وخلال الفترة السابقة قد وقع العديد من مذكرات التفاهم مع مجموعة من الجهات الحكومية والشركات العالمية والمؤسسات الأكاديمية والمنظمات العالمية ومنها، مركز محمد بن راشد للفضاء وجمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونيات العالمية ومؤسسة شنزن للتعاون الدولي ومنظمة اليونيسكو ومعهد الآثار الرقمية البريطاني وشركة جنرال إلكتريك وغيرها.
كما أشرف المتحف على العديد من المبادرات التي لاقت نجاحا كبيرا على الصعيد الدولي خلال الفترة الماضية، ومنها جائزة الإمارات للطائرات بدون طيار لخدمة الإنسان، وجائزة الإمارات للروبوت والذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان، فضلاً عن مشروع أول مبنى مكتبي على مستوى العالم ستتم طباعته بالكامل بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد بدبي.
كما قام المتحف كذلك بتأسيس المجلس العالمي للتعاملات الرقمية، والذي يضم تحت مظلته 42 جهة حكومية وخاصة من شركات عالمية وشركات ناشئة ومصارف رائدة، وذلك بهدف بحث أفضل التطبيقات لتكنولوجيا «البلوك تشين»، حيث يضطلع المجلس بتنظيم مؤتمر عالمي حول هذه التكنولوجيا والإشراف على مجموعة من المشاريع التجريبية في مجال العقود الذكية، والتي تتصف بالكفاءة والفعالية.
المصدر: الاتحاد