أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تولي العلم والعلماء أهمية ضمن أهدافها الاستراتيجية، لما لهم من دور بارز ورئيس في دعم توجهات الدولة، وتقديم المشورة العلمية والتخصصية في مشاريعها، باعتبارهم ثروة وطنية تراهن عليهم في مسايرة ركب العالم المتطور.
وقال سموه: «نهضة أي مجتمع وأمة تكمن في الاستثمار والارتقاء بقدرات علمائها ومفكريها وتوظيفها بشكل فاعل في تقدمها ونهضتها»، مضيفاً سموه: «أطلقنا مَجمع محمد بن راشد للعلماء، المشروع الوطني الأول من نوعه عربياً، والذي سيكون المنصة الحاضنة لعلماء المنطقة كافة، والبيئة المحفزة للبحث والإنتاج العلمي واستشراف المستقبل».
جاء ذلك، خلال حضور سموه جانباً من الاجتماع السنوي الأول لمجمع محمد بن راشد للعلماء، والذي عُقد في متحف الاتحاد بدبي، بحضور نخبة من العلماء والمتخصصين من مختلف التخصصات العلمية من المجتمع العلمي في دولة الإمارات، وقد خُصصت أجندته لمناقشة عدد من التحديات العلمية ضمن ثلاثة محاور رئيسة، وذلك لصياغة مبادرات استراتيجية للمسيرة العلمية في الدولة، والعمل على خلق مجتمع علمي، وصولاً لمئوية الإمارات 2071.
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بهذه المناسبة: «هدفنا إحياء روح الإنتاج العلمي لخدمة الإنسانية، وتعزيز دور العلماء في المسيرة التنموية للدولة، وتشجيع الأبحاث، وخلق مجتمع إماراتي علمي من مختلف التخصصات العلمية».
وأضاف سموه: «منطقتنا زاخرة بإرث وتاريخ وعلماء أضافوا الكثير للإنسانية، واليوم نريد علماء شباباً يواصلون الإنجازات، ويقودون مسيرة الدولة التنموية والمرحلة المقبلة نحو مئويتنا».
حضر الاجتماع، سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، وسمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران المدني الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات، وسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، ومعالي محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، ومعالي سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة دولة، رئيس مجلس علماء الإمارات، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين.
ميدالية محمد بن راشد للتميز العلمي
وكرّم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على هامش الاجتماع الفائزين بميدالية محمد بن راشد للتميز العلمي، وهي أرفع ميدالية وطنية تكرم أهل العلم من أصحاب الإنجازات والإسهامات في مختلف المجالات، وتمثل شرفاً علمياً رفيعاً لتكريم العلماء، وتعزيز مكانتهم في المجتمع، بحيث يصبح صاحبها قدوة ومصدر فخر للوطن.
وقال سموه بهذه المناسبة: «ميدالية التميز العلمي تكريم للعلم والعلماء، فهُم الداعم الرئيس للحكومة نحو تحقيق أهدافها وريادتها عالمياً».
وتعد ميدالية محمد بن راشد للتميز العلمي مبادرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لتكريم العلماء والباحثين المتخصصين من أصحاب الإنجازات والإسهامات في مختلف المجالات، وتهدف لتكريم أهل العلم من الطلبة والعلماء والباحثين، وتعزيز مكانة العلم في المجتمع، بحيث يصبح العالم والباحث والمخترع قدوة ومصدر فخر الوطن، بالإضافة إلى تشجيع وخلق بيئة تحفز على الابتكار والبحث العلمي، وتأهيل جيل من العلماء والباحثين الإماراتيين، خاصة من فئة الشباب.
وحاز الميدالية هذا العام كل من الدكتور سعيد الخزرجي من دولة الإمارات، والدكتور حسان عرفات من المملكة الأردنية الهاشمية لإسهاماتهما في المجال العلمي والتطوير البحثي.
فقد كرّس الدكتور سعيد الخزرجي أبحاثه العلمية لخدمة وطنه، لاسيما في تقنيات المياه العذبة، والتي يمكن للدولة الاستفادة منها بشكل كبير، حيث اخترع جهازاً له القدرة على امتصاص المياه من رطوبة الجو في حاويات مخصصة من دون الحاجة للطاقة الكهربائية، وباستخدام مادة كيميائية ذات استجابة حرارية خاصة، تمكّنه من امتصاص جزيئات الرطوبة من الهواء عند انخفاض درجات حرارة الجو، وإطلاقها تلقائياً على هيئة مياه عند ارتفاع درجات الحرارة، بحيث يمكن الاستفادة من هذه المياه في ري المحاصيل الزراعية، ما يحدّ من ظاهرة نضوب مياه الري في بعض المناطق الزراعية في الدولة، علاوة على أن هذا الاختراع يخفف من نسبة الرطوبة في الأماكن التي يُستخدم فيها.
وحصل الخزرجي على جائزة راشد للتفوق العلمي في دورتي العام 2008 و2012، وله قرابة خمسين مقالاً علمياً منشوراً في مجلات علمية مرموقة، تتناول مواضيع علمية متنوعة.
وبدأ الدكتور سعيد آل حسن الخزرجي مسيرته العلمية في عام 1999، حيث تخصص في الهندسة الكيميائية، ونبغ في التحصيل العلمي، حتى حصل على شهادة الدكتوراه في عام 2011 من الولايات المتحدة الأميركية، ويعمل حالياً أستاذاً مساعداً في الهندسة الكيميائية، ومدير مركز أبحاث الغاز في المعهد البترولي بأبوظبي التابع لجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث.
أما الدكتور حسّان عرفات، فله إسهامات عديدة في مجال تطوير التكنولوجيات الخاصة بتحلية المياه ومعالجتها بالاعتماد على الطاقة المتجددة، وبما يتماشى مع التوجهات والأهداف الوطنية، وذلك بالتعاون مع باحثين من معهد مصدر في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا بأبوظبي وباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، حيث عمل الدكتور عرفات على تطوير أسلوب جديد لتحلية المياه يسمى بالتقطير الغشائي، والذي يسمح بإنتاج المياه العذبة من مياه البحر باستخدام طاقة حرارية منخفضة، وبما قد يسهم مستقبلاً في توفير حل منخفض التكلفة وفعال لاحتياجات المستخدمين في المناطق النائية.
اشتهرت إسهامات الدكتور عرفات في مجال تحلية المياه على الصعيد الدولي، وأصدر كتاباً حول تحقيق الاستدامة في تحلية المياه هو الأول حول هذا الموضوع في العالم، كما ساهم بأكثر من 220 مقالة علمية منشورة في مجلات دولية متخصصة ومؤتمرات عالمية، وحصل على براءتي اختراع من الولايات المتحدة، في عام 2015 وعام 2017، لتقنيات خاصة بتحلية المياه، كما أشرف الدكتور عرفات خلال مسيرته المهنية على 29 من طلاب الدراسات العليا وباحثي ما بعد الدكتوراه.
وحصل الدكتور عرفات على شهادة الدكتوراه في الهندسة الكيميائية من جامعة سينسيناتي بولاية أوهايو الأميركية، والبكالوريوس في الهندسة الكيميائية من الجامعة الأردنية في موطنه الأردن، ويعمل حالياً أستاذاً جامعياً برتبة بروفيسور في قسم الهندسة الكيميائية في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث بأبوظبي، ويترأس مجموعة بحوث الأغشیة وتحلية المياه المستدامة فيها.
تعزيز مكانة الإمارات
من جانبها، أشارت معالي سارة بنت يوسف الأميري إلى أن الاجتماع السنوي لمجمع محمد بن راشد آل مكتوم يأتي استجابة لرسالة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والتي وجهها مؤخراً للمجتمع العلمي في الإمارات والتفاعل معها، حيث تتمحور النقاشات والمحاور كافة حول تعزيز موقع ومكانة الإمارات في المجتمع العلمي العالمي، والإنتاج المعرفي، وبما يدعم تحقيق مئوية الإمارات 2071.
وحول الميدالية، أكدت الأميري، أن ميدالية محمد بن راشد للتميز العلمي، تكريم لأفضل الإنجازات والأبحاث في التخصصات العلمية، وهي أسمى درجات التكريم الوطني لمن يساهمون في خدمة العلم والإنسانية، وتقديم حلول مبتكرة للتحديات العلمية.
وفيما يختص باختيار الفائزين، ذكرت الأميري: «تم اختيار الفائزين لهذا العام من خلال لجنة متخصصة من العلماء، والتي قامت بتقييم المرشحين، وقد تم اختيار الفائزين من ضمن 50 عالماً ومتخصصاً، وفقاً للمعايير المعتمدة في المجمع، فيما سيستمر التكريم خلال السنوات المقبلة».
ويتم منح الميدالية سنوياً للعلماء والباحثين الذين كانت لهم إسهامات في المجتمع العلمي محلياً وعالمياً، وكان لإنتاجهم البحثي دور في إثراء الساحة العلمية على مختلف الصعد.
الاجتماع السنوي
يأتي الاجتماع السنوي لمجمع محمد بن راشد للعلماء، استجابة لرسالة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والتي وجهها للمجتمع العلمي في الإمارات، حيث تم تخصيص ثلاثة محاور رئيسة لجلسات محور العلوم الصحية، ومحور الهندسة والتكنولوجيا، ومحور العلوم الطبيعية، للخروج بمبادرات ووضع التصورات، وتطوير خطط ومبادرات علمية، وبما يسهم في تحقيق الاستراتيجيات والأهداف الوطنية، ويثري الساحة العلمية محلياً وعالمياً.
ففي محور العلوم الصحية، تمت مناقشة احتياجات وتحديات القطاع الصحي لدولة الإمارات، وكيفية إسهامها في تحقيق رؤية القيادة العليا، وفرص التنمية وآلية الاستثمار فيها، إلى جانب توظيف الذكاء الاصطناعي والابتكار في البحوث العلمية وتوظيفها بشكل استراتيجي ومنهجي.
كما تناول محور الهندسة والتكنولوجيا ضمن جلساته عدداً من المواضيع العلمية، توزعت حول التكنولوجيا الحيوية، وتطوير البنية التحتية الصناعية والتكنولوجيا، إلى جانب العلوم الرقمية والتطبيق، وعلوم الاستدامة والتطبيقات، كما ناقش الحضور التحديات التي يواجهها قطاع العلوم والتكنولوجيا في الدولة، وبحث سبل تطويره.
وتضمن محور العلوم الطبيعية ضمن الجلسات مناقشة عدد من الأطروحات والتساؤلات العلمية، ووضع تصورات حول كيفية إسهام مجالات العلوم الخاصة في تحقيق رؤية الإمارات للاكتشاف العلمي، وآلية استقطاب العلماء للانضمام إلى مجتمع العلوم الطبيعية في دولة الإمارات، إلى جانب تطوير سياسات جديدة تساعد على الابتكار وتشجيع البحوث العلمية.
وقد تم استعراض النقاشات والأفكار كافة في ختام الجلسات، وعرض حزمة من المبادرات والمشاريع التي من شأنها تطوير سياسات وبرامج في المجال العلمي، وسيقوم المجمع بدراستها، والإعلان عنها خلال الفترة القادمة.
مجمع محمد بن راشد للعلماء
ويعتبر مجمع محمد بن راشد للعلماء، أحد مبادرات مجلس علماء الإمارات، والذي تم الإعلان عنه ضمن خطة ومبادرات المجلس، بهدف إيجاد مجتمع علمي في الدولة من مختلف التخصصات، وتعزيز دور العلماء في مسيرة الدولة التنموية، إلى جانب استشراف تطور المجالات العلمية والتكنولوجية لصناعة مستقبل، ويضم المجمع نخبة من العلماء والباحثين من المجتمع العلمي، بحيث يتم إنشاء قاعدة علمية ومعرفية، وبناء قدرات بحثية وطنية، فيما يكون الانتساب إلى المجمع شرفاً علمياً.
المصدر: الاتحاد