نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام»، أمس، قصيدة جديدة بعنوان «إجرام»، تناول في ثناياها مشاعر المسلمين المصدومة حيال المساعي الآثمة، التي حاولت أن تنال من أمن بيت الله المحرم في العشر الأواخر من رمضان، من خلال عملية تفجير بحزام ناسف، رصدته سلطات الأمن السعودية بكفاءة واقتدار، وأفشلته بعيداً عن رحاب الكعبة المشرفة، فحقن الله بذلك دماء الأبرياء من المعتمرين وزوار بيت الله المشرف.
القصيدة حملت معاني الإسلام السامية، الداعية إلى السلام وإلى ردع كل من يعبث بأمن عباد الله الصالحين وحرم الله الآمن. وفيما يلي قراءات متنوعة في القصيدة التي دعت شرائح المجتمع إلى تحمل مسؤوليتها والوقوف صفاً واحداً ضد الضلال، ومن أجل صد الاعتداء بالحجة والبرهان والنفس والنفيس، لتكون مقدسات المسلمين خطاً أحمر لا مجال فيه للمساومات والعبث.
بنور البصيرة وقلب المؤمن المخلص، وفي أيام مباركات، ينظر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى ما حدث أخيراً من سعي مشؤوم نحو زعزعة الأمن في رحاب بيت الله العتيق بمكة المكرمة، بواسطة من سولت له نفسه الاعتداء على حرم الله الآمن، في الشهر الفضيل وفي العشر الأواخر منه، حيث يتحرى المتقون ليلة القدر، الأمر الذي شف عن فقدان للضمير والإحساس بقيمة السلام وشعائر الله تعالى، مدفوعاً بفكر متآمر ضد الحق والحقيقة، فيصوغ لذلك سموه أبياتاً شعرية رصينة وقمينة بالسبر والتعمق في أغوار الفكر المضطرب.
كيف لا وقد كانت الصدمة كبيرة في نفوس المسلمين، أينما كانوا حول الأرض، لما للكعبة المشرفة من قيمة روحية لا تضاهى، ولذلك عبّر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بشعره المرهف عن تلك المشاعر بصدق ظاهر منذ أن سمى المحاولة الآثمة باسمها الصحيح الذي تستحقه بالفعل «إجرام»، حيث جاء في مستهل القصيدة التي نشرت أمس لتسرد قيمة هذا البيت المعظم منذ جاهلية العرب:
كانوا العرَبْ في الجاهليِّهْ والإسلامْ
يـحـمـونْ بــيـتْ اللهْ ونـــاسٍ تــزورَهْ
وكـانوا عـلىَ شـركْ وعبادهْ للأصنامْ
يـاغـيرْ حــبْ الـبيتْ وأمـنهْ ضـرورَهْ
يـحـمـونْ حـجَّـاجهْ ويـغـدونْ خــدَّامْ
ويــعـظِّـمـونِـهْ وآمـــنـــاتٍ طـــيـــورَهْ
بهذه المقدمة المنطقية الدالة التي تمهد للقول المراد – كما تفعل الملاحم الكبرى – يبدأ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قوله الشعري، ليصف لاحقاً ما جرى من تنكر وتمرد على الميثاق المغلظ الذي بين الله وعباده، وهو أن يجعلوا بيته حرماً آمناً وطاهراً للطائفين والعاكفين والركّع السجود إلى يوم الدين، وهو ميثاق رعاه حتى الكفرة الفجرة قبل الإسلام، فكيف يجيء بعدهم من يدعي الإسلام ومع ذلك يسعى إلى خراب بيت الله عز وجل في خير الشهور والأيام، ويجد من يسوغ له هذا الفعل الشنيع بوصفه قربى من الله وزلفى لنيل رضاه.
مَـرْ الـزِّمانْ وجـوْ لـنا أهـلْ الأوهـامْ
إمـامـهمْ إبـلـيسْ هُــمْ طــوُعْ شـورَهْ
إيرَوِّعونْ اللِّي إلبسوا ثيابْ الإحرامْ
عـــمَّــارْ دارٍ بــالـصَّـلاهْ إمْــعَـمـورَهْ
بـلـيَّا حـيـا أَوْ خــوفْ تـدميرهمْ دامْ
لينْ إوصلوا في الشَّرْ لأكبَرْ خطورَهْ
وإلاَّ يـجـوزْ بـشـهرْ والـنَّاسْ صـيَّامْ
لــيـلـةْ خــتـامْ الآيْ تـنـفـحْ عــطـورَهْ
وبالفعل، فلقد مرت الأمة بفتن كثيرة وبجماعات خارجة على إجماع الأمة ومصالحها، وقد سولت لهم أنفسهم وهداهم الشيطان إلى طرق الضلال والإضلال، ولكن ما نراه اليوم من عجب عجاب يفوق التصور ويصيب بالذهول، كيف:
يـجـي مـخرِّبْ لابـسْ حـزامْ الألـغامْ
والـنَّاسْ حـولْ الـبيتْ فَ آتَمْ صورَهْ
يـبـغي يـفـجِّرهمْ ويـحـكمْ بـالإعـدامْ
عـلـىَ أبـريـا وبـالـغدرْ نـاذرْ نـذورَهْ
إخــتـارْ وأمـثـالـهْ الأذيِّــهْ والإجــرامْ
وســاروا بــدربٍ فـيهْ شـوكْ ووعـورَهْ
فـي أيْ شـرعْ يـجوزْ هـذا يا ظَلاَّمْ
واللهْ حــمـىَ بـيـتـهْ وعــظَّـمْ أمـــورَهْ
وبعد أن يتساءل سموه تساؤلاته الاستنكارية التي ترد على السفه والخطل، ينصرف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد إلى الأدلة التي تؤكد زيف عقيدة كهذه تدفع إلى محاربة الله وقتل ضيوفه في عقر بيته الحرام، ويبذل الشاعر برصانة ورزانة البراهين القاطعة المانعة.
فـي سـورْةْ الـحَجْ الـدلايلْ والأحكامْ
ردٍّ مِــنْ اللهْ لـمـنْ نـوىَ فـي شـعورَهْ
يـاكـيفْ مِـنْ خـطَّطْ بـتفكيرْ وإلـهامْ
مِـنْ غـيرْ خـوفْ وبـانْ وهـمهْ وزورَهْ
موقف مطلوب
وأخيراً يدعو سموه كل من يعول عليه أن ينبــــري لاتخاذ الموقف المطلوب لردع مثل هذا الانحــــراف، حتى يكون الرد جماعياً، والسعي فعالاً ضد جماعات التكفير والإرهاب والمذابح التي يشيب لها الوليد، باسم الله ودينه الحنيف دون وجـــــل أو خـــوف من الله تعالى، وكأنما الشيطان هو قائدهم ورائدهم إلى غاياتهم المدمرة، ولذلك يدعو الشرائح الفعالة من المجتمع ليلعبــوا دورهم، كل في ميدانه، حتى تكـــون الحصيلة في نهاية المطاف خـــير هذه الأمـــة، وتحقيــــق أمنها وسلامتها في دينها ودنياها وعاقبة أمرهـــا، يناديهـــم كما ينبغي لقائد في ساعة العسرة والمحن.
يـا أهـلْ السياسهْ والثقافة والاعلام
اتـجـمـعوا لاحـــق واحـمـوه صــورة
ولــمـن يـقـصـر بـيـجـي لـــك الــزام
والله ضــامــن أنــــه إيــتــم نــــوره
رسالة مهمة
قصيدة «إجرام» حملت معاني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي ثناياها دعا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم شرائح المجتمع المسلم الفعالة لتحمل مسؤوليتهم التاريخية تجاه البيت الحرام في هذا المنعطف الحرج الذي تمر به أمتنا العربية والسلامية، في ظل شيوع النعرات العقدية المنحرفة، والقصيدة تستنكر بجلاء مساعي استهداف أقدس مقدسات المسلمين في الشهر الأكرم، ومن يتقاعس عن دوره.
المصدر: البيان