كشف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن حل لغز «في تالي الأبجدية» الذي نشره سموه عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل أقل من شهر.
وتفاعل الجمهور مع تحدي سموه، الذي شهد مشاركة أكثر من 3500 شخص تفاعلوا مع اللغز على مختلف حسابات صاحب السمو نائب رئيس الدولة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال أحد المتفاعلين: «يا صاحب اللغز والقيفان لك شاكر .. لو أن لغزك سبايب معركة أذهان.. فكيت شفره عساني بفكها ماهر.. واللغز لوحة تفنن ريشة الفنان.. الحل يمكن عساني الرابح الساهر.. «النال» يرمز نصيب بمعجم وبرهان.
وأضاف آخر الألف واللام في الأول والآخر/ الخلقان القطعة المستخدمة في معرف الفال. ايجاب واللي يجيبه مب ترى تاجر يعني اللي يخبرك الفال هب تاجر لكنه يخبرك فالك بالغالي. حد خاسر وحد ضافر يعني حد بيحصل اللي يباه من الفال وحد لا. وهي ايضا عادة عند الحريم اول. لذا اعتقد ان الإجابة هي الفال.
وقال آخر: لأن «الغلا» يعرفه كل رابح وخاسر وأغلى محباً صعب لو لان خسران. شيطان حب وحب يتركك ساهر، دايم يجازيك التجافي بخذلان. محمود في حبك ولك حب ظاهر، يمكن اذا تكتمه في ليلتك بان. أو من إذا يا سيدي يلعب وماهر، ك «اللال» كل ما تقترب مبعدا كان.
يسعى صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، دائماً إلى تحفيز الإيجابية والسعادة، ويتضح ذلك جلياً في كل كتاباته وأشعاره، ولعل خير مثال على ذلك قصيدته «في تالي الأبجدية» التي ضمنها لغزاً طالباً من الجمهور الاشتراك في حلّه، ولقيت القصيدة تفاعلاً شعبياً واسعاً، حيث سارع الكثير إلى نشر إجاباتهم في صفحة سموّه، ولم يلبث سموّه أن أجاب عن اللغز/السؤال في قصيدة جديدة بعنوان «حل لغز في تالي الأبجدية»، والحل تمثل في السعادة.
لا يمكن لقارئ القصيدة الأخيرة إلا أن تغمره السعادة من الجهات كافة، فالشاعر يتنقل بالمتلقي بين مفردات، ومفاهيم، وتجليات السعادة كافة، السعادة في القصيدة كلمة تتكون من خمسة حروف، ولكنها أيضاً كائن حي ينمو، السعادة لها تاريخ يتمثله الشاعر في كثير من الأبيات، السعادة أيضاً ابنة المكان، وهي ترادف في قصيدة سموّه معنى الوطن.
تبدأ قصيدة سموّه بفنان ماهر يمسك بلوحته، ويحضر ألوانه، ثم يفكر في معانيه الفياضة بالسعادة، التي تمثل ذهبه، أو ثروته، أو كنزه الأجمل والأبقى، على مر الزمن، ولا يمكن إلا أن تتجول هذه المعاني في ذهن المتلقي وهو يقرأ بداية القصيدة، وبعد ذلك تتحرك صور الشاعر، لنراه ممسكاً بريشته ليرسم صوراً مترعة بالسعادة.
في الأبيات التمهيدية السعادة هي شيء بديع يحتاج التعامل معه إلى الحرص، بالحبك والسّبك، يقول سموّه: «بالحبك والسبك سبك الحابك الشاطر». ثم ينتقل سموّه إلى الحديث عن لغزه في القصيدة السابقة، لغز بسيط ينتمي إلى السهل الممتنع، يقول سموّه: «كونتها لغز واضح شاهر وظاهر/ وأخفيتها في خفايا ظاهره بإعلان. من شاعر بحر شعره هايج وزاخر/ إذا طما موج تياره غدا طوفان».
تتصاعد النبرة الشعرية لتأخذ بعداً درامياً أو قصصياً، بطله سموّه نفسه «ربّان الشعر»، وفي مقاطع عدة نتعرف إلى تلك «السعادة» التي لا يدخر الشاعر جهدا في التعبير عن إحساسه وشعوره بها، السعادة تنطلق من ماضي الشاعر، كل الماضي، أو ربما كل الحياة، السعادة أيضاً كالمحبوبة يسافر الشاعر في عينيها، السعادة مرة ثالثة معنى مطلق ينتمي إلى منظومة القيم الفلسفية المطلقة، مثل الحق، والخير، والجمال، السعادة مرة رابعة تكمن في القلب، أمضى الشاعر حياته مخلصاً لها، يحميها من الزمان وكيده الغادر، يقول سموّه: عن التي في بحور عيونها اسافر/ من غير مينا ولا شاطي ولا عنوان. وهبتها ماضي الأشواق والحاضر/ وأهديتها الروح والمربوح والوجدان. مخفي أسمها بقلب لوصلها صابر. قضيت عمري لأجلها مخلص ولهان، وهي صور، وكلمات، ودلالات، ومعانٍ، تؤكد أن السعادة في حياة سموّه تحولت إلى محبوبة يبوح لها الشاعر بما يدور في قلبه، ولم يبخل عليها بالربح، ولا حتى الروح والوجدان
ينتقل سموّه بعد ذلك من شعوره الخاص بالسعادة، إلى التعبير عن وطن السعادة، إلى الإمارات، تلك التي البلاد المسكونة بالسعادة، يقول سموّه: في دارنا وفي حمانا ذكرها طاير/ وفي وطنّا الذي به تقتدي الأوطان»، لقد ترسخت السعادة في الإمارات إلى درجة أصبحت فيها قدوة للأوطان الأخرى.
تتضمن القصيدة في أبياتها الأخيرة حديث الشاعر الذي يحرص كل الحرص على التفاعل مع جمهوره، ولذلك تتعدد الأبيات التي يوظف فيها سموّه حروف كلمتين جديدتين تشكلان قيمة مضافة للسعادة لا تكتمل من دونهما، وهما الطاقة الإيجابية، وهنا يكتمل حل اللغز في البيت قبل الأخير من القصيدة،: يقول سموّه: «والحل هوه السعادة وفيضها الغامر/ وطاقة تحويك إيجابيه بحسبان».
القصيدة تمتلئ بالصور السريعة المتلاحقة، وسموّه يترجم فيها عملياً معنى أن نمتلك طاقة إيجابية، وذلك يتطلب التعاون بين الجميع في جميع المجالات، وهنا يقوم سموّه بالتفاعل مباشرة مع جمهور الشعر، من خلال سؤال يطرحه عليهم، وينتظر إجابته، أن نكون سعداء يعني أن نترجم سعادتنا إلى أفعال، إلى إبداع ملموس، ولذلك السعادة في القصيدة تتجلي في كل شيء، السعادة هي الوطن وهي المحبوبة، وهي الماضي الجميل، والحاضر، السعادة هي الحياة، وهي الدافع على العمل والإنتاج، وأيضاً السعادة ابنة التجربة التي يشرحها سموّه بتكثيف في الكثير من الأبيات.
ولا يكتمل مفهوم السعادة من دون الطاقة الإيجابية، أن نؤمن بذواتنا وقدراتنا على الفعل، ونتشارك مع الآخرين أحلامنا، ونقدم لهم كل العون والمحبة. السعادة والإيجابية في القصيدة جناحان لطائر الشعر لا يحلق إلا بهما، ولا يمكن للقارئ بعد التمعن في مفردات القصيدة ومعانيها إلا الشعور بهما، ولا يملك إلا التحليق مع شعر سموّه في سماء وطن بات قدوة للأوطان.
المصدر: الخليج