أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تجديد العزم على مضاعفة الجهود ومواصلة العمل، من أجل عالم خالٍ من مرض شلل الأطفال.
وقال سموه في تدوينة عبر حساب «تويتر» الرسمي لأخبار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ونشرها على «فيديو» يظهر جهود الإمارات في مكافحة المرض: «في اليوم العالمي لمكافحة شلل الأطفال، نجدد عزمنا على مضاعفة الجهود ومواصلة العمل من أجل عالم خال من هذا المرض… خطونا خطوات مهمة وناجحة لتحقيق هذا الهدف الإنساني، بالتعاون مع شركائنا في مكافحة الأمراض وتنمية المجتمعات».
وتشارك الإمارات اليوم العالم احتفاله، باليوم العالمي لمكافحة شلل الأطفال، الذي يصادف 24 أكتوبر من كل عام، وسط إشادات عالمية بجهود صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في استئصال هذا المرض من مختلف دول العالم والمبادرات الخلاقة التي قام بها من أجل ذلك.
وأكد تقرير مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لاستئصال شلل الأطفال في العالم، أنه منذ عام 2011، بلغت قيمة تبرعات سموه لدعم جهود الصحة العالمية 310 ملايين دولار خصص منها 167.8 مليون دولار دعماً لجهود استئصال مرض شلل الأطفال، بالإضافة إلى مساهمات أخرى لصالح التحالف العالمي للقاحات والتحصين، حيث تعتبر مبادرة سموه لاستئصال شلل الأطفال في العالم، إحدى المبادرات الإنسانية الرائدة والمتميزة في دعم الجهود العالمية لاستئصال المرض، والتقليل من حالات الإصابة به بنسبة كبيرة في الدول التي استهدفتها هذه المبادرة الكريمة.
وتعمل حملة الإمارات لمكافحة شلل الأطفال بالتنسيق الوثيق مع برنامج الإمارات العربية المتحدة للمساعدة، مع إدراك أن المجتمعات المعرضة لخطر شلل الأطفال تواجه أيضاً الفقر المدقع وسوء الوصول إلى خدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية الأساسية والبنية التحتية والغذاء المغذي، ويتبع البرنامج نهجاً منسقاً للقضاء على الفقر من خلال تقديم المساعدات الغذائية وبناء محطات معالجة المياه وقيادة مشاريع البنية التحتية لربط هذه المجتمعات بالخدمات والأسواق الأساسية، وشيدت 64 محطة معالجة تنقية المياه و43 مدرسة ابتدائية وثانوية و898 كيلومتراً من الطرق التي بنيت في وادي سوات.
وخلال شهر يونيو الماضي أعلن المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان عن النتائج التفصيلية لحملة الإمارات للتطعيم خلال السنوات الخمس الماضية، مؤكداً أن الحملة تمكنت منذ عام 2014 ولغاية نهاية شهر أبريل عام 2019، من إعطاء 407 ملايين و441 ألف جرعة تطعيم ضد مرض شلل الأطفال لأكثر من 71 مليون طفل من الأطفال الباكستانيين الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات وخلال عام 2019 نجحت الحملة وفي إطار مرحلتها السادسة وفي أول أربعة أشهر من هذا العام في إعطاء 36 مليوناً و266 ألف جرعة تطعيم ضد مرض شلل الأطفال، حيث تقدم الحملة شهرياً جرعات التطعيم لحوالي 14 مليون طفل، وتشمل خطة برنامجها المستقبلية لهذا العام تنفيذ حملات إضافية خلال الفترة الممتدة من شهر يونيو ولغاية شهر ديسمبر من هذا العام في 83 منطقة من المناطق الصعبة والعالية الخطورة في جمهورية باكستان الإسلامية، حيث تضمن النطاق الجغرافي للحملة تغطية عدد 25 منطقة في إقليم خيبر بختونخوا حصل الأطفال فيها على 191 مليونا و 408 آلاف و90 جرعة تطعيم، و 13 منطقة في إقليم المناطق القبلية فتح حصل الأطفال فيها على 37 مليونا و 989 ألفا و872 جرعة تطعيم، و 33 منطقة في إقليم بلوشستان حصل الأطفال فيها على 61 مليونا و 10 آلاف و675 جرعة تطعيم، و12 منطقة في إقليم السند حصل الأطفال فيها على 117 مليونا و 32 ألفا و293 جرعة تطعيم.
كما مول الدعم الإماراتي أكثر من 5000 من القائمين بدوام كامل في المناطق الأكثر خطورة في باكستان.
وقال مدير مكافحة شلل الأطفال في اليونيسف، أخيل آيير إن دعم الإمارات العربية المتحدة بصفتها من كبار المانحين والمدافعين عن هذا التوجه كان حاسماً في الاقتراب من أي وقت مضى في صنع التاريخ من خلال القضاء على شلل الأطفال، وأضاف «هذه هدية ليس لأطفال باكستان فحسب، بل لجميع الأجيال القادمة من الأطفال في كل مكان، الذين هم قريبون جداً من هدف أن يكونوا قادرين على الولادة والتربية في عالم خالٍ من شلل الأطفال».
وقال الدكتور كريس إلياس، رئيس برنامج التنمية العالمية بمؤسسة بيل وميليندا غيتس: «لقد أبدت دولة الإمارات العربية المتحدة وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان التزاما ثابتا بإنهاء شلل الأطفال، ويسعدنا أن نتشارك معهم في هذا البرنامج، هذا الجهد وبدون مشاركة الإمارات، لم يكن تحقيق عدد قياسي منخفض من حالات الإصابة بشلل الأطفال في عام 2017 ممكناً».
وأكد المكتب الإقليمي لشرق المتوسط التابع لمنظمة الصحة العالمية، أن حملات التطعيم ضد شلل الأطفال التي نفذت خلال السنوات الماضية من قبل المجتمع الإنمائي الـدولي، بمـا فـي ذلـك جهود الدول الأعضاء والدول المانحة للمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال والمنظمات المتعددة الأطراف في كل من باكستان وأفغانستان أنقذت ما يزيد على 18 مليون طفل من الإصابة بالمرض، مثمناً في الوقت نفسه ما تقوم به الجهات المانحة من تقديم الدعم اللازم في المناطق الموبوءة في كلا البلدين.
منتدى
وتحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبالشراكة مع مؤسسة بيل وميليندا غيتس، تستعد العاصمة أبوظبي لاستقبال 250 مسؤولا وخبيرا من قادة العالم الصحيين رفيعي المستوى من مختلف القطاعات الدولية والحكومية والخاصة والعمل الخيري والأوساط الأكاديمية لمناقشة «الوصول إلى الميل الأخير» المنتدى الذي يقام تحت شعار «تسريع وتيرة العمل» من أجل القضاء على مرض شلل الأطفال بشكل أسرع.
وسيشهد هذا الحدث الذي يستمر ليوم واحد 19 نوفمبر المقبل بفندق سانت ريجيس السعديات في أبوظبي، العديد من الإعلانات الرئيسية المتعلقة بالتخلص من المرض، وستحتفل الجلسات والمناقشات وورش العمل التفاعلية بالنجاحات التي تم التوصل إليها، وتسليط الضوء على التحديات وتحديد الحلول من خلال استخدام اللقاحات والتكنولوجيا والبنية التحتية والصحية العالمية والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
ويؤكد المنتدى الالتزام الشخصي لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، باستئصال الأمراض التي يمكن الوقاية منها، والتي تؤثر على المجتمعات الأكثر فقراً والأكثر ضعفاً في العالم، وبمد يد العون لملايين الأطفال والبالغين حول العالم لينعموا بحياة كريمة، حيث أكد سموه أن «المجتمع الإنساني يحتاج أكثر من أي وقت مضى، إلى الانضمام إلى الجهود المبذولة للقضاء على الأمراض والأوبئة، وإيجاد حلول لجميع التحديات التي تمنع الناس من الوصول إلى الرعاية الصحية عندما يحتاجون إليها، هذه مهمة إنسانية للعالم أجمع».
ويؤكد الخبراء أن العالم حقق تقدما هائلا في مكافحة لشلل الأطفال، ونحن أقرب من أي وقت مضى إلى القضاء عليه، ولا يزال المرض مستوطنا في ثلاث دول فقط (باكستان وأفغانستان ونيجيريا) وإلى أن يتوقف انتقال فيروس شلل الأطفال في هذه البلدان تظل جميع البلدان معرضة للخطر، وتكون البلدان ذات الخدمات الصحية العامة الضعيفة وروابط السفر أو التجارة إلى البلدان الموبوءة معرضة للخطر بشكل خاص، ويتوقع الخبراء أنه في حال الفشل في القضاء على المرض، يمكن أن يبدأ العالم في رؤية ما يصل إلى 200 ألف حالة جديدة سنويا خلال السنوات العشر القادمة.
وخلال الجلسة الافتتاحية (أ) لمنتدى الوصول منتدى «بلوغ الميل الأخير»، سيقوم العاملون في مجال الصحة والمبتكرون والخبراء «الأبطال من الميدان» بمشاركة قصصهم الشخصية من واقع الميدان، والتطرق إلى موضوعات تطبيق الدروس المستفادة من مبادرات القضاء على الأمراض الناجحة في مجالات الأمراض الأخرى، وتطوير حلول مبتكرة لتقديم إمدادات تنقذ الحياة، والوصول إلى النظام الصحي في المجتمعات النائية.
وخلال الجلسة الثانية (ب) سيتم طرح الاستفادة من التكنولوجيا لتعزيز النظم الصحية، وسيقوم شركاء التكنولوجيا بتقديم عروض تجريبية ومشاركة حلولهم لتحسين النظم الصحية، بدءاً من الحلول الجديدة لتبسيط العمليات التشغيلية إلى التقدم في تحليلات البيانات لتتبع تفشي الأمراض والتنبؤ بها.
ومن المقرر أن يبدأ منتدى «الوصول إلى الميل الأخير» بعناوين رئيسية من قادة الصحة العالميين والمحليين والعالميين وإعلان أحدث الإحصائيات والنتائج لحملة القضاء على الملاريا وشلل الأطفال والجهود التوعوية والمجتمعية في مكافحة الأمراض المدارية المهملة.
وخلال المنتدى ستقوم منظمة الصحة العالمية بالإعلان عن الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، وسوف تتاح الفرصة للضيوف للتواصل واستكشاف مساحة المعرض، والتي ستشمل تسليط الضوء على جهود محددة للقضاء على الأمراض، وعروض تقنية ومعلومات عن التهديد الذي يشكله تغير المناخ لعرقلة الانتصارات الصحية العالمية التي تحققت بشق الأنفس.
المشاركون
ويشارك في منتدى «بلوغ الميل الأخير» هيلين كلارك رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة، والدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، والدكتورة مها بركات المستشار الأول لمكتب أبوظبي التنفيذي وشركة مبادلة للاستثمار، رئيس لمجلس إدارة «شراكة دحر الملاريا»، والدكتور سيث بيركلي الرئيس التنفيذي للتحالف العالمي للقاحات والتحصين «جافي»، وألين إجلر المدير التنفيذي لصندوق END، الذي يعمل على إنهاء المعاناة التي تسببها خمسة أمراض مدارية مهملة تؤثر على 1.5 مليار شخص، وروبين كالدر المديرة التنفيذية وعضو مجلس إدارة مجموعة ELMA للأعمال الخيرية، وريتشارد جورج أندرو أستاذ ومدير الصحة العالمية في كل من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو وجامعة كاليفورنيا في بيركلي، والدكتورة كورين كريما مستشار الصحة العالمية ومسئولة الرعاية الصحية والأمراض المعدية والملاريا في مدينة كيغالي رواندا، وإيرا ماجزينر المدير التنفيذي ونائب رئيس مبادرة كلينتون للوصول إلى الصحة (CHAI)، والدكتور راج بانجابي الرئيس التنفيذي لشركة الوصول إلى آخر ميل.
الملاريا
وفي السعي وراء «نهاية الملاريا» سيتم تقديم نتائج لجنة «لانسيت» بشأن القضاء على الملاريا، وستسلط هذه الجلسة الضوء على النتائج التي توصل إليها التقرير، تليها مناقشة خاضعة للإشراف.
ويتضمن المنتدى حلقة نقاشية تتناول التعاون من أجل تسريع وتيرة القضاء على الأمراض، وستناقش لجنة رفيعة المستوى مؤلفة من قادة عالميين في مجال الصحة كيف يمكن للحكومات والعمل الخيري والمؤسسات المالية متعددة الأطراف العمل معاً للوصول إلى الميل الأخير بشكل أسرع.
كما يستضيف المنتدى فعالية جمع التبرعات لاستراتيجية المرحلة الأخيرة لاستئصال شلل الأطفال 2019 ـ 2023 المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال، حيث سيتم تسليط الضوء على التزامات الحكومات المانحة والجهات الخيرية وقادة القطاع الخاص بقضية استئصال شلل الأطفال.
«ريتش 2019»
ويشهد المنتدى تقديم «جوائز محمد بن زايد» «ريتش 2019» REACH وتكريم الفائزين الأبطال والمبتكرين والدعاة الذين يعملون في الخطوط الأمامية لجهود القضاء على الأمراض، مع تقدير أولئك الذين أظهروا قيادة والتزاماً غير عاديين في الميدان.
وكانت لجنة تحكيم الجائزة قد أعلنت القائمة القصيرة للمرشحين لجائزة «ريتش» وضمت 15 من العاملين في مجال الصحة والمبتكرين في الخطوط الأمامية، بجانب إعلان قائمة الشرف للجائزة والتي تضم 50 من العاملين المتميزين في المجال، وسيتم الإعلان عن الفائزين في حفل توزيع الجوائز خلال «منتدى بلوغ الميل الأخير».
وقد فاز بالجائزة في دورتها الأولى عام 2017 كل من: جيمي كارتر الرئيس الأمريكي الأسبق ومؤسس مركز كارتر جيمي كارتر بجائزة الإنجاز مدى الحياة، وعبد الله خليفة الغفلي مدير المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان وفاز بجائزة الإنجاز المتميز، والدكتور نبيل عزيز عوض الله الذي شغل سابقا منصب منسق البرنامج الوطني لاستئصال دودة غينيا بجائزة الشجاعة، والدكتور أدامو كينا سالاو مدير برامج الصحة المتكاملة في ولايتي إيمو وأبيا لدى «مركز كارتر» في نيجيريا بجائزة آخر ميل، وريجاينا لوتوباي لوماري الناشطة بمجال حشد الجهود الاجتماعية في جنوب السودان وفازت بجائزة الجندي المجهول، تقديرا لجهودها الواسعة في مسيرة القضاء على دودة غينيا في مجتمعها، ودانيال ماديت كول مادوت مسؤول أول برامج لدى وزارة الصحة الاتحادية بجنوب السودان جائزة الجندي المجهول أيضاً.
دروس
وتستند المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال والشوط الأخير من استئصاله للفترة 2019 ـ 2023 التي صيغت عبر عملية تشاورية أُجريت على مدى عام كامل، إلى الدروس المستفادة منذ عام 2013، وتضع خارطة طريق لتحقيق الإشهاد العالمي بحلول عام 2023.
وفي آخر تقرير ناقشته جمعية الصحة العالمية تم التأكيد على أن الخطة الاستراتيجية تسلط الضوء على الأنشطة التي يلزم تنفيذها، وما ينبغي أن تؤديه المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال أداء مختلفاً للإشهاد على استئصال فيروس شـلل الأطفال البري، والاستجابة بسرعة وفعالية للكشف المستمر عن فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاح، والاستعداد لإخلاء العالم من شلل الأطفال، من خلال ضمان استدامة المكاسب المحققة، وقد كان لإشراك أصحاب المصلحة على نحو واسع النطاق أهمية بالغة في وضع الاستراتيجية، وساعد إجراء تقييم مستقل لاستراتيجيات الاستئصال في المناطق التي التابع للمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال في المناطق التي لا تزال موطونة.
العالم يُقدّر جهود المقاتلين ضد شلل الأطفال.. والإمارات «رأس حربة»
يحتفل العالم بـ«اليوم العالمي لمكافحة شلل الأطفال» هذا العام وسط أجواء مليئة بالتفاؤل غير المسبوق بعد أن أوشكت الجهود الدولية التي انطلقت عام 1988 بقيادة منظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، ومؤسسة الروتاري، والدول المانحة وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة «الأولى عربياً وأفريقيا» ورأس الحربة في مواجهة المرض، على القضاء على المرض نهائياً كثالث «وباء فتاك» يتم القضاء عليه بعد «الجدري وطاعون البقر».
وأكد مسؤولون في منظمة الصحة العالمية واليونيسيف ومسؤولون فرنسيون لـ«البيان» أن الحرب ضد مرض شلل الأطفال التي بدأت قبل 31 عاماً لم تكن سهلة، وبدأت بمحاربة الفيروس الذي أصاب 350 ألف طفل في 125 دولة حول العالم لا سيما في الدول الفقيرة وقتل منهم الآلاف، لتكلل الجهود ببلوغ عدد الحالات السنوية المصابة 37 حالة عام 2016، أغلبهم من النوع الأول (WPV1)، أما النوع الثاني فاختفى تماماً عام 1999، والنوع الثالث – الأكثر خطورة – انتهى عام 2012، ما يعد انتصاراً إنسانياً يستحق الاحتفال والإشادة بالدول الأعضاء في هذه الحرب وأصحاب الفضل في إنقاذ ملايين الأطفال من العجز والموت في كثير من الأحيان.
وقالت كريستيانا سالفي، مسؤولة الاتصال للأمراض السارية والأمن الصحي والبيئة في منظمة الصحة العالمية «مكتب أوروبا» لـ«البيان»، أن العالم تخلص بشكل شبه تام من مرض شلل الأطفال بحلول العام الجاري بتكلفة قدرها حوالي 5.5 مليارات دولار منذ انطلاق الحملة عام 1988م، وذلك بفضل الجهود المخلصة للمؤسسات الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف، والدول المانحة وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة التي قدمت 167.8 مليون دولار كمنح مالية في أخطر مراحل الحرب ضد هذا الوباء منذ العام 2011، إضافة إلى مساهمات أخرى لدعم قطاع الصحة في الدول الفقيرة الحاضنة للوباء مثل باكستان وأفغانستان، حيث مرت الحرب ضد هذا الوباء بمراحل عديدة، أولها عام 1988 وكانت صعبة بالتأكيد، حيث كانت أعداد المصابين نحو 350 ألف حالة في رقعة جغرافية ممتدة تشمل 125 دولة، وكان الجهل والفقر آنذاك النصير الأول، لا سيما أن هناك قبائل وطوائف ومدناً كاملة تحارب حملات شلل الأطفال بسبب انتشار الشائعات حولها مثل أنها «تسبب العقم، أو مخالفة للمعتقدات، أو مخالفة للعادات والتقاليد.. إلخ».
أما المرحلة الثانية والتي بدأت نهاية عام 1994 فكانت عندما أطلقت الهند حملة «شلل الأطفال» للتلقيح السنوي ضد شلل الأطفال لمن هم دون سن الخامسة، لتنتقل الحملة سريعاً إلى دول حوض البحر الأبيض المتوسط لتتكلل الجهود بالنجاح خلال 6 سنوات فقط، هذا ما شجع دولاً مثل بنغلاديش ونيبال وجنوب آسيا ودولاً افريقية مثل أنغولا وأوغندا وأثيوبيا ونيجيريا للانخراط في الحملة الدولية منذ عام 1999، ليصل عدد من تلقوا لقاحاً ضد شلل الأطفال في تلك الأثناء لأكثر من نصف مليون طفل، بإجمالي 2 بليون جرعة لقاء فموي بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية عام 2002.
أهم مراحل الحرب
وعن المرحلة الثالثة للحرب ضد وباء شلل الأطفال أكد، لوران توفان، عضو اللجنة التابعة لليونيسيف بباريس، أن أهم مراحل الحرب ضد شلل الأطفال بدأت بعد العام 2003، في دول فقيرة حاضنة للفيروس بشكل كبير مثل نيجيريا والسودان وتحديداً إقليم دارفور والهند وباكستان وأفغانستان، في تلك الأثناء كان عدد الحالات المصابة في هذه الدول نحو 1900 حالة وهو رقم كبير، دفع المنظمات العالمية لحشد الجهود للحفاظ على المكاسب التي تحققت خلال 15 عاماً مضت، لكن الحشد استهلك وقتاً طويلاً حتى عام 2012، عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية عن خطة تعاونية جديدة مدتها 6 سنوات بإجمالي 5.5 بليونات دولار أطلق عليها «الخطة الاستراتيجية لاستئصال شلل الأطفال» ودعت الخطة إلى حملات تحصين جماعية في أخر ثلاث دول يتوطن فيها المرض وهي «باكستان وأفغانستان ونيجيريا» وهذه كانت المرحلة الأصعب والأهم في تاريخ الحملة، وقد تولت الإمارات مهمة القضاء على المرض في باكستان منذ يونيو 2014 تحت شعار «الصحة للجميع.. مستقبل أفضل» واستمرت الحملة حتى شهر سبتمبر الماضي، كون باكستان كانت الحاضنة الأخيرة للفيروس، لا سيما في المناطق الجبلية الوعرة والمناطق النائية، وقدمت الإمارات خلال خمس سنوات عمر الحملة – نحو 419 مليون جرعة تطعيم لأكثر من 71 مليون طفل باكستاني دون سن الخامسة.
نصر كبير
وأكدت ماريسول تورين، وزير الشؤون الاجتماعية والصحة الفرنسية السابقة، أن المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال (GPEI) حققت نصراً كبيراً بالقضاء على ثالث وباء في تاريخ البشرية بعد الجُدري وطاعون البقر، وهو شلل الأطفال، واليوم يحتفل العالم كله بجهود هؤلاء المقاتلين من أجل الإنسانية أعضاء منظمة الصحة العالمية واليونيسيف والروتاري الدولية، والدول المشاركة وفي مقدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة أول دولة مانحة للتحالف العالمي للقاحات والتحصين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما شاركت دولة الإمارات «رأس الحربة في هذه الحرب» بطواقم متكاملة ومتميزة لدعم مبادرة «الابتكار في التناول وتوسيع النطاق والتكافؤ في التحصينات» خاصة في باكستان، كما نفذت الإمارات 8 مشاريع صحية كبرى في باكستان منذ 2011 وحتى 2016 بتكلفة نحو 126 مليون دولار، تخدم قرابة الـ3 ملايين مريض.
الغفلي: المشروع الإماراتي قدم 419 مليون لقاح
أكد عبدالله خليفة الغفلي مدير المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان، أهمية المبادرات الإماراتية الرامية لاستئصال مرض شلل الأطفال.. مشيراً إلى أن المشروع واصل برامجه ومبادراته والتي بلغت عدد التحصينات التي قدمها خلالها حتى اليوم أكثر من 419 مليون لقاح، استفاد منها أكثر من 71 مليون طفل باكستاني.
وأوضح أن المشروع الإماراتي في باكستان تضمن بناء المستشفيات والعيادات والمراكز الصحية، وتوفير الأجهزة والمعدات الطبية وشراء الأدوية واللقاحات، ما أسهم في تطوير البرامج الصحية والعلاجية المحلية.
أهداف
وشدد على أن البرامج الوقائية والحملات التطعيمية الإماراتية استطاعت تحقيق أهدافها الإنسانية النبيلة، وتعزيز تنمية سلامة وصحة الإنسان خاصة فئة الأطفال وحمايتهم من انتشار الأمراض والأوبئة، والوقاية من التداعيات الصحية السلبية لها. وقال الغفلي، إن المبادرات الإماراتية تميزت بالريادة في تقديم الجهود والأعمال الإنسانية الموجهة لحماية صحة شعوب العالم، والارتقاء بمعدلات التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية لهم.
إطلاق
وأكــد أن المبــادرات الإماراتيــة توجــت بإطلاق حملة الإمــارات للتطعيم ضــد شلل الأطفال في جمهوريــة باكستــان الإسلامية في عام 2014، والتي استطاعت منذ إطلاقها وحتى عــام 2019 استهداف أكثر من 71 مليون طفل بما يقارب 419 مليون جرعة تطعيم محققة النجــاح في التحدي الصعب، والمساهمة في انخفاض عدد حالات الإصابة بشلل الأطفال في باكستان بنسبة عالية.
وأضاف أن مناسبة اليوم العالمي لشلل الأطفال تمثل رسالة إنسانية مضمونها الالتزام والتعاون الدولي لحماية الأطفال الأبرياء ووقايتهم من الأمراض خاصة مرض شلل الأطفال، ودعم جهود وتضحيات جميع المساهمين والعاملين في الميدان لتحقيق هذا الهدف الإنساني.
جهود
تتواصل الجهود لاستئصال جميع السلالات المتبقية من فيروس شلل الأطفال البري، وقد أبلغ في عام 1999 عن آخر حالة إصابة بشلل الأطفال بسبب فيروس شلل الأطفال البري من النمط (2)، وأُشهد رسمياً على استئصاله في سبتمبر 2015، ولم يكتشف وجود فيروس شلل الأطفال البري من النمط (3) عالمياً منذ نوفمبر 2012 عندما أبلغ عن آخر حالة مصابة بشلل الأطفال بسبب هذه السلالة في ولاية يوبي في نيجيريا، ومنذ ذلك الحين كانت جميع حالات شلل الأطفال المسبب للشلل الناجمة عن فيروس شلل الأطفال، ويبقى فيروس شلل الأطفال البري الناجم عن النمط (1) مصنفاً بوصفه فيروساً متوطناً بأفغانستان ونيجيريا وباكستان، وفي عام 2018، كشف عن حالات فيروس شلل أطفال بري من النمط (1) في أفغانستان وباكستان.
المصدر: البيان