خاص لــ (هات بوست)
اسبوع الإستدامة، المقام سنوياً منذ 11 عاماً في أبوظبي، يُعد حدثاً عالمياً بكل المقاييس بموضوعاته وضيوفه وجوائزه ومعارضه المصاحبة، خاصة ان (الطاقة) أصبحت محوراً مهماً – إن لم يكن الأهم – في حوارات الإقتصاد والسياسة والمستقبل. لكن إسبوع الإستدامة هذا العام كان بحق إستثنائياً لبعد آخر شهده العالم كله بإعجاب وتقدير. هذا البعد هو الجانب الإنساني العظيم في شخصية وحضور راعي الحدث، الشيخ “الإنسان” محمد بن زايد. فما ان بدأ السلام الوطني، في صبيحة إفتتاح إسبوع الإستدامة لهذا العام، الإثنين، 14 يناير الحالي، حتى ركزت كاميرات الإعلام على لحظة إنسانية نادرة، غزت فيها الدمعة عيني محمد بن زايد وهو يشاهد كوكبة من أصحاب الهمم يؤدون النشيد الوطني الإماراتي بلغة الإشارة.
يا لها من لحظة إنسانية إستثنائية لخصت فيها دموع (بو خالد)، الغالية على شعبه ومحبيه، عمق المشاعر الإنسانية تجاه فئة غالية من المجتمع لم تمنعها “الإعاقة” من التعبير الصادق والمؤثرعن حبها لوطنها وقادته.
وحينما هرعت إحدى أصحاب الهمم، من المشاركين في النشيد الوطني، نحو الشيخ محمد بن زايد عانقها سموه بأبوبة حانية ومشاعر صادقة دمعت لها أعين كثيرة في الإمارات وخارجها. وتبعها، بعد لحظات، عناق آخرعلى المنصة، أثناء تكريم أحد الفائزين من غانا بجائزة زايد للإستدامة الذي كسب، في ذات الوقت، الجائزة وعناق صادق من قائد أسهم في تحقيق أحلام الآلاف من الباحثين عن فرص النجاح حول العالم.
هذا البعد الإنساني في حفل إفتتاح اسبوع الإستدامة 2019 يشرح، فيما يشرح، الكثير من ملامح القيادة في دولة الإمارات. فمن النادر أن تتحقق في آن واحد الهيبة والمحبة العميقة الصادقة لقائد واحد. لكنها إجتمعت، بصدق ونقاء،في محمد بن زايد الذي تسمع الناس في مجالسهم يتحدثون، بكل حب وفخر، عن (بو خالد) كما لو انه – وهو كذلك – واحد منهم.
والسبب ان مشاعر الحب بين القادة والمواطن متبادلة. تستطيع ان تفرض هيبتك على الناس، هيبة مصدرها الخوف والحذر، لكن لا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع أن تفرض محبتك على الناس. القائد المحبوب عند شعبه تأتي له الهيبة ركضاً، هيبة أساسها الفخر والإعتزاز وصدق الولاء. لكنها لا تأتي من فراغ. إنها نتيجة طبيعية لتعبير القائد العفوي عن قربه الحقيقي من الناس. وشواهد ذلك، العملية، كثيرة. فقادة الإمارات يعيشون، صدقاً، بين الناس ومعهم.يحين وقت صلاة الظهر والشيخ محمد بن زايد في طريقه لتلبية دعوة غداء في حي الجميرا بدبي، فيتوقف للصلاة، بين صفوف المصليين، في أحد مساجد الجميرا بلا موكب أو حراسه. يمر ذات يوم بمدرسة في ابوظبي فيرى طفلة جالسة أمام باب المدرسة تنتظر والدها فيتوقف، وهو صاحب الجدول المزدحم بالمواعيد والإجتماعات، ويجلس معها على ذات الرصيف إنتظاراً حتى وصول والدها.
يسمع عن فتاة مقعدة في بيروت كانت مع أسرتها مهددة بالطرد من شقتها الصغيرة لعدم القدرة على دفع الإيجار فيوجه على وجه السرعة بشراء شقة مؤثثة لها وأسرتها. يقرأ عن شاب برازيلي يدعى (كايكي) يبيع الماء على أرصفة شوارع مدينة كويابا البرازيلية باحثاً عن مساعدة تساعده على المشاركة بمونديال الجوجيتسو في أبوظبي فيأتيه العون سريعاً ويحضى بدعوة كريمة من الشيخ الكريم للمشاركة في البطولة.
وفي مجلسه، ككل مكان يذهب إليه، يقبل رأس كبار السن وينصت لهم بكل أدب وتواضع، يمازحهم ويجبر بخواطرهم، يستمع للشباب ويحثهم على العمل والعطاء، يداعب الأطفال ويُقبل أيديهم، يمسح دموع الأيتام وأصحاب الخواطر المجروحة، يفسح مجلسه للشعراء، من الإمارات ومن خارجها، وهم يتغنون بحبهم للإمارات وشيوخها.وفي كل يوم، يفاجأ (بو خالد) شعبه الكريم بمبادرة جديدة، أو مشروع تنموي جديد، لكنه لا يفاجئهم بمواقفه الإنسانية النبيلة فقد خبروها ثقافة عميقة ورثها الإبن الكريم من الأب العظيم، وممارسة “طبيعية” يعيشون تفاصيلها، مع قائدهم، كل يوم، وربما كل ساعة.
كتبتها ذات يوم في الأب المؤسس، الشيخ زايد، طيب الله ثراه: “أحب شعبه فأحبه شعبه”. وها هي حقيقة باتت ثقافة حب وفلسفة قيادة في الإمارات، أسس لها الأب المؤسس، رحمه الله، وآمن وعمل بها أبناه البررة من بعده، وتلك لعمري أساس لإستقرار الأوطان ونماء الشعوب. بل إنها الضامن القوي لأمن البلاد وتقدمها وتفوقها.
فيا (بو خالد)، الهيبة والتواضع، المعرفة والحنكة، الصرامة والمرونة، استأذنك أن أرفع لك عقالي، تقديراًومحبة وإحتراماً.