مدير تحرير صحيفة الجزيرة
قرار مجلس الوزراء الأخير بالموافقة على استحداث 17 نادياً جديداً مهم، لكن هل هو أولى خطوات الرئيس الجديد لرعاية الشباب، أم أنه قديم مر عبر المسارات البيروقراطية؟
عبدالله بن مساعد أمام تحدٍ مختلف، فدوري كرة القدم الذي كان مجال الحركة الوحيد للرئاسة أصبح خارج سلطته لعشرة أعوام، ما يقتضي رؤية تتجاوز الصندوق وتستهل معنى جديداً لهذه المؤسسة التي خسرت الثقافة أولاً ثم اجتنبت كل دور حتى ولجت قمقم اتحاد كرة القدم.
المؤسسة اسمها الكامل «الرئاسة العامة لرعاية الشباب»، لكن خللها أنها لم تهتم يوماً بالرعاية أو الشباب، إلا إذا كانت بيوت الشباب المتناثرة تعتبر رعاية لهم. هي بحاجة إلى أن تعيد تأسيس ذاتها، وأن تبدأ الاهتمام بالشباب بدءاً من المدارس حتى الجامعات، وأن تعنى بالرياضات الفردية وتطويرها، وأن تجعل متنفسات الشباب في المدن والقرى أكثر من كاميرات «ساهر».
عبدالله بن مساعد كان المحور في دراسة سابقة لتطوير «الرئاسة» غير معروفة نتائجها وسبب عدم تطبيقها، ولديه رؤى يتحدث بها الرياضيون، وبإمكانه أن يحدث الفرق الذي غاب طويلاً، وأن يؤكد أن صيته الفاعل حقيقة وفعلاً وليس مجرد عبارات.
انتقلت الثقافة إلى وزارة الإعلام فكأنها تحركت من صالة الجلوس إلى غرفة النوم، فليس لها حضور، حتى أن الأندية الأدبية ليس لها من علامات البقاء سوى المباني، أما النشاط الثقافي فانحصر في النزاعات والخلافات بين الأعضاء، منافسة الذكرى البهيجة للمجالس البلدية وحالَّة مكانها، بل إن مدير الأندية يتغير قبل أن يجف حبر قرار تعيينه. لم تكن الثقافة ذات حظوة عند الرياضيين، إلا أن ملامحها كانت معروفة بعض الشيء قبل أن تندثر، فلم يبق منها سوى الأيام الثقافية في الخارج، وهي مجرد رحلات سياحية لا تخدم بنية الثقافة ولا توسع مساراتها. المسرح الجامعي انقرض بعد أن كان العلامة البارزة في الساحة ومصنع النجوم تمثيلاً وكتابة. الرياضة المدرسية مجرد حصة عشوائية تمر في الأسبوع مرة لتكون مجرد لهو مفتوح وانفلات من قاعات الدرس.
إن «الرئاسة» الجديدة يجب أن يكون همها الشباب منذ الصغر، وأن تكون المشرفة على كل نشاط رياضي منذ الطفولة، وأن تعمل على زيادة حصص الرياضة، وأن تتعاون مع «التربية»، لتكون ملاعب مدارسها مفتوحة لأبناء الحي عبر مدربين ومشرفين منها، وأن تضغط لتنشيط الرياضة الجامعية، وأن تدفع الأندية للاهتمام الجدي بالرياضات المختلفة حتى لا تكون مجرد فرق كرة قدم أو تلغي من مسمياتها «الأنشطة الاجتماعية والثقافية».
إن مهمة الأمير الشاب هي تأطير دقيق لنشاط مؤسسته ومجال حركتها، لتكون داراً للشباب وحاضنة لأنشطتهم ومركز التقائهم عبر برامج متنوعة وشاملة، فليس دورها فقط رعاية اللاعبين الذين تتكفل بهم الأندية.
إذا نجح الرئيس في استعادة الثقافة من «الإعلام»، والرياضة المدرسية من «التربية»، فإن مؤسسته تستحق أن تتحول إلى وزارة، لأن الثقافة والرياضة وزارتان في كل مكان، وحينها مع العمل الجاد، سيكون للشباب حضور لم ينالوه قبلاً، وقيمة لم يتذوقوا طعمها المستحق.
المصدر: الحياة
http://ow.ly/DuZc4