رئيس تحرير صحيفة الرؤية
مضى أكثر من شهر على مبادرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لحل الأزمة اليمنية، ولكن شيئاً من هذه المبادرة لم ينفذ على أرض الواقع، بل إن رداً إيجابياً واحداً من الجانب الحوثي لم يصدر، على الرغم من أنها كانت تراعي جانب الحوثيين والمخلوع أكثر من مراعاتها جانب الشرعية، فلم تسحب المليشيات قواتها من صنعاء والمدن الرئيسة، ولم تقم بتسليم أسلحتها الثقيلة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية إلى طرف ثالث، ولا قامت بالعمل مع الحكومة الشرعية على تشكيل حكومة وحدة وطنية لتقسيم السلطة بين الطرفين، فكل ما قامت به أنها، إلى جانب تجاهلها هذه المبادرة طوال الأسابيع الماضية، ارتكبت أول أمس عملاً إرهابياً جديداً في عرض البحر باعتدائها على سفينة مدنية تستأجرها القوات المسلحة الإماراتية لنقل الإغاثة والمعدات الإنسانية لليمن.
واضح أن الاعتداء الحوثي على هذه السفينة يسعى إلى استفزاز التحالف العربي، وهو محاولة لاستدراجه لمواجهة عسكرية، وذلك في محاولة بائسة للتنصل من الحل السياسي، الذي قدمه الوزير الأميركي كما تم التنصل سابقاً من الالتزامات الدولية والإقليمية وكل الاتفاقات التي تمت بين مليشيات الانقلاب والحكومة الشرعية.
محاولات التصعيد العسكري من قبل الحوثي وقوات المخلوع لن تنجح، والتحالف العربي لن ينجر وراء هذا التصعيد، فخيار السلام والحل السياسي له الأولوية لدى التحالف، أما الحوثي اليائس والذي يسعى إلى استمرار الحرب والمواجهات العسكرية، فسيجد نفسه في مواجهة العالم والمجتمع الدولي وهو يرفض الحلول السياسية، وقبل ذلك في مواجهة الشعب اليمني الذي سئم من هذه الحرب.
الحوثيون بهذا الاعتداء السافر يؤكدون من جديد أنهم لا يترددون في ضرب الأهداف المدنية والاعتداء على الأبرياء، فطوال هذه الحرب في اليمن عانى المدنيون القتل والتشريد والجوع والمرض، وعانى الأطفال التجنيد والاستغلال بكل أشكاله، كما عانى الشعب اليمني بأكمله تحويله إلى دروع بشرية تحتمي بها مليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح من ضربات قوات التحالف، واليوم يأتي الحوثي ليعتدي على سفينة، يدرك تماماً أنها مدنية تحمل أبرياء وليس عليها قطعة سلاح للهجوم، أو حتى للدفاع عن نفسها، فما هي الرسالة التي أراد أن يوصلها الحوثي من وراء هذا الاعتداء غير استهتاره بأرواح الأبرياء وضربه بالقوانين والأعراف الدولية عرض الحائط، وتأكيد أنه لا يريد غير الحرب، أما الحلول السياسية والسلام فهو غير مستعد لها بعد!
المصدر: الإتحاد