كاتب و ناشر من دولة الإمارات
كل خير تزرعه في مجال عملك، ستحصده حتى بعد تركك لمنصبك البعد الإنساني لأصحاب المناصب والنفوذ مهم جداً.. عندما ينتهي نفوذك ويزول منصبك تبقى إنسانيتك ويتذكر الناس خير أعمالك.
عندما صدر القرار بتعيينه مديراً، اغتبط بمنصبه، وفرح له الكثيرون من حوله، التغيير سنة الحياة هكذا قال الموظفون واستبشروا خيراً بقدومه، ومنذ أول يوم في عمله حاول أن يبث فكره وأسلوبه، ويفرض طريقته قسراً على الموظفين، وعندما عارضه الجميع، كان أحد خياراته أن يحارب الكل، واستعان بآخرين، متسلقين وأصحاب مبادئ متغيرة، تتغير مع المصلحة، أولئك الذين يوجدون عند كل مصلحة، ولا تخلو جهة عمل منهم، وبهم نفذ أجندته وحقق انتصارات مؤقتة على الحق، كمن دفن يوماً بذور الحق، ليواريها عن الأنظار، دون أن يعلم أنها ستنبت يوماً أشجار الحقيقة.
وعندما زالت غيوم المنصب وظهرت السماء أخذ يقلب كفيه! ماذا بقي له الآن غير تاريخ مخز كلما هرب منه تبعه! إنها المبادئ عندما تتساقط، كأوراق الخريف تتفرق!
قد يكون هذا السيناريو مكرراً ويحدث في كثير من أماكن العمل، لكن لماذا لا يعتبر البعض بالنهايات؟ ولماذا يغتر البعض بوهج البدايات؟ ولماذا أيضاً يفضل البعض أن يقسو في تعامله عندما يملك القوة والسلطة وعندما تزول من بين يديه، يعود سمحاً طيباً وينسى أنه في إحدى اللحظات كان سبباً في جروح الكثير من البسطاء بسبب شر معاملته، وإقصائه للآخرين بأنانية المنصب الذي ملكه لفترة وتركه الآن للأبد!
عندما تكون حدود قوتك طابقاً في عمارة وتتصرف كأنك تملك العمارة
قد تكون مفاجأة المنصب مرهبة للبعض، وأحياناً يقلد البعض فوق ما يستحقون، لهذا تجدهم يرتكبون من المآسي والفساد الإداري والمالي أكثر من المتوقع، وفي تحليل آخر فإن بعض المديرين الجدد قد تؤهلهم درجاتهـم العلمية لتبوؤ المنصب، لكن قدراتهم النفسية وحالتهم المعنوية أقل بكثير، المناصب الكبيرة تحتاج الكثير من الخبرة والقدرة على اتخاذ القرارات المهمة وحسن المعاملة، والصبر وأيضاً البعد الإنساني وهو أن تعلم أن الذي تديره هو إنسان مثلك وأحياناً لا يقل مقدرة وكفاءة عنك، لكن الظروف وعوامل مجتمعية كثيرة قدرت له أن تكون مسؤوله. وبما أنك ملكت القوة والقرار فتذكر من فوقك الذي يملك قرارك.
هناك قانون وهناك أيضاً روح القـانون فلتعلـم وأنـت تنفـث نار عقابك للآخريــن، أن شــظاياه قد تكون في مرمـاك ودخانهـا في سمائك قد تصيبك قبلهم. وينجو منها من أردت أن تحرقه بها.
المصدر: جريدة الاتحاد