صحفي وكاتب سعودي
من أهم ما يلفت النظر في مخططات السعودية للمستقبل، التركيز على توفير البيئة الصحية الصالحة للعيش للإنسان، المواطن والمقيم.
الإنسان إذا أحب الحياة، واستمتع بها، سيدافع عنها، وعن شروط وجودها واستمرارها على هذه السوية، وفي مقدم هذه الشروط تحقق الأمن وسيادة النظام، وهيمنة القانون.
وهذا لعمري، خير وقاية من الكآبة والعبوس والقنوط، وهذه هي منابع الشر الأسود في الحياة، والاستقالة منها، عبر الإرهاب الديني أو احتراف الجريمة المنظمة، أو التمرد على القانون، مثلما نرى في عبث المراهقين الجنوني بالسيارات.
في النظرة الحديثة للدول المتحضرة، تحقيق السعادة للمواطنين والمقيمين هو مؤشر على مدى نجاح الدولة وصحة المجتمع.
ألمانيا «دسترت» السعادة حقا للشعب ومسؤولية تقع على كاهل الحكومة. البروفسور الأميركي جيفري ساكس من جامعة كولومبيا تحدث سابقا في ندوة بدبي، وهو مختص بهذه المسألة، عن أن نجاح أي حكومة في العالم، مرهون بارتفاع مؤشر السعادة لدى الشعب، بل سمى ذلك «الناتج الإجمالي للسعادة». ومن آخر الأيام العالمية التي اعتمدتها الأمم المتحدة، تخصيص يوم للسعادة يوافق 20 مارس (آذار) من كل عام.
لقد كان الأمر الملكي الناص على إنشاء: «هيئة عامة للترفيه، تختص بكل ما يتعلق بنشاط الترفيه، ويكون لها مجلس إدارة يُعين رئيسه بأمر ملكي»، تعبير ساطع عن استشعار هذه المسؤولية للدولة تجاه السكان.
عزز ذلك شرح الرؤية في كتاب الرؤية بأن تحفيز قطاعي «الثقافة والترفيه» هو لتحقيق: «سعادة المواطنين والمقيمين».
ثم، بعد هذا الأمر العظيم الأثر، الترفيه يفتح أفقا واعدا بالفرص والاستثمارات العالمية والمحلية، خاصة مع تعهد الرؤية بدعم الاستثمار فيه، يوفر عشرات الآلاف من فرص العمل، ويدرب وينشط الاتصال الحضاري مع شعوب الأرض. وللتقريب، يكفي أن نعلم أن أميركا وحدها تشغِل أكثر من 3 ملايين شخص في صناعة الترفيه والتسلية.
المهرجانات، السينما، المسرح، المعارض، العروض الإبهارية، عروض الشارع، مثلما يحصل في كوفنت غاردن بلندن، كلها من مظاهر الترفيه. وهو ترفيه جالب للسعادة.. جالب للمال.
إذن، الترفيه هو واجب على الدولة تجاه مواطنيها؛ لأن الترفيه سبيل رئيس لتحقق السعادة، والسعادة مؤشر عميق على قوة الدولة والمجتمع.. كما أن الترفيه جسر رحب لازدهار الاقتصاد.
الترفيه يعني بث نفحات أكسجين نقية بشرايين الحياة، صحة نفسية واجتماعية وأمن وطني، واستثمار استراتيجي في الإنسان السعودي، وكل مقيم على أرض السعودية. هو ذلك وأكثر من ذلك، لمن يقرأ في «صناعة» الترفيه، كموضوع اقتصادي، وفي أهمية الترفيه، كصحة نفسية.
الترفيه مسألة جادة.. ليست نكتة!
المصدر: الشرق الأوسط