
يضيء مسجد الأقمر سماء القاهرة الفاطمية في رمضان، بحجارته البيضاء وواجهته المزخرفة بالدلايات والنقوش الخطية والنباتية، ما يجعله بحق واحداً من أجمل مساجد القاهرة، رغم مساحته الصغيرة مقارنة بالمساجد الكبرى الأخرى.
وتروي عمارة المسجد الأقمر، جانباً مهماً من تاريخ العمارة الإسلامية في مصر، وخصوصاً في العصر الفاطمي، وهو يكشف مدى عبقرية المهندسين المصريين في ذلك الزمان، الذين نجحوا في تعديل تصميم الجامع، ليتناسب مع البيئة المحيطة به في شارع النحاسين.
ويرجع المقريزي في خططه تسمية المسجد بالأقمر، لأن حجارته كانت تتلألأ تحت ضوء القمر في ذلك الزمان الغابر، وبني المسجد على أطلال دير قديم كان يوجد في هذا المكان، وكان يسمى دير بئر العظمة، قبل أن يأمر الخليفة الآمر بأحكام الله ببناء المسجد عام 1125.
يتكون مسجد الأقمر من صحن مكشوف مربع طول ضلعه 10 أمتار، تحيط به أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة، عقودها محمولة على أعمدة رخامية، فيما عدا أركان الصحن فقد استعيض عن الأعمدة الرخامية بأكتاف مربعة، ويقول آثاريون إن هذه العقود من النوع المحدب الذي لم يظهر بمصر إلا في أواخر العصر الفاطمي، إذ كان أول ظهوره في القبة المعروفة بقبة الشيخ يونس، والأروقة الأربعة للمسجد مسقوفة بقباب قليلة الغور، ما عدا الجزء الأخير في رواق القبلة، إذ يغطيه سقف حديث مستوٍ من الخشب، ويحلي حافة العقود المشرفة على الصحن طراز من الكتابة الكوفية، كما تحلي تواشيحها أطباق مضلعة تشع أضلاعها من جامات مزخرفة. ويتميز المسجد الأقمر بواجهته الفريدة، التي تتميز هي الأخرى بتناسب أجزائها وتناسقها، ووفرة زخارفها وتنوعها، وقد خضع المسجد لعمليات ترميم واسعة، إذ جدد منبره في أيام السلطان الظاهر برقوق في العام 1396 ميلادية، حيث شملت عمليات التجديد المنبر والمئذنة، على نحو ما تبين اللوحة التي ركبت أعلى المحراب، وروعي أثناء التجديد أن يظل المنبر محتفظاً بزخارفه الفاطمية.
المصدر: الخليج