مشاريع للحفاظ على المخزون السمكي و «ثلاثية» الاستدامة في أبوظبي

منوعات

هالة الخياط (أبوظبي) – تعتزم هيئة البيئة في أبوظبي اتخاذ عدة قرارات من شأنها الحفاظ على الثروة السمكية، واستدامة العاملين في الصيد اجتماعياً واقتصادياً، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تطوير خطة لحماية البيئة تكون جزءاً من مقومات الاستدامة الثلاثة، البيئية والاجتماعية والاقتصادية، بحسب رزان المبارك الأمين العام للهيئة.

وقالت المبارك إن وعي مجتمعنا بأمور البيئة ليس بالأمر الجديد، بل يعود لعقود مضت، فقد علم أجدادنا بالفطرة كيفية الحفاظ على بعض الأنواع المهددة بالانقراض، معتبرة أن مبادرات الهيئة امتداد لجهودهم.

وأبلغت “الاتحاد” بأن الهيئة ستبدأ خلال الأشهر المقبلة بجمع بيانات دقيقة حول قطاع صيد وتجارة الأسماك في خطوة تمهيدية لاتخاذ الخطوات اللازمة للحفاظ على الثروة السمكية، ورفع معدّل المخزون لمستوى الاستدامة وفق “رؤية أبوظبي 2030”، وتقييم وضع معيشة الأفراد المعنيين بصيد الأسماك واتخاذ قرارات منصفة بحقهم.

وكشفت عن أن الهيئة ستبدأ، العام الجاري، في تنفيذ مشروع تقييم المخزون السمكي وتأثيره الاجتماعي والاقتصادي في إمارة أبوظبي.

وحذّرت الأمين العام للهيئة من مؤشرات المعدلات الحالية للمخزون السمكي، والتي تشير إلى أنه سيكون تحت مستوى الاستدامة، بحلول عام 2030، ما لم تُكرّس جهود فعلية لمواجهة هذا التحدي.

وتوقّعت المبارك أن يفضي مشروع تقييم المخزون السمكي إلى إصدار قوانين وأنظمة جديدة للقطاع في منتصف 2014، بما يضمن استدامة العاملين في المهنة اجتماعياً واقتصادياً، مع تعزيز الاستدامة البيئية.

وشدّدت الأمين العام على أنّ هيئة البيئة في أبوظبي تعد جزءاً من رؤية أبوظبي 2030، التي تعمل لتحقيقها مع المؤسسات الحكومية يداً بيد.

وأعربت المبارك عن إيمانها بأن الحفاظ على البيئة مسؤولية ينبغي أن يتشارك فيها الجميع، حيث تتعاون الهيئة مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في تنفيذ عدة مبادرات تسعى من خلالها لتعزيز الثقافة البيئية في مختلف القطاعات.

وقالت الأمين العام: إن الهيئة نفذت مع شركائها عدداً من المبادرات، ووضعت لوائح قانونية تهدف إلى تنظيم عمليات الصيد وزيادة الوعي لدى المستهلكين حول الأنواع المعرّضة للصيد الجائر.

وفي هذا الصدد، لفتت إلى تربية الأحياء المائية، التي تسعى الهيئة إلى إرساء قوانين لها وتنظيمها، في مسعى لحلّ عملي للصيد الجائر، معربة عن اعتقادها بأن هذه الأحياء وسيلة ناجحة للتخفيف من الضغط على المخزون السمكي، وإيجاد فرص عمل واستثمار جديدة للصيادين والعاملين في تجارة السمك.

وأوضحت أن الهيئة تسعى من وراء هذا الموضوع إلى تحقيق مقومات الاستدامة الثلاثة: البيئية والاجتماعية والاقتصادية، وتطور آلية علمية تمكّنها من اتخاذ القرارات التنظيمية المناسبة لتحقيق التوازن بين هذه المقومات في أبوظبي.

وأقرّت المبارك بأننا “ما زلنا حتى هذه اللحظة نفتقر لقاعدة بيانات اقتصادية واجتماعية حول هذا القطاع الهام، والعاملين فيه وكل ما يتعلق به”، لافتة إلى أهمية هذه القاعدة في تقييم وضع معيشة الأفراد المعنيين بصيد الأسماك واتخاذ قرارات منصفة بحقهم، ودورها في المحافظة على البيئة البحرية وعلى الأسماك المهددة.

وحول الخطوات الإجرائية في إطار مشروع تقييم المخزون السمكي، أوضحت الأمين العام لهيئة البيئة أن الهيئة بدأت في مارس الماضي في وضع الخطة الرئيسية للمشروع، ونفذت عدداً من ورش العمل مع الشركاء أطراف العلاقة بالصيد لتحديد مسؤولياتهم في هذا المشروع، على أن تبدأ عملية جمع البيانات خلال الأشهر المقبلة.

وأشارت المبارك إلى أن عام 2013 يشهد تطورات كبيرة في عمل الهيئة إذ تمر الهيئة في مرحلة التنفيذ للكثير من المشاريع التي كانت في طور التخطيط خلال السنوات السابقة.

مراقبة جودة المياه الساحلية

وأوضحت المبارك أن من أولويات الهيئة تركيز جهودها على مواجهة التحديات التي تواجهها بالنسبة لإدارة المياه الجوفية والتغير المناخي.

وفي مجال المحافظة على جودة المياه البحرية، أفادت المبارك بأن الهيئة ستستمر في مراقبة جودة المياه الساحلية التي تؤثر على صحة البيئة وتزيد من المخاطر الصحية على السلامة العامة والمستقبل الاقتصادي لإمارة أبوظبي، وذلك من خلال برنامج لمراقبة جودة مياه الشواطئ الترفيهية في مختلف أنحاء إمارة أبوظبي، لضمان الحفاظ على البيئة والصحة العامة.

كما ستعمل الهيئة، بحسب المبارك، خلال هذا العام، بشكل مكثف مع شركائها لاعتماد استراتيجية إدارة النفايات التي وضعتها عام 2012، إضافة إلى وضع الخطة التنفيذية، حيث تسهم هذه الاستراتيجية في تحديد الإجراءات التي يجب أن يتم اتخاذها على مدى السنوات العشر المقبلة لتحقيق أهداف الرؤية البيئية 2030، ومنها تحويل 80 في المائة أو أكثر من النفايات بعيداً عن مكبات أبوظبي وضمان تحويل مكبات النفايات إلى مكبات طمر صحية 100 في المائة.

وقالت: كما تسعى الهيئة لمنح التراخيص لجميع منشآت إدارة النفايات كمكبات الطمر للتأكد من التزامها بالمعايير المطلوبة إضافة لتبنّي التشريعات والإرشادات اللازمة لتحسين نظام إدارة النفايات في إمارة أبوظبي.

تحديات

وبشأن أهم التحديات التي تواجه هيئة البيئة لتحقيق رؤية أبوظبي البيئية 2030، أوضحت المبارك أن الحفاظ على البيئة وحمايتها هي من أولويات رؤية أبوظبي 2030 ويظهر هذا في مختلف الأطر التنظيمية والسياسية على مستوى الدولة وإمارة أبوظبي.

وتابعت: تعمل هيئة البيئة مع الهيئات الحكومية والمؤسسات الخاصة لتفعيل دورهم لتحقيق أهداف الرؤية البيئية 2030 التي تحدد سياسات القوانين البيئية إلى جانب رؤية أبوظبي الاقتصادية وأجندتها الاجتماعية.

وقالت المبارك إن من أهم التحديات التي تواجه البيئة في الإمارات هي الإيقاع السريع للمشاريع العمرانية المنتشرة على الساحل والجزر والتي بدأت تمتد لمناطق صحراوية، كما يؤثر ارتفاع أعداد السكان والزائرين في الإمارات على نسبة استهلاك الموارد الطبيعية بالأخص المياه والغذاء.

وأضافت الأمين العام: “إن سرعة التطور العمراني والمشاريع الكثيرة تصعّب عملنا، لكن مهمتنا هي تطوير استراتيجية لحماية البيئة تكون جزء مكمّلاً للاستراتيجية الاقتصادية والاجتماعية في الإمارات، بحيث تشكّل محاور الاستدامة بنية تحتية قوية لتحقيق الاستدامة”.

وأكدت أن”أهم تحدياتنا في هذا الشأن، هو مواكبة سرعة التطوّر، والتأكّد من أن الاعتبارات البيئية تؤخذ على محمل الجد في مرحلة التخطيط الأولية لأي مشروع جديد”.

وأضافت: “إن عملية تطوير البنية التحتية للإمارة لتأهيلها لتقديم الخدمات اللازمة للمقيمين على أرضها تؤثر على نسبة استهلاك الطاقة، وإذا لم نقم بالخطوات اللازمة اليوم لحماية مواردنا من زيادة الاستهلاك فإن التحديات ستكون أكبر في المستقبل مع ارتفاع أسعار حاجاتنا الأساسية من مياه نظيفة صالحة للشرب وكهرباء وغذاء، والمستوى المعيشي الذي اعتدنا عليه جميعاً في الإمارات”.

التوعية البيئية

وعن جهود الهيئة في إطار التوعية البيئية، أوضحت المبارك أن زيادة الوعي البيئي يعد أحد أهم أولويات الهيئة، الذي توليه الاهتمام الذي يستحقه كي تصل رسالتها حول الحفاظ على البيئة إلى أكبر شريحة ممكنة من المجتمع.

وأردفت: “كما نركّز في عملنا لزيادة الوعي البيئي على الأجيال الناشئة عن طريق المدارس إيماناً منا بأهمية التعليم في صناعة الوعي البيئي”. وأكد المبارك حرص الهيئة على التواصل مع المؤسسات والشركات الخاصة لدعم مبادراتهم في الحفاظ على البيئة.

ونوهت بأن وعي مجتمعنا بأمور البيئة يعود لعقود مضت وليس بالأمر الجديد، فقد علم أجدادنا بالفطرة كيفية الحفاظ على بعض الأنواع المهددة بالانقراض، وهناك العديد من المبادرات في هذا الشأن التي هي امتداد لجهود مَن قبلنا مثل مبادرات إنقاذ المها العربي والغزال والحبارى، ولكن لسنوات لم تكن هذه المبادرات معروفة للعامة ولكن مؤخراً تغير الوضع وبسبب جهود المؤسسات الإعلامية أصبح المجتمع على دراية أكبر بهذه المبادرات والمشاريع.

ولفتت إلى أن بعض البرامج البيئية ما زالت غير معروفة، على سبيل المثال لا يعرف الكثير أن أشجار القرم المزروعة على سواحل إمارة أبوظبي، والتي يصل عمرها إلى أكثر من 40 عاماً، ما يعني أن قيمتها البيئية تفوق أي شجر مزروع حديثاً، ما يحتم علينا بذل كل ما في وسعنا للحفاظ عليه.

الاقتصاد المستدام

وأشارت الأمين العام لهيئة البيئة في أبوظبي إلى أن نقص المعرفة بالقضايا البيئية قد يستخدم في بعض الأحيان كعذر لعدم قيام البعض بواجبهم تجاه البيئة، فللأفراد والمؤسسات الحكومية أو الخاصة الوعي الكافي لجعل الخطة البيئية جزءاً من عملهم وحياتهم اليومية، إلّا أنهم وفي بعض الأحيان يقعون ضحية للمعتقد السائد أن المبادرات البيئية قد تكون عبئاً مادياً عليهم للمدى القصير، وما لا يعلمه البعض أنها في الواقع ذات منفعة عالية على المدى الطويل، وتسهم ببناء اقتصاد مستدام.

وأضافت الأمين العام لهيئة البيئة أن البعض وفي الكثير من الأحيان يشكّكون بالمعطيات والمعلومات حول التحديات البيئية، ربما لأن تحمّل مسؤولية إيجاد الحلول قد يقيّد أعمالهم بطريقة أو بأخرى.

وضربت مثالاً على ذلك بالتغير المناخي الذي أصبح اليوم حقيقة علمية تؤكدها الأبحاث والدراسات، مضيفة: “نحن نعلم أن تغيّراً بسيطاً في طريقة استهلاكنا للموارد قد يسهم في حل هذه المشكلة البيئية”، متسائلة: “ولكن هل يتشارك الجميع في هذا الحل؟”.

وفي هذا الإطار، قالت: “حققنا الكثير حتى الآن من خلال عملنا في مجال التوعية، ويبقى الكثير لتحقيقه، ونحن ملتزمون ببذل الجهود المطلوبة لتوصيل القضايا البيئية إلى رأس قائمة الأولويات لدى المؤسسات والأفراد”.

جزء من «أبوظبي 2030»

اعتبرت رزان المبارك، هيئة البيئة جزءاً من رؤية أبوظبي 2030، تعمل يداً بيد مع المؤسسات وعدد من الوزارات والمؤسسات المحلية والاتحادية لتحقيق هذه الرؤية. ورأت أن المسؤولية البيئية هي مسؤولية تشاركية، حيث نتعاون مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في تنفيذ مبادرات تسعى لتعزيز الثقافة البيئية في مختلف القطاعات. وأكدت المبارك أن التغيير الذي يحصل الآن هو ثمرة جهود سابقة بدأت منذ تأسيس الهيئة عام 1996، لافتة إلى أن التغيير الأكبر الذي نلمسه الآن هو زيادة الوعي العام بأن مسؤولية الحفاظ على البيئة لا تقع على كاهل جهة واحدة فقط، بل هو عمل وتعاون المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني. وتابعت: “بدأنا نلمس فهماً أعمق للمواضيع البيئية وتحدياتها وقبولاً أكبر لتقاسم هذه المسؤولية؛ ما نتج عنه تعاون أكبر لتحقيق الأهداف المرجوة”.

الأنظمة واللوائح القانونية في تطور مستمر للتوافق مع التغيّرات في التحديات البيئية

في شأن الإطار التنظيمي ووضع اللوائح القانونية، أكدت رزان المبارك الأمين العام هيئة البيئة بأبوظبي أن الأنظمة واللوائح القانونية في تطور مستمر للتوافق مع التغيّرات في التحديات البيئية، مضيفة: “ولحسن حظّنا في الإمارات، وعلى الرغم من حداثة الدولة، إلا أنها أولت وفي مراحل مبكرة اهتمامها لبناء إطار قانوني يأخذ بعين الاعتبار القضايا البيئية”.

وأشارت إلى الأطر القانونية في دولة الإمارات عموماً وأبوظبي خصوصاً، والتي تغطي القضايا البيئية باستفاضة، ومنها: القانون (24) لحماية وتنمية البيئة والذي صدر عام 1999، وكذلك الضوابط الصناعية وقوانين حماية المناطق البحرية والبرية، مؤكدة أن ما نحتاجه اليوم هو تكامل القوانين البيئية على المستوى التشريعي والقضائي بما يمكّن الجهات الكفيلة بحماية البيئة من اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتحقيق أهدافها بفعالية أكبر.

وبشأن الجهود التي تقوم بها الهيئة لتشجيع المؤسسات على تبنّي مبادرات بيئية من ضمن برامج مسؤوليتها المجتمعية، أكّد أمين عام هيئة البيئة أن المؤسسات تلعب دوراً كبيراً وهاماً في حماية البيئة، وفيما نقدّم الدعم المطلوب لأي مبادرة تقوم بها الشركات، عن طريق زيادة الوعي حول كيفية ترشيد الاستهلاك داخل الشركات، وبناء القدرات فيها لتأهيلها لتنفيذ خططها البيئية التي تساهم إيجابياً في الشؤون البيئية. ومن المبادرات ‎المهمة لتشجيع دور المؤسسات في الحفاظ على البيئة، أشارت المبارك إلى مبادرة “أبطال الإمارات” التي تشجع الشركات والمؤسسات ‏من مختلف القطاعات‎ ‎على اتخاذ خطوات صارمة لترشيد استهلاكها للطاقة وتفادي خطورة تناقصها، مبينة أن هذه المبادرة تنفذ من قبل جمعية الإمارات للحياة الفطرية، بالتعاون مع الصندوق العالمي لصون الطبيعة‎ ‎وهيئة البيئة وحظيت بدعم من وزارة البيئة والمياه.

وقالت: “ما نطمح إليه الآن، أن تكون المبادرات البيئية ليست فقط تحت مظلة المسؤولية المجتمعية لدى الشركات، بل أيضاً هي جزء من تخطيط وتطوير أعمالها على أن تكون قابلة للتنفيذ”.

المصدر: صحيفة الاتحاد