تتواصل أعمال مشروع براكة للطاقة النووية السلمي وتشييد المحطات النووية الأربع في براكة، حيث استخدمت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية حتى الآن نحو 250 ألف طن من حديد التسليح في بناء المحطات الأربع، علما بأن الإنشاءات لا تزال مستمرة، وإن هذه الكمية تفوق كمية الحديد المستخدم في برج خليفة بـ6 أضعاف (39 ألف طن) فيما وصل طول الكابلات المستخدمة في محطة براكة للطاقة النووية إلى 1559 كيلومتراً وهو ما يتعدى المسافة بين لندن وروما والمقدرة بنحو (1433 كيلومتراً).
وأكدت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية أنه بنهاية شهر يناير الماضي بلغت نسبة إنجاز المحطات أكثر من 94% في المحطة الأولى و82% في المحطة الثانية و68% في الثالثة و41% في المحطة الرابعة، فيما بلغت نسبة الإنجاز الكلي للمشروع 76%.
وأعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، الأسبوع الماضي انتهاء أعمال إنشاء قبة مبنى احتواء المفاعل، بالإضافة لاستكمال أعمال توصيل الأنابيب الخاصة بحلقات تبريد المفاعل باستخدام تقنية لحام متطورة.
فيما اعتمدت اللجنة التنفيذية التابعة للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي خلال اجتماعها الأخير برئاسة جاسم الزعابي رئيس اللجنة ترسية مشروع ربط الطاقة الكهربائية المتولدة من محطة براكة للطاقة النووية السلمية بشبكة الكهرباء القائمة في الإمارة بتكلفة 63 مليون درهم.
ووفق مؤسسة الإمارات للطاقة النووية فإن المواد المستخدمة في إنشاء المحطات الأربع بموقع براكة حتى اللحظة، استخدم فيها أكثر من 1.07 مليون متر مربع من الخرسانة في إنشاء المحطات الأربع بموقع براكة، ويمثل هذا الرقم 50% من إجمالي الخرسانة التي ستُستخدم لجميع الإنشاءات في المشروع لحظة اكتماله، وتُعتبر هذه الكمية ثلاثة أضعاف إجمالي كمية الخرسانة المستخدمة في بناء برج خليفة (329742.4) متراً مربعاً.
أول موقع في العالم
وأصبحت محطة براكة للطاقة النووية أول موقع في العالم يجري فيه إنشاء أربع محطات نووية متطابقة بأمان وفي آن واحد، وبذلك تقدم برنامج المؤسسة على مواقع الإنشاءات الأخرى العالمية في الصين والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وروسيا ودول أخرى.
وبدأت الأعمال الإنشائية في المحطة الأولى في يوليو 2012 بعد الحصول على رخصة الإنشاء من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية وشهادة عدم الممانعة من الهيئة التنظيمية البيئية في أبوظبي وهي هيئة البيئة – أبوظبي، فيما بدأت الأعمال الإنشائية في المحطة الثانية عام 2013، في حين عملت المؤسسة على صب خرسانة السلامة الأولى في المحطتين الثالثة والرابعة عام 2014 و2015 على التوالي.
وحتى يومنا هذا، تمكن مشروع محطة براكة للطاقة النووية من تحقيق 13 إنجازاً أساسياً وفقاً للجدول الزمني المحدد لبرنامج المؤسسة الضخم والمعقد، وكذلك العمل على تطوير البرنامج على نحو ثابت مع جعل السلامة والجودة أساساً لجميع القرارات والأعمال التي تنفذها المؤسسة.
ويعد إنشاء محطات للطاقة النووية أمراً لا يستهان به على أن تلبي هذه الإنشاءات المعايير المحددة للجودة والتوثيق، إلى جانب أن فريق العمل المخلص لدى الهيئة والملتزم بالمعايير الذهبية للسلامة والجودة النووية وكذلك سيستفيد النووي السلمي الإماراتي من المستويات المميزة للتعاون الدولي النووي والتي تعد إضافة مهمة للخبرات الإنشائية الإماراتية.
مفاعلات متقدمة
وتضم محطة براكة للطاقة النووية 4 مفاعلات تندرج ضمن الجيل الثالث من مفاعلات الطاقة النووية ومن نوع مفاعلات الطاقة المتقدمة (APR1400) التي تعد من أحدث التقنيات المتطورة من بين تصاميم مفاعلات الطاقة النووية حول العالم، وهي تلبي أعلى المعايير الدولية في السلامة والأداء ويجمع هذا التصميم الحديث بين آخر التطورات في السلامة والأداء بتقنيات أثبتت كفاءتها بعد عقودٍ طويلة من التشغيل،
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المفاعل من تطوير الشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو)، التي عملت على تحسينه طوال الأعوام الثلاثين الماضية ليعمل وفق أعلى معايير السلامة والأداء التشغيلي والحد من الآثار البيئية والعمر التشغيلي.
ويعد مفاعل الطاقة المتقدم (APR1400) من الجيل الثالث من مفاعلات الماء المضغوط، وتصل القدرة الإنتاجية للمفاعل الواحد إلى نحو 1400 ميجاواط من الكهرباء، ويصل العمر التشغيلي للمفاعل الواحد إلى نحو 60 عاماً، ويستند تصميم هذا المفاعل إلى المفاعلات التي تعمل بنظام +80 والمعتمدة من مفوضية الطاقة النووية الأميركية.
ويتميز المفاعل بنظام السلامة المُصمّم ليقاوم الحوادث الخطيرة ويقي منها، أو يخفف من آثارها ويتضمن أيضاً نظاماً تلقائياً للسلامة بحيث يضمن إيقاف تشغيل المفاعل بصورة آمنة وتخفيض الحرارة في حالات الطوارئ ومنع الانبعاثات الإشعاعية وتوجد 4 مفاعلات للطاقة المتقدمة (APR1400) قيد الإنشاء في كوريا الجنوبية، وبالتحديد يوجد مفاعلان قيد الإنشاء في محطة «شين كوري» مع العلم بأنه من المتوقع أن تبدأ العمليات التشغيلية في أحد هذين المفاعلين في منتصف عام 2017، الجدير بالذكر أن هاتين المحطتين هما بمثابة المحطتين المرجعيّتين بالنسبة لمحطات براكة للطاقة النووية.
تعديلات وتحسينات
ونفذت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية عدداً من التعديلات والتحسينات على تصاميم المحطات المرجعية للتكيف مع الظروف المناخية للدولة وتلبية اللوائح الخاصة بالهيئة الاتحادية للرقابة النووية تضمنت استخدام مضخات ومبادلات حرارية وأنابيب أكبر حجماً لزيادة معدل تدفق المياه في أنظمة التبريد، وبالتالي زيادة القدرة على التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة لمياه البحر في منطقة الخليج، وتصميم أنظمة تبريد المحطة وأنظمة سحب مياه البحر على نحو يضمن التوافق مع معايير هيئة البيئة – أبوظبي المتعلقة بتغيير درجات حرارة مياه الخليج بالقرب من المحطات إلى جانب تعزيز أنظمة التهوية والتكييف المقاومة لآثار ارتفاع درجات الحرارة وجفاف الهواء أو زيادة الغبار والرمال في الجو، وتصميم مصفاة لتنقية المياه وحماية الثروة السمكية أثناء التشغيل.
واختير موقع أولى محطات الطاقة النووية السلمية في براكة بالمنطقة الغربية لإمارة أبوظبي، والتي تقع جنوب غربي مدينة الرويس وتبعد عنها نحو 53 كيلومتراً بناء على عدة عوامل بيئية وتقنية وتجارية، وذلك بعد عملية تقييم شاملة ومعمقة أجراها خبراء محليون ودوليون.
ومن العوامل التي أُخذت بالاعتبار عند اختيار الموقع المناسب التاريخ الزلزالي، البعد عن المناطق الكبرى المأهولة بالسكان، القرب من موارد المياه وشبكة الكهرباء والبنية التحتية ذات الصلة بالصناعة والنقل .
وفي يوليو 2010، أصدرت كل من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية وهيئة البيئة ـ أبوظبي رخصتين للبدء بالأعمال الأولية في محطة براكة.كميات ثابتة
وتؤكد مؤسسة الإمارات للطاقة النووية أن الطاقة النووية يمكنها توليد كميات كبيرة وثابتة من كهرباء الحمل الأساسي على مدار 24 ساعة، بغض النظر عن الأحوال الجوية، كما يمكنها التقليل من الانبعاثات الكربونية في الدولة وتنويعها لإمدادات الطاقة وزيادة أمنها، وتوفير طاقة اقتصادية صديقة للبيئة وموثوقة لعدد السكان المتنامي فيها، وكذلك تلبية التزامات الدولة في مجال الاستدامة ـ فبحلول عام 2020، ستجنبنا محطات الطاقة النووية الأربع إنتاج 12 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، وهذا يعادل حجم 420 مليون سيارة تويوتا كامري.
2020 التشغيل الكامل للمحطات الأربع
قال المهندس محمد الحمادي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية: تتمثل مهمة مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في توفير هذا المصدر الجديد من الطاقة لدولة الإمارات وفي عام 2020، سيتولى فريق العمل مسؤولية تشغيل أربع محطات للطاقة النووية لتوفير ما يصل إلى 25% من احتياجات الدولة للطاقة الكهربائية، إلى جانب تقليل الانبعاثات الكربونية الضارة بالبيئة بنحو 12 مليون طن سنوياً، وفقاً للموقع الإلكتروني المجدّد للمؤسسة.
وأضاف: «منذ إنشاء المؤسسة في عام 2009 وهي تواصل مراحل النمو والتطور، فقد كانت في البداية شركة نووية صغيرة مع عدد بسيط من الموظفين، أما الآن فقد أصبحت المؤسسة شركة رائدة عالمياً للطاقة النووية يتجاوز عدد الموظفين فيها 1700 موظف وموظفة، وجميعهم وضعوا هدفاً واحداً نصب أعينهم ألا وهو توفير طاقة نووية آمنة ومستدامة لدولة الإمارات العربية المتحدة».
كما أوضح: سيكون للطاقة النووية دور مهم في مستقبل دولتنا، فالطاقة عموماً تعد أساسية لدفع التطور والنمو في دولة ناجحة ومتنامية اقتصادياً مثل دولة الإمارات، من جانبها ستوفر الطاقة النووية للدولة فرصة تطوير مصدرٍ آمن وفعال وموثوق به وصديق للبيئة للكهرباء، وستساهم أيضاً في استراتيجية تنويع مصادر الطاقة في الدولة، مما سيضمن تحقيق مستقبلٍ آمن ومستدام للطاقة.
إنشاءات
وقد بدأت عمليات إنشاء محطة براكة للطاقة النووية في عام 2012، وما زالت تسير الإنشاءات على نحوٍ ثابت وقد أثبت الموظفون والمقاولون الذين يعملون في موقع براكة التزاماً قوياً ووثيقاً بأعلى معايير السلامة والجودة.
وأوضح المهندس الحمادي أنه بجانب عملنا على هذا البرنامج الإنشائي الكبير والفريد من نوعه، نعمل أيضاً على تطوير قوى عاملة ذات مهارات عالية لتلبية متطلبات قطاعنا المتنامي، فنحن نعلم أن الموارد البشرية هي الدافع الأهم لنجاح مشروعنا. وتحضيراً لبدء العمليات التشغيلية في المحطات، توفر مؤسسة الإمارات للطاقة النووية برامج تدريبية منتظمة للكفاءات الإماراتية لدينا، وذلك لضمان تشغيل المحطات في المستقبل على نحوٍ آمن. وأسست المؤسسة برنامج روّاد الطاقة لاستقطاب ألمع الكفاءات الإماراتية وتوفير أفضل الفرص التدريبية والتطويرية بأعلى المعايير العالمية طوال مدة عملهم في المؤسسة.
وأضاف إننا ندرك أهمية التعلم المستمر وأهمية التميز المؤسسي في كل مجالات البرنامج ولهذا نحاول تطبيق معايير التحسين والتعلم المستمر كل يوم بالتعاون مع شريكنا ومقاولنا الرئيسي وهو الشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو). ونواصل الاستفادة من خبراتهم ومعارفهم وأيضاً من الخبرة المستخلصة من تعاملنا مع مختلف الشركات والجهات في قطاع الطاقة النووية حول العالم وذلك في كل ما يصب في مصلحة البرنامج النووي السلمي الإماراتي.
كهرباء
تنتج محطات الطاقة النووية كميات كبيرة من الكهرباء بكميات بسيطة من الوقود النووي إذ تستطيع حبيبة يورانيوم واحدة إنتاج طاقة تعادل الطاقة التي ينتجها 474 لتراً من الوقود أو طن واحد من الفحم، وتعد هذه الطاقة كافية لتوليد الكهرباء في منزل واحد لمدة شهرين من دون أي انبعاثات كربونية تقريباً.
1400
خصصت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية فريقاً متخصصاً بالتطوير الصناعي للعمل جنباً إلى جنب مع الشركات الإماراتية ودعمها لضمان تلبيتها لمعايير الجودة والمعايير التقنية الصارمة المطلوبة في قطاع الطاقة النووية، وتتعامل المؤسسة الآن مع أكثر من 1400 شركة إماراتية بعقود تتجاوز قيمتها الإجمالية نحو 9.1 مليارات درهم (3 مليارات دولار) للحصول على مجموعة من المنتجات والخدمات لدعم إنشاء أولى محطات الطاقة النووية في الإمارات.
وأبرمت هذه العقود مع الشركات المحلية على مدار الأعوام الثلاثة الماضية وبالتعاون المشترك بين المؤسسة والشركة الكورية للطاقة الكهربائية، وتتضمن هذه الشركات ديسكون الهندسية وابن عشير وشركة الجرافات البحرية الوطنية ومجموعة بينونة الغربية وحديد الإمارات وشركة دبي للكابلات الخصوصية المحدودة.
2008
أصدرت الإمارات في أبريل 2008 وثيقة سياسة الدولة المتبعة لتقييم وإمكانية تطوير برنامج للطاقة النووية السلمية في الدولة وارتكزت في كتابة سياستها على أعلى معايير السلامة والشفافية والأمان إلى أن أصبحت الإمارات نموذجاً يحتذى به لمختلف دول العالم التي تدرس إمكانية تطوير الطاقة النووية لديها.
وركزت السياسة على نقاط رئيسية وهي: الشفافية التشغيلية التامة، أعلى معايير حظر الانتشار النووي، ترسيخ أعلى معايير السلامة والأمن، التنسيق المباشر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والالتزام بمعاييرها، عمل شراكات مع حكومات الدول المسؤولة والمؤسسات ذات الخبرة المناسبة.
كما وضعت هذه السياسة نموذجاً جديداً لمساعدة الدول التي لا تملك برامج نووية لاستكشاف خيار إنشاء برنامج للطاقة النووية السلمية مع الدعم والثقة الكاملين من المجتمع الدولي.
2020
ترتفع ذروة مستوى الطلب الوطني السنوي على الكهرباء إلى أكثر من 40 ألف ميغاواط في عام 2020، أي ما يُقدر بمعدل نمو سنوي نسبته 9% تقريباً، وهي نسبة تعادل ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي، وذلك وفق دراسات أثبتت أن الإمارات بحاجة إلى مصادر جديدة وصديقة للبيئة للحصول على الكهرباء.
وينتج المفاعل النووي الكهرباء بطريقة مشابهة كثيراً لتلك التي تجري في باقي محطات توليد الطاقة الكهربائية الأخرى ففي البداية، تكون هناك طاقة تولِّد حرارة وتحول الماء إلى بخار، ثم يشغل هذا البخار مولد الكهرباء لإنتاج الطاقة ويكمن الاختلاف الوحيد في المصدر المستخدم لإنتاج الحرارة في بداية كل عملية فبعض محطات الطاقة تحرق الفحم أو النفط أو الغاز الطبيعي لتوليد الحرارة وفي محطة الطاقة النووية، تنبعث الحرارة من انشطار الذرات – وهي عملية تسمى الانشطار النووي.
المصدر: البيان