كاتب وإعلامي من دولة الإمارات العربية المتحدة
عشقناها صغاراً؛ تعلمنا حروف الأبجدية الأولى على أيدي مدرسيها، وشممنا رائحة الدواء الأولى على أيدي أطبائها، وعرفنا العلوم الأولى من بحوث علمائها، وقرأنا الروايات الأولى بأيدي كتابها، وسمعنا الأغاني الأولى من حناجر فنانيها، وشاهدنا الأفلام الأولى من تمثيل نجومها.
وعندما كبرنا وكبرت أحلامنا في وطن عربي يجمع الأمة من مشرقها إلى مغربها، كانت مصر هي القبلة التي توجهنا إليها، فمنها بدأ المد القومي، الذي انطلق لينعش الآمال في نفوس العرب جميعا، ويجدد الرغبة في استعادة أمجادنا، وبعد كل نكسة كانت الأمة تصاب بها، كانت مصر هي من ينهض بها منها.
هذه هي مصر التي لها في قلب كل عربي مكان، من مشرق الوطن إلى مغربه، ولها مستقر في الوجدان، ينشغل بهمومها كل عربي أكثر مما ينشغل بهموم وطنه، لأن مصر ليست مجرد أرض على خارطة الكرة الأرضية، وإنما هي قوة يمكن أن تغير المعادلة في أي لحظة.
وقد بدا هذا واضحا خلال المنعطف الذي تمر به الأمة العربية هذه الأيام عاصفا بكيانها ممزقا دولها، فرغم أن مصر داخلة في مخطط الفوضى الذي يتم تنفيذه بطريقة أحجار الدومينو تجاه الأمة العربية، إلا أن يقظة شعب مصر العظيم وعقيدة جيشها القوي أنقذتاها من الوقوع في هذا المستنقع الذي انزلقت إليه دول غيرها، فأحيت بذلك الأمل في الحفاظ على كيان الأمة، وإعادتها إلى مسارها الصحيح، والنهوض بها من جديد.
وعبر هذا المسار كله كانت مواقف دولة الإمارات واضحة وصريحة، وكانت قلوب أبناء الإمارات معلقة دائما بما يحدث في مصر، وكانت ثقتهم بالشعب المصري ووعيه ويقظته كبيرة، لأن الأواصر التي تربط الشعب الإماراتي بالشعب المصري قوية وراسخة.
ورغم محاولة بعض الطارئين على تاريخ مصر إفساد العلاقات بين مصر والإمارات، إلا أن كل تلك المحاولات ذهبت أدراج الرياح، لأن ما يربط مصر والإمارات أقوى من الرياح والزوابع.
سوف تبقى مصر في قلوب أبناء الإمارات وتبقى الإمارات في قلوب أبناء مصر، لأن العلاقة بينهما قائمة على روابط تاريخية عميقة متجذرة في نفوس أبناء الشعبين الإماراتي والمصري، وما هو متجذر في النفوس أقوى من أن تقتلعه أي ريح، ورياح الخير التي تدفع سفينة هذه العلاقة أقوى من رياح الشر التي لا يحصد أشواكها سوى الأشرار أنفسهم.
المصدر: البيان
http://www.albayan.ae/opinions/articles/2014-11-12-1.2241899