فوق حبات الرمال الساخنة.. وتحت أشعة الشمس الدافئة.. وداخل بيوت من سعف النخيل، وضعت قسوة الحياة في البر والبحر بصماتها فوق وجوه لاتتوقف عن العمل.. تطارد الأمل وتنتظر خيوط الفجر.
وجاء زايد ليوحد البيت ويهيئ المكان ويبني الإنسان ويشيد البنيان، ويحول اليأس إلى أمل والحلم إلى حقيقة والضعف إلى قوة والصحراء إلى واحات خضراء.. وارتفعت صروح اقتصادية وتربوية واجتماعية ورياضية وثقافية لتزين وجه الوطن.
وتحول المكان من «جزيرة من الرمال والغبار لامعالم لها» كما كتبت صحيفة الفاينانشال تايمز قبل إعلان الاتحاد، إلى وطن في القمة لا يوجد مثله مكان آخر في السعادة والتسامح والتنمية والخير والعطاء والانتماء والوفاء، وطن يصنع المستقبل ولاينتظره، وطن يقفز بخطوات أسرع من الزمن، وطن يكتب التاريخ ويخطط للوصول إلى المريخ بعد 100 عام، وإقامة أول مستوطنة بشرية فوق الكوكب الأحمر عام 2117.
وبين الصورة والصورة، ألف صورة وصورة في كل المجالات، صور من الفخر والانتماء والتحدي والإصرار والكفاح والنجاح والطموح والشموخ، ولكن تبقى أول وأجمل صورة يوم توحدت القلوب وانهارت الحواجز، وولدت الفكرة فكانت الأمة، وارتفع العلم في الثاني من ديسمبر عام 1971 ليعلن قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة بين أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان والفجيرة وأم القيوين، وبعد عام واحد انضمت إمارة رأس الخيمة للاتحاد لتكتمل الصورة الجميلة وتبدأ رحلة التحديات الكبيرة والإنجازات العظيمة.
وقبل إعلان الاتحاد كانت هناك تحديات واجتماعات ومشاورات ومفاوضات، وكما جاء في كتاب زايد من «التحدي إلى الاتحاد» للدكتورة جوينتي مايترا أن الوكيل السياسي في دبي جوليان بولارد كتب في تقريره السنوي عام 1969 بأن الوحدة لن يكتب لها النجاح أبدا ككيان، وقال أيضاً إن الآمال بتحقيق الاتحاد انهارت في واد سحيق».
وبعد عام من إعلان الاتحاد تساءل تريدويل أول سفير بريطاني في الإمارات بدهشة وقلق قائلا: «إلى أين تتجه الإمارات العربية المتحدة؟ هل بإمكانها البقاء؟»
هذا كان السؤال، والإجابة تلك الصورة على أرض الواقع تعجز كل المفردات عن وصفها، إنها «المعجزة» على حد وصف الجارديان البريطانية في ذلك الوقت، فهذا الوطن بحكمة قادته ووحدة أبنائه وصلابة مواقفه ووضوح رؤيته تجاوز كل التحديات الداخلية والخارجية منذ عام 1971 حتى أصبح اليوم نموذجا للكثير من دول العالم في التسامح والإنسانية والعمل والنجاح والسعادة والرفاهية.
وإذا كان الوطن هو المعجزة، فإن الإنجاز الأول والأكبر فوق أرض هذا الوطن هو الإنسان، فالمؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان يرى دائماً أن الإنسان هو محور كل تقدم حقيقي، ولذلك وضع المواطن على رأس أولوياته وهو يرسم ملامح الوطن الجديد، وقال في حواره مع صحيفة الاتحاد يوم 27 نوفمبر 1971 إن المهمة الأولى لدولة الاتحاد هي إعادة بناء إنسان الخليج وتوفير احتياجاته.
فكان يؤمن بقيمة الإنسان ودوره في مسيرة البناء والتنمية، ولاتمر مناسبة، إلا ويؤكد فيها دعمه للمواطن ومن أشهر أقواله: «مهما أقمنا من مبان ومنشآت ومدارس ومستشفيات ومهما مددنا من جسور فإن ذلك يظل كياناً مادياً لا روح فيه وغير قادر على الاستمرار. إن روح كل ذلك هو الإنسان القادر بفكره وامكاناته على صيانة كل هذه المنشآت والتقدم بها والنمو معها».
فالاستثمار في الإنسان هو الثروة الحقيقة في مسيرة 46 عاماً، ولذلك عندما ننظر إلى ماوصلنا إليه اليوم، ونحن نهيئ أجيال المستقبل لاقتحام الفضاء ندرك جيداً حجم ماتحقق في السنوات الماضية.
فالإمارات في صدارة الترتيب الإقليمي لمؤشرات وتقارير التنافسية العالمية 2016و2017، في مجالات عدة منها: مؤشر الابتكار العالمي وسهولة الأعمال، والسعادة العالمي، والتنمية البشرية، والازدهار، والمواهب العالمية، وتصنيف العلامات التجارية للدول (نسخة السياحة)، ومؤشر التوازن بين الجنسين وريادة الأعمال والتنمية العالمية، ومؤشر إيدلمان للثقة، وتصدرت أيضاً المركز الأول في الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، وتقرير تقنية المعلومات العالمية، وتقرير تمكين التجارة العالمي، وتقرير التنافسية العالمية، وتقرير تنافسية السياحة والسفر.
ووفقاً لتقرير التنافسية العالمية 2017-2018، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، تعد الإمارات من الدول الأكثر أماناً في العالم. وجاء ترتيبها الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي المركز 33 عالمياً في مؤشر سيادة القانون ضمن مشروع العدالة الدولية لعام 2016.
كما جاءت الميزانية متوسطة المدى عن السنوات 2017-2021 التي أعتمدها مجلس الوزراء في أكتوبر 2016 لتعكس حجم الطموحات الكبيرة، وأصبحت الإمارات الدولة العربية الأولى التي تقوم بإعداد ميزانية لـ 5 سنوات، وذلك بنفقات تقديرية قدرها (247.3) مليار درهم لخمس سنوات.
فعندما تكون لديك رؤية، وتعرف موضع خطوتك المقبلة وماذا ينتظرك في المستقبل عليك أن تذهب بعيداً أحلامك حتى تصل إلى المريخ.
ومابين حلم المريخ 2117 ومولد الوطن 1971 كانت هناك العديد من المحطات التي رسمت ملامح المستقبل، بداية من مرحلة البناء مرورا بمرحلة التمكين وصولاً إلى عصر الرفاهية والسعادة. ولكن البذرة الأولى التي غرسها المؤسس هيأت أرضية صلبة لبناء دولة قادره على التحدي والتحليق عالياً، دولة ولدت لتكون دائماً في القمة.
وفي أول خطاب للشيخ زايد في افتتاح المجلس الاستشاري الوطني عام 1971 قال: سخرنا دخلنا من البترول لخير الوطن والمواطن وفي الوقت نفسه نضع إمكانياتنا في خدمة أهداف التنمية العربية»
هذا هو النهج الذي سارت عليه الدولة حتى الآن، وكان المواطن بطل المشهد الأول في كل المبادرات والأفكار والمشروعات.
وتأسست لجنة خليفة في أبوظبي عام 1981 لتقديم القروض والمساعدة في إنشاء البيوت والعقارات، وجاء برنامج زايد للإسكان عام 2000 ليقدم مساعدات سكنية وقروض ومنح ويوفر العديد من نماذج تصاميم المساكن المجانية، بالإضافة إلى الدور الذي تقوم به مؤسسة محمد بن راشد للإسكان في تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين.
وأطلق صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مبادرة «أبشر» لتوظيف 20 ألف مواطن، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إن المواطن عند رئيس الدولة أولاً وثانياً وثالثاً أبشر مبادرة عظيمة».
وامتدت يد الرعاية لتشمل كل إمارات الدولة في المجالات كافة، وشيدت شبكة طرق بمواصفات عالمية اختصرت المسافات ووفرت أعلى معايير الأمن والسلامة، منها شارع «خليفة بن زايد –الفجيرة الجديدة» والذي شيد بمكرمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وتم إنجازه في 5 سنوات حيث يمر بسلسلة جبال ومناطق جبلية، وتكلف مليارا و700 مليون درهم، واختصر هذا الطريق الوقت والمسافة بين المنطقة الشرقية ودبي وأبوظبي، بالإضافة إلى طريق الفجيرة خورفكان.
وقبل الطرق والمساكن والقروض، كان التعليم هو أول سطر في تاريخ وطن أهدافه وطموحاته الكبيرة لن تتحقق إلا بأجيال مؤهلة علمياً لمواصلة مسيرة البناء والتنمية والتقدم بكل أدوات العصر، ووفرت الدولة كل الإمكانيات لبناء المدارس والجامعات، وخلال حضوره حفل تخريج أول دفعة من طلبة جامعة الإمارات في مارس من عام 1982، قال الشيخ زايد، طيب الله ثراه:«إن الرجال.. وليس المال هم الثروة الحقيقية لهذا الوطن».
واليوم جامعة الإمارات من بين أفضل 500 جامعة على مستوى العالم خلال تصنيف الجامعات لعام 2018، وتم تصنيفها كأفضل جامعة في الدولة وجاءت في المركز 390 ضمن أفضل 400 جامعة عالمية وفق التصنيف الجديد ضمن أفضل 1.5% من جامعات العالم والتي تصل إلى 2600 جامعة حيث تقدمت وفقا للمعايير الدولية بمعدل 33 درجة منذ بداية 2017.
ومع بداية الموسم الدراسي 2017-2018 وبناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، أعلنت وزارة التربية والتعليم ومجلس أبوظبي للتعليم، عن توحيد النظام التعليمي على مستوى الدولة، ضمن خطط عملهما للارتقاء بالتعليم والنهوض به بما يلبي متطلبات الأجندة الوطنية وتحقيق رؤية الإمارات2021 بالتركيز على تطوير نظام تعليمي رفيع المستوى.
وتهدف «الأجندة الوطنية» خلال الأعوام السبعة المقبلة وصولاً لرؤية الإمارات 2021 تحويل جميع المدارس والمناهج والطلاب للتعلم الذكي ومضاعفة الاستثمارات الحكومية في رياض الأطفال لأهميتها الخاصة.
توحيد القوات المسلحة
كثيرة هي المحطات المهمة في مسيرة الاتحاد، ومن القرارات التاريخية في السنوات الأولى من عمر الدولة قرار توحيد القوات المسلحة، ونص القرار على توحيد القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية تحت قيادة مركزية واحدة تسمى القيادة العامة للقوات المسلحة، لتأسيس جيش قوي قادر على حماية حدود البلاد من خلال إعداد الجيش، ومراكز التدريب، وشراء الأسلحة الحديثة، والاستعانة بالتقنيات العالية، وفي عام 1978 تم توطين كافة قيادات الوحدات بالقوات المسلحة.
وفي عام 2005 أطلق صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مرحلة التمكين، وذلك بهدف تمكين المؤسسات في الدولة من القيام بدورها بشكل أكثر كفاءة وفاعلية من أجل تحقيق الأهداف التي توفر الاستقرار والرفاهية للمواطن.
ولأن المواطن هو الهدف الأول تنوعت المبادرات والبرامج والمشروعات في كل الاتجاهات للتطوير وإنشاء البيوت وشق الطرق، وتطوير مرافق المياه والكهرباء وتحديث البنية التحتية والخدمات الرئيسية التي تؤسس لبداية نهضة كبيرة.
وتقديراً لمكانة الدولة ودورها وثقلها يستطيع المواطن اليوم السفر إلى 82 دولة حول العالم من بينها دول الاتحاد الأوروبي دون الحاجة للحصول على تأشيرة مسبقة.
قوة الموقف
وجاءت مواقف الدولة التي تتسم بالحكمة والشجاعة والاعتدال والقوة والوضوح والثبات والشفافية والإنسانية لتعزز من تلك الصورة المشرقة التي يطل بها العالم علينا، وفي الكثير من المواقف، بل في كل المواقف أكدت الدولة على هذه المعاني. ومن الصعب أن ينسى التاريخ.. ولا العالم العربي الموقف الشجاع للشيخ زايد، طيب الله ثراه، خلال حرب أكتوبر 1973 عندما قال عبارته الشهيرة: البترول العربي ليس بأغلى من الدم العربي، وقرر قطع البترول عن الدول التي تساند إسرائيل بما فيها الولايات المتحدة، وهو نفس الموقف الذي اتخذه في حرب 1967 عندما كان حاكما لإمارة أبوظبي. هذا هو زايد «حكيم العرب» لايتردد لحظة واحدة في الوقوف بجانب الأشقاء في العروبة والدم.
ومن أبوظبي ولد حلم دول مجلس التعاون الخليجي عندما احتضنت العاصمة في الخامس والعشرين من مايو عام 1981 أول اجتماع تأسيسي لدول مجلس التعاون الخليجي بمشاركة رؤساء ست دول خليجية.
ومع كل أزمة تظهر على السطح، كانت مبادرات الدولة تساهم في التقارب وحل الأزمات وإزالة الخلافات بين الدول، سواء في لبنان أو في الحرب العراقية الإيرانية أو الوساطة بين الهند وباكستان.
وتقديراً لحكمته ومواقفه اختارت هيئة رجل العام في ديسمبر عام 1988 ومقرها باريس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان شخصية العام، وذلك لدوره البارز في إيقاف الحرب العراقية الإيرانية وعودة العلاقات بين مصر والدول العربية.
وفي غزو الكويت عام 1990، قطع الشيخ زايد، رحمه الله، زيارته للمغرب، واتجه للمملكة العربية السعودية، وأدان بشدة هذا الغزو وطالب بالانسحاب الفوري، وكانت الإمارات من بين الدول التي وافقت على ارسال قوات عربية إلى السعودية لمساندة الولايات المتحدة الأميركية وتحرير الكويت، وحماية أمن دول الخليج من أية محاولات اعتداء. وفتح باب التطوع للمشاركة في حرب تحرير الكويت في ملحمة رائعة من الانتماء والوطنية وتسابق الشباب والرجال لمعسكرات التدريب. وبنفس الحكمة والهدوء كان دائما هناك الربان الماهر الذي يقود الدفة في أصعب المواقف، وشاركت الدولة في عاصفة الحزم لمساندة أهل اليمن وإعادة الشرعية.
وجاء قرار مقاطعة قطر مع دول التحالف السعودية والبحرين ومصر ليقدم درساً جديداً في قوة القرار وتوقيته وشجاعته، بعد أن باءت كل المحاولات على مدى سنوات ماضية لإثناء قطر عن دعمها الدائم للعصابات الإرهابية وتمويلها وإيوائها مما بات يشكل تهديداً واضحاً وصريحاً لأمن الخليج والمنطقة العربية.
وطن الخير والعطاء
وقدمت الدولة في كل المواقف أروع صور الإنسانية بمد يد العون والدعم لكل محتاج في أي مكان بالعالم، فالعطاء والخير رسالة تغرسها القيادة الرشيدة في عروق الأجيال، منذ تأسيس الدولة وحتى اليوم.
وكما جاء على البوابة الرسمية للحكومة، فإن المساعدات الإنسانية لا ترتبط بالتوجهات السياسية للدول المستفيدة منها، ولا البقعة الجغرافية، أو العرق، اللون، الطائفة، أو الديانة، بل تراعي في المقام الأول الجانب الإنساني الذي يتمثل في احتياجات الشعوب. وصل إجمالي الدول التي استفادت من المشاريع والبرامج التي قدمتها المؤسسات الإماراتية المانحة منذ تأسيس الدولة عام 1971 وحتى عام 2014 إلى 178 دولة عبر العالم.
حافظت الدولة للعام الرابع على التوالي على مكانتها ضمن أكبر المانحين الدوليين في مجال المساعدات التنموية الرسمية قياسا لدخلها القومي لتصبح في المركز الأول في العالم للعام 2016 للمرة الثالثة، حيث كانت في المقدمة أيضاً للعامين 2013 و2014.
وفي أبريل الماضي أعلنت لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي أظهرت وفق البيانات الأولية الخاصة بالدول التي قدمت مساعدات إنمائية رسمية لعام 2016 أن الإمارات جاءت في صدارة الدول المانحة للمساعدات الإنمائية الرسمية «ODA» قياساً بدخلها القومي الإجمالي «GNI».
وبلغ حجم المساعدات الإنمائية خلال عام 2016 نحو 15.23 مليار درهم بنسبة 1.12% من الدخل القومي الإجمالي وأكثر من 54% من تلك المساعدات تم تقديمها على شكل منح.
وفي تغريدات نشرها في صفحته عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في تغريدة، أن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخاه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، دفعا بالإمارات للمركز الأول عالمياً بالعطاء، وحكومتنا عازمة على ترسيخ ومأسسة واستدامة هذه القيمة في الأجيال الجديدة».
وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة
إن العطاء قيمة عظيمة رسخها «زايد» لتصبح نهجا أصيلا متفردا تمتاز به الإمارات وترجم إلى أعمال إنسانية مختلفة جابت أصقاع الأرض.وأشار سموه إلى أن الإمارات برهنت مجدداً باعتلائها المركز الأول في العطاء الإنساني على أنها دولة انطلقت بفكرها ورؤيتها من ثوابت إنسانية عظيمة».
تلك هي الإمارات في عامها الـ46، قلب ينبض بالحب للجميع، وطن يفيض بالسعادة، شموخ يعانق الطموح ويحلق في سماء الإنجازات. ولو سألت أي شخص مع تأسيس الاتحاد في بداية السبعينيات من القرن الماضي: ماذا ستكون عليه الإمارات بعد 46 عاماً،
لكان من الصعب أن يقترب احد بخياله حتى أكبر كتاب الخيال العلمي.. من الواقع الذي نحن فيه الآن.
الكاتبة الألمانية الشهيرة فراوكه هيرد باي كتبت في مقدمة كتابها من الإمارات المتصالحة إلى الإمارات العربية المتحدة، الذي صدرت طبعته الأولى بالإنجليزية عام 1982 بالعربية 2007: «لم تشهد شعوب كثيرة مثل ذلك التغيير الجارف الذي شهده شعب هذه الدولة في غضون سنوات قليلة »
نعم، التاريخ لم يحمل لنا تجارب أخرى لدول بدأت من أول السطر، وقفزت إلى «كل القمم» في أقل من نصف قرن.
مؤشرات إيجابية وريادة عالمية
مشروعات عملاقة.. وقفزات اقتصادية
حققت الدولة قفزات إيجابية واسعة ومعدلات نمو قياسية بسبب السياسات الاقتصادية التي تتسم بالحكمة والتنوع، واحتلت المرتبة الثانية كأكبر اقتصاد في المنطقة العربية واحد أكبر الاقتصادات قوة وتنافسية على المستويين الإقليمي والعالمي، كما أكد صلابته في أكثر المواقف صعوبة بسبب الأزمات التي سادت العالم خلال الفترة من 2005حتى 2010. وبالتأكيد وجود بيئة مثالية تتوافر لها كل مقومات النجاح منذ تأسيس الدولة وحتى اليوم ساهم في كل هذه القفزات العملاقة، وكان هناك تنويع في مصادر الدخل من خلال التركيز على البنية التحتية والصناعة والسياحة والتجارة والنقل والطاقة والاتصالات.
ومن القرارات الاقتصادية المهمة في السنوات الأولى من عمر الدولة إنشاء مؤسسة عالمية باسم جهاز أبوظبي للاستثمار عام 1976، وذلك لاستثمار بعض عائدات البلاد النفطية في الخارج لتأمين المستقبل، وتلك كانت خطوة مهمة فتحت الباب أمام فرص استثمارات جديدة.
كما شهدت الدولة على مدار أكثر من أربعة عقود العديد من المشروعات العملاقة في التي أضافت الكثير للاقتصاد الوطني في مراحله المختلفة، منها افتتاح ميناء زايد في أبوظبي، وميناء راشد في دبي، ووضع حجر الأساس لميناء جبل علي في عقد السبعينيات من القرن الماضي.
وفي أكتوبر من عام 1985 تم تدشين «طيران الإمارات»، والتي أصبحت اليوم من أفضل شركات الطيران في العالم، واحتلت المركز الأول في آخر إحصاء وفقاً لتقييم الركاب أنفسهم من خلال تصنيف شركة «تريب إدفايزر» لأفضل شركات الطيران في العالم. وكانت طيران الإمارات قد فازت بالمركز الأول العام الماضي في تصنيف «إيرتراكس» على مستوى العالم. وارتفعت الأرباح الصافية لمجموعة طيران الإمارات، خلال النصف الأول من السنة المالية 2017/ 2018 إلى 2.3 مليار درهم، بارتفاع نسبته 77%. وأظهرت نمواً مطرداً في العائدات، وعودة إلى نمو الأرباح، مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية.
أما مطار دبي الذي افتتح عام 1960 ويتعامل حالياً مع أكثر من 2.2 مليون طن من الشحنات وما يزيد على 65 مليون مسافر سنوياً، حيث تسير أكثر من 140 شركة طيران رحلات منتظمة تربط بين دبي وأكثر من 260 وجهة في القارات الست.
ومنذ تأسيسها عام 2003 حققت «طيران الاتحاد» نجاحات كبيرة خلال فترة قصيرة، نقلت الشركة أعداداً قياسية من المسافرين بلغت 18.5 مليون مسافر عام 2016 مقارنة مع 17.6 مليون العام 2015، بينما حصل مطار أبوظبي على عدد من الجوائز العالمية على مدى السنوات الماضية، منها جائزة «سكاي تراكس للتميز»، عام 2011 كأفضل مطار في الشرق الأوسط والتي تكررَت في العامين 2012 و2013، كما حصل على جائزة «أفضل مطار للشحن» علم 2012.
كما نجح مطار أبوظبي الدولي في الحفاظ على لقبه «كأفضل مطار في منطقة الشرق الأوسط» في استبيان المجلس الدولي للمطارات لعام 2013، بعد أن فاز بنفس الجائزة عام 2012.
ومن المشروعات الكبرى التي تعزز مكانة الاقتصاد الوطني، ميناء خليفة الذي افتتحه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في ديسمبر من عام 2012 ليصبح واحدا من أهم الموانئ التجارية في المنطقة حيث يخدم أكبر سفن العالم بأحدث الإمكانيات.
وجاء افتتاح برج خليفة في يناير من عام 2010 ليضيف الكثير لمعالم الدولة السياحية، حيث يعد أعلى ناطحة سحاب على وجه الأرض، ويرتفع 828 متراً، بتكلفة وصلت إلى أكثر من مليار ونصف المليار دولار.
وفي أبريل عام 2011 تم الإعلان رسمياً عن تسمية الإمارات مقراً دائماً للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «ايرينا». وأصدرت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية في يوليو 2010 رخصتين للبدء بالأعمال الأولية في محطة براكة، فيما تم تسليم المرحلة الأولى من المحطة في عام 2013.
وأطلقت أبوظبي أول مبادرة في العالم لإنشاء مدينة خالية تماماً من الكربون والنفايات في مايو عام 2007، وتم افتتاح مدينة «مصدر» أواخر عام 2009.
كما بدأت في سبتمبر من عام 2007 مرحلة الاندماجات المصرفية والمالية بين دبي الوطني والإمارات الدولي، تلاهما بنكا أبوظبي الوطني والخليج الأول في أبريل الماضي، وكذلك اندماج شركة «مبادلة» وشركة «آيبيك» في يناير الماضي.
ووفقا لتقرير وزارة الاقتصاد في أغسطس من العام الماضي الذي جاء تحت عنوان «دراسة اقتصاد الإمارات مؤشرات إيجابية وريادة عالمية»، فإن حجم الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية تضاعف من نحو 6.5 مليار درهم إلى 1476.2 عام 2014، ثم إلى 1359.9 مليار درهم عام 2015 بمتوسط معدل نمو 12.9%.
المصدر: الاتحاد