كاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
تعودت منذ الصغر أن أقرأ قبل النوم حتى تبدأ الجمل تتداخل، وأجد نفسي أقرأ من دون أن أفهم، حينها أعلم أن النعاس تغلب عليّ، فأمد يدي لزر الضوء أطفئه، وأتمتم بدعاء النوم وأستسلم لأحلامي السعيدة، إذا لم يحصل ذلك فمعناه أن ثمة أرقاً تمكّن مني، لأن البال مشغول ببعض من بقايا العمل أو هموم الأسرة، فأمل حينها من القراءة وألجأ إلى حلول استثنائية مثل بنادول نايت وغيرها من تشكيلة الأدوية التي تساعد على النوم والتي أشتريها عادة من أمريكا.
هناك سوق هائل للأدوية المساعدة للنوم في أمريكا تجدها في رفوف خاصة بالصيدليات متاحة للمستهلك من دون وصفات طبية، من عقاقير جادة إلى مستخلصات من الأعشاب، الزناكس الذي يخيفنا يعتبر هناك دواءً طبيعياً، ولكنه بالطبع يُصرف بمقتضى وصفة من الطبيب، من الطبيعي أن يذهب الأمريكي أو الأمريكية إلى أخصائي نفسي لعلاج أرقه، والناتج من ضغوط العمل أو من حياة عاطفية مضطربة، أو ديون، أو حتى شعوره أنه أدنى من غيره، فالمجتمع الأمريكي تنافسي بطبعه، من الواضح أن الشعب الأمريكي الذي يفترض أن يكون سعيداً، غير سعيد، فالأرق أول دلالات عدم السعادة.
التمارين الرياضية واحدة من علاجات الأرق، أعرف أصدقاءً سعوديين يحرصون على المشي بسرعة رتيبة بعد العشاء من باب الرياضة لحرق الدهون وهي أيضاً تساعد على النوم، شخصياً أفضل ممارسة زوجية معروفة تساعد على النوم ولكن لن أتوسع في تفاصيلها هنا.
التلفزيون لا يساعد على النوم، هكذا يقول الخبراء، ولكن الكوميدي المصري الذي تزداد شهرته كل يوم باسم يوسف صاحب برنامج «البرنامج» بجيم مصرية غير معطشة «تحتاج لزيارة جوجل لتعرف الفرق بين المعطشة وغير المعطشة» يزعم أن زميله في قناة CBC الصديق عماد الدين أديب يساعد هو وبرنامجه «بهدوء» على النوم، أختلف مع باسم ذلك أني أجد أن برنامج «بهدوء» هو أفضل البرامج الحوارية المصرية الكثيرة لما فيه من رزانة وعقل تحتاجها مصر هذه الأيام، خاصة عندما يكون ضيفه الصديق الآخر الدكتور المعتز بالله عبدالفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الظريف أن «البرنامج» يبدأ متأخراً في السعودية، الساعة 11مساء، أي في ساعة ما قبل النوم، ربما باسم يوسف معه حق.
الأسوأ هو «تويتر» و«فيسبوك»، فهما يطردان النوم، إنك معهما تشعر أنك في مجلس عام تتناقش وتتحاور وترضى وتغضب و«تتنرفز»، أقول ذلك عن تجربة، ابتعد عنهما في ساعات النوم، وارجع إلى كتاب تحبُّه، تسلل إلى صفحاته، وعش قصة أبطاله، إلى أن تندمج معهم أجمعين، تتعب عيناك، وفكرك، فتستسلم لأحلامك السعيدة.
المصدر: مجلة روتانا