صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، شاعر مطبوع، لم تستطع مسؤوليات الحكم والإمارة أن تثنيه عن مواصلة وتيرة الإنتاج الإبداعي الشعري ونشره بين محبيه وجمهوره طوال السنوات الماضيات، داخل وخارج الإمارات.
ولأنه إنسان نبيل في شخصه، فإنه ينحو منحى فرسان العرب في مواقفه وأشعاره، ولذلك اتسمت معظم نتاجاته بالقيم السامية يفاخر بها ويدعو إليها ويمتدح من تحلوا بها بغية تكريسها وتعميمها بوصفها صمام أمان للهوية التي ترتكز عليها الأمة.
ومن جملة ما جادت به قريحة سموه قصيدة مطولة أطلق عليها اسم «ملحمة الإمارات» تتبع خلالها قصة الإمارات عبر التاريخ وفي بيئاتها المعروفة الصحراوية والجبلية والبحرية، حيث جعل لكل منها لوحة شعرية أنيقة، ونحن ههنا نقف على مرادنا ضمن سلسلة «أشعار الخير» فنختار من أزهار سموه ما قاله بخصوص قيم العطاء والشيم الأخلاقية التي تتسع بها فضاءات الخير لتشمل كل ما فيه نفع العباد والبلاد، يقول سموه عن الآباء المؤسسين الذين أسدوا معروفاً لا يزال الناس على الأرض الطيبة هذه يتفيؤون ظلاله وينعمون بحصاده:
زايد اللّي غرسها يوم كانت محال
وزايد اللّي جعلها للسّما تكبرا
وزايد المجد والتاريخ قول وأفعال
كلّنا له نلبّي حينما يأمرا
بين ماضٍ وحاضر مثل زايد قلال
بالشرف والكرامه يورد ويصدرا
في السّخا والشهامه مع حميد الفعال
اسم زايد وجوده بالحيا يمطرا
كلّ شعبه يحبّه سمعته والجلال
في مكانه ورفعه كم بها نفخرا
وكان في الركب راشد خالدٍ مايزال
في قلوبٍ تحبّه دايمٍ يذكرا
وكان راشد يهوّن كلّ أمرٍ عضال
وكان راشد على ما نابنا يقدرا
يحمل الضرّ عنا والحمول الثقال
من براشد تحزّم لاتظن يخسرا
هذه نعوت لا ريب جليلة ونادرة، وقمينة بأن تجعل صاحبها رائداً قائداً يجري الله خير الناس على يديه المباركتين، ولذلك كان طبيعياً أن ينفعل بها شاعر مبدع مثل محمد بن راشد ليعلي من شأنها.
إن ما تقصيناه دائماً عبر هذه السلسلة التي تتحرى نزعات الخير في أشعار العرب، أثبت لنا أن هنالك تلازماً بين صفة العطاء المادي والخلال الحميدة، ولذلك يقول سموه ضمن ملحمة الإمارات هذه:
«في السّخا والشهامه مع حميد الفعال.. اسم زايد وجوده بالحيا يمطرا» ونفس التلازم هذا بين حسن الخلق وسماحة النفس من جانب وصفة الجود والكرم من جانب آخر نجدها عند الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، بحسب تعبير صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: «وكان راشد يهوّن كلّ أمرٍ عضال.. وكان راشد على ما نابنا يقدرا» فالممدوح من صفاته أنه تصغر في عين العظيم كبارها، ثم ينبري لها بجوده ليتحمل عبئها.
المصدر: البيان