استضاف مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بقصر البطين مساء أمس، محاضرة بعنوان «إطلاق الطاقات الكامنة للنساء والفتيات»، ألقتها ميلندا غيتس، الرئيس المشارك لمؤسسة بيل وميلندا غيتس.

شهد المحاضرة، الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وعدد من أصحاب المعالي الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة، وحشد من المهتمين بقضايا المرأة والصحة والتنمية، وأدارتها معالي شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة دولة لشؤون الشباب.

واستهلت ميلندا غيتس محاضرتها بالإشارة الى الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات العربية المتحدة في جميع المجالات وبشكل خاص تمكين المرأة والاستفادة من إمكانياتها وقدراتها في تنمية المجتمع، وتحدثت فيها عن إطلاق العنان لإمكانات النساء والفتيات في عملية التنمية العالمية.

وأكدت أن الإمارات أسهمت في الحد من مرض شلل الأطفال في العالم، ومنحت الفرصة لمئات الآلاف من الأطفال حول العالم في الحياة بصورة طبيعية، وأنه خلال أعوام قليلة، سيتم اجتثاث هذا المرض من على الكرة الأرضية تماماً، حيث انخفضت الإصابات من أكثر من 350 ألف حالة عام 1990 منتشرة في 120 دولة حول العالم، إلى 74 حالة في دولتين العام الماضي، وبلغت عدد الإصابات هذا العام أقل من 10 أطفال حول العالم.

وقالت «لولا دعم الإمارات ما تحقق هذا الإنجاز الموجه لمصلحة الإنسانية»، لافتة إلى الدعم الذي قدمه شخصياً صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

رؤية زايد و«أم الإمارات»

وأثنت مليندا غيتس على رؤية القائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والدور الجوهري الذي قامت به سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، للنهوض بدور المرأة في دولة الإمارات، وصولاً إلى تبوئها مراكز قيادية على مستوى المنطقة والعالم.

وقالت «أصبح للمرأة الإماراتية شأن وصوت مسموع ليس فقط في دولة الإمارات، بل في المحافل الدولية، كما تلعب دوراً مهماً على الصعيد العالمي. وإن جهود الاهتمام بتعليم وصحة المرأة، ودفعها لأن تتصدر مواقع قيادية، قل مثيلها حتى في الدول المتقدمة، ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية».

وأكدت أن الإمارات أدركت أن الاستثمار في المرأة والعناية بها صحياً وتعليمياً، نقطة الارتكاز التي يتم الاستناد إليها، وأن هذا الفهم والإدراك لدور المرأة أصبح نموذجاً يجدر الاقتداء به عالمياً، فالمرأة هي نقطة التحول والقضاء على الفقر، واستندت في ذلك إلى دراسة ميدانية لأسر في مالاوي بأفريقيا كانت تعاني الفقر، فاجتهدت الأم في أن تساعد الزوج، وتدخر جزءاً من المال المتوافر لتعليم الأبناء، وهو ما يدل على أن التغيير في الأسرة تصنعه الأمهات.

دور النساء في عملية التغيير

وأكدت مليندا غيتس، أهمية المرأة باعتبارها عاملاً للتغيير، وقالت «لتفعيل دور النساء في عملية التغيير، وتمكينهن من كسر حلقة الفقر في مجتمعاتهن، علينا أن نضمن امتلاكهن ثلاثة أشياء أساسية هي: سهولة الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الضرورية، والقدرة على صنع القرار في الأسرة والمجتمع بشكل عام، وإتاحة الفرص الاقتصادية للمرأة،. وعندما ندرك الدور المحوري الذي تلعبه المرأة في منزلها ومجتمعها، ونوجّه الموارد والبرامج الضرورية للارتقاء بإمكاناتها، فعندها نطلق العنان للمرأة بوصفها شريكاً أساسياً في عملية التنمية».

وأعربت مليندا غيتس، عن انبهارها بما وصلت إليه المرأة الإماراتية، حيث لاحظت أن 75% من المنضمين للجامعات والتعليم العالي من النساء، والإمارات أول دولة عربية تتولى فيها النساء مناصب رفيعة في المجال البرلماني، وهن أفضل حالاً من الكونجرس الأميركي، حيث تتفوق النسبة في الإمارات عما موجود لدينا، كذلك من أهم المكتسبات التي تحققت للمرأة الإماراتية، انخفاض معدلات الوفيات بين الحوامل، وكذلك حديثي الولادة، والمساواة بين الذكور والإناث في التعليم والصحة، ووجود قانون يحظر الزواج لمن هن أقل من 18 سنة، وذلك رداً على سؤال حول رؤيتها للمرأة في الإمارات.

وقالت إن الإمارات دولة آمنت بأبنائها، خاصة المواطنات اللائي وجدن قيادة ساندتهن، وقدمت لهن الدعم، وكذلك وجدن الدعم من داخل الأسرة. وأضافت «نأمل أن تحذو الدول حذو الإمارات، فهي الدولة التي تطبق القيم الخاصة بها دون تفرقة بين الإناث والذكور، والنهاية الحتمية أن المرأة تعمل لمصلحة أبنائها والمجتمع، وهي من تقود التغيير في العالم».

وتابعت «إن المرأة في أميركا لم تصل إلى المستوى المأمول في المساواة بين الفتيات والشباب، وهناك تحيز واضح لصالح الذكور، وهذا ينسحب على مناطق كثيرة».

ميلندا غيتس في سطور

نشأت ميلندا غيتس – الرئيس المشارك لمؤسسة «بيل وميلندا غيتس»، في مدينة دالاس بولاية تكساس في الولايات المتحدة الأميركية، وهي الثانية بين أربعة أبناء. وتعيش مع زوجها بيل غيتس وأطفالها الثلاثة في مدينة سياتل بولاية واشنطن.

وحصلت على البكالوريوس في علوم الكمبيوتر والاقتصاد من جامعة ديوك سنة 1986، وعلى الماجستير في إدارة الأعمال من كلية فيوكوي للأعمال سنة 1987.

بعد انضمامها إلى شركة مايكروسوفت سنة 1987، أثبتت ميلندا تميزها القيادي في مجال تطوير منتجات الوسائط المتعددة، فتم تعيينها لاحقاً مديرة عامة لمنتجات المعلومات.

وفي عام 1996، تركت ميلندا شركة مايكروسوفت لتركز على الأعمال الخيرية والأسرة.

وتعمل ميلندا – إلى جانب بيل غيتس – على وضع استراتيجيات مؤسسة «بيل وميلندا غيتس» الخيرية والمصادقة عليها، ومراجعة النتائج، وتحديد التوجه العام للمؤسسة. وتلتقي وبيل غيتس المانحين والشركاء من أجل تعزيز هدف المؤسسة في الارتقاء بتحقيق المساواة في الفرص في الولايات المتحدة والعالم.

من خلال عملها في المؤسسة، طيلة الأعوام الخمسة عشر الماضية، رأت ميلندا بشكل عملي أن تمكين النساء والفتيات يؤدي إلى تحسينات جذرية في صحة ورفاهية الأسر والجماعات والمجتمع ككل.

ترأست ميلندا في سنة 2012 قمة لندن حول التخطيط الأسري، والتي تبنت هدف توفير المزيد من موانع الحمل لتشمل 120 مليون امرأة في البلدان النامية بحلول سنة 2020.

من خلال عملها، بدأت ميلندا تركز أكثر على المساواة بين الجنسين، باعتبارها السبيل لتحقيق تغيير حقيقي في المجتمع.

النساء والتكنولوجيا

أكدت مليندا غيتس أن شركات التكنولوجيا تقوم بوضع تطبيقات صحية وبرامج على أجهزة الهواتف معظمها موجه للرجل بنسبة تصل إلى 90 في المئة، وإذا لم يتم تضمين التطبيقات الخاصة بالمرأة، فإنه لا يوجد تمكين لها، ولذلك لابد من تضمينها تطبيقات خاصة بالنساء، وإجمالاً، فإن المطلوب دعم أكبر للنساء في مناطق كثيرة بالعالم، بخلاف وضع النساء في الإمارات، مؤكدة ضرورة تسليح الأمهات والنساء بالتكنولوجيا وتأمينها لهن، كونهن قادرات على أن يخلقن موجات من التغيير الإيجابي.

أيادٍ بيضاء للإمارات

أعربت مليندا غيتس، عن فخرها والمؤسسة بالشراكة مع الإمارات، والتزامها برنامج مكافحة الشلل، لافتة إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان و«مؤسسة بيل ومليندا غيتس» استضافا في عام 2013 أعمال «القمة العالمية للقاحات» في أبوظبي التي جمعت 4 مليارات دولار لمكافحة مرض شلل الأطفال، منها 120 مليون دولار تبرع بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وقالت إن أيادي الإمارات البيضاء ومكانتها الخاصة بالمنطقة وسخائها المشهود، موضع تقدير كبير للعالم بأسره.

المصدر: صحيفة الإتحاد