كاتب سعودي
لا أجد بديلاً عن مفردة الخيبة، خيبة أمل حقيقية في ألا نصدم بحالات مختلفة عصية على التقبل وبالغة الاندفاع والتهور، ولا أستطيع مع بالغ الألم أن أضع عبارات في غاية السوء في خط سير المقالة، حاولت أن أستعيض عنها بما يقارب الصورة ويوضح الحدث لكني عجزت فعلاً عن فعل ذلك، يمكن أن أستعير مفردات القذف والسوء والتعصب والجمود وموجة ركوب الرأس التي نعاني منها من دون أن نتمكن من صناعة حل، وأدقق على صناعة لأن إيجاد حل بات عسيراً وليس في متناول اليد. مفردات القذف وجمل التشكيك والتعميم الهابط أتت على لسان واعظ سعودي بوظيفة فحل، حيث شرّق وغرّب وساق أوصافاً بريئة من تعاليم الدين وخارجه عن أي حدود ذوقية وأدبية وأخلاقية، هاجم الابتعاث وشكك في ممارسي مهنة الطب ومارس حقاً غير طبيعي لمنصتين وددت أن أسمع ولو رأي واحد منهم حتى أحكم إلى أين نتجه بالضبط؟ وماذا يريد الذين يستميتون في خلق جو عام محتقن محاط بالشكوك والتهم والظنون. كنت أنوي الهجوم على وزارة الشؤون الإسلامية حين صمتت عن مثل هؤلاء الدعاة ومتصدري المنابر، وتجاهلت حجم تأثيرهم ورصيد الإساءات التي يقذفون بها من على المنابر سواءً منبر الجمعة أم على حساب موعظة خاطفة بعد صلاة. وتراجعت عن الهجوم لأن ثمة تصريحاً لمصدر مسؤول في الوزارة أكد أن المتحدث المندفع حد الخجل ليس خطيباً رسمياً ولا يمثل الوزارة ولا خطباءها ودعاتها، ومن يد هذا التصريح سأمضي إلى شيء من الأسئلة لوزارة أظنها لا تزال تعاني طالما كان مثل هؤلاء الدعاة يحضرون في مساجدها ويقولون ما يريدون ومن دون رادع أو مراقب ومتابع، لنصدق حكاية انتفاء علاقة الوزارة بشخص الواعظ المتحمس، إنما كيف أصدق أنه ربما حضر للمنبر فجأة وفي إطلالة طارئة لم يكن حينها الوقت مناسباً لأخذ الإذن المبكر أو الإيقاف الفوري. الداعية الفحل يحضر على المنبر في شكل دائم واسألوا كثيراً من المقاطع التي تؤكد اندفاعه وتصديه لخطاب الوعظ بكل شجاعة، أين الوزارة من مسجده وعنه؟ ولماذا لا تتواصل مع الجهات الأعلى عند العجز عن إسكاته؟ من يبرر ما ساقه من كلمات غاية في الهبوط والتجني والتعميم، الوزارة لا يكفي أن تنفي استقلاله عنها، عليها أن تحمي مساجدها وتلاحق الذين يضعونها في مأزق شديد، وتكون شجاعة في إقصاء الفحول عن منابرها، لأن ظلماً فظيعاً يحيط بمجتمعاتنا ومساجدها كل من تصدر منابر الجمعة أو مربعات الوعظ ملتحٍ لا يركز إلا على الفحولة واشتهاء الجميلات ورمي التهم بالمجان!
المصدر: الحياة