كاتب وصحفي سعودي
تستطيع أن تتذوق طعم الفوز أحيانا بمجرد أن تشاهد بعض اللاعبين على أرض الملعب حتى قبل أن تنطلق صافرة البداية. لقد استطاع هذا النوع من اللاعبين فرض شخصيتهم عبر عديد من التجارب. أصبح وجودهم على المستطيل الأخضر انتصارا مبكرا. هل خُلق هؤلاء الأشخاص بهذه الكاريزما؟ بالطبع لا. إنهم نتيجة للحظات عصيبة. ليس اللاعبون فحسب، بل كل المبدعين في كل المجالات. نتابعهم بإعجاب خلف المنصات والسطور ووراء الشاشات. نغبطهم على شخصياتهم الفذة وثقتهم البالغة وشعبيتهم الجارفة وننسى أن نتذكر أن معظمهم مروا بعواصف شديدة في حياتهم جعلتهم كما نشاهدهم ونحبهم اليوم. تلك العواصف لم تقتلعهم، بل زادتهم قوة وقدرة على إدارة أي تحد جديد يواجهونه.
الكاريزما التي يتحلى بها أولئك الأفذاذ لم تأت معهم عندما ولدوا. جاءت بعد الكثير من العمل والممارسة والإخفاقات. الفرق بينهم وبين غيرهم هو المواصلة. لم يدعوا إحباطهم يجرهم إلى الخلف، بل حولوه إلى ذريعة للنجاح. دافع جديد للتألق. وراء كل بريق قصة عظيمة.
هناك لاعب كرة قدم فذ تأسرني شخصيته في الملعب. إنه يمنح الكثير من أنصار فريقه الشعور بالزهو لأنه أحد أعضاء فريقهم المفضل. اسم اللاعب، مانويل نوير، اسم يعرفه كل متابع لكرة القدم الحديثة، فهو حارس أبطال كأس العالم، وفريق بايرن ميونيخ. لقد استُقبل هذا الحارس القادم من شالكه عام 2011 بلافتات تطالب بإبعاده؛ فهو لا يثير إعجاب السواد الأعظم من جماهير الفريق البافاري. هذا العداء الصارخ لم يقلل من طموحات نوير وإنما زاد من إصراره في سبيل إثبات كفاءته. قال نوير لـ “ديلي تلجراف” عن الحادثة بعد حصوله على دوري أبطال أوروبا مع بايرن: “كانت لحظات صعبة. تخيل أن تدعى لحفل زواج وعندما تلبي الدعوة تجد الحضور يرفعون نحوك أحذيتهم. إنه أمر محرج. آلمني لكن علمني أن أتحمل”.
أمسى اليوم نوير أفضل حارس في العالم. يصد الكرات بيديه ورجليه. يقف سدا منيعا أمام أصعب المهاجمين. تشعر أحيانا أنك أمام جدار وليس حارس مرمى. من فرط تفوقه يصبح أحيانا لاعب وسط. يتقدم كثيرا ليقوم بأدوار متعددة في الملعب. يقول: “عندما أشعر بالملل أتقدم. لا أطيق أن أكون غير مؤثر”. بوسعنا يا أصدقاء أن نحول حتى الملل إلى قصة تألق. المهم أن نقرر ذلك.
المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2014/10/23/article_898446.html