كاتب سعودي
ليس هناك أدنى شك بأن هدف أي عملية عسكرية هو الحل السياسي للمشكلة، أو الأزمة التي اندلع النزاع المسلح من أجلها، وهذا معروف في السياسة الدولية، بأن العمل العسكري لا بد من أن يخدم الأهداف السياسية ويحققها وينتهي بحل سياسي، لذلك ما قامت به قيادة التحالف العربي من خلال عاصفة الحزم هو لتحقيق أهداف وضعت لتلك العملية، ويبدو أن قيادة التحالف قدرت أن هذه الأهداف التي وضعتها تحققت، وبدأ الانتقال من مرحلة عاصفة الحزم إلى مرحلة إعادة الأمل، إذ أعلنت بشكل رسمي وعبر المتحدث الرسمي للعاصفة العميد أحمد عسيري انتهاء العملية العسكرية، التي استمرت 27 يوماً، بناءً على طلب من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، والذي كان قرار بدء «عاصفة الحزم» جاء بناءً على طلبه أيضاً؛ من أجل حماية الشرعية في اليمن، بعد سيطرة جماعة الحوثي وقوات علي عبدالله صالح على السلطة في صنعاء، وملاحقته في عدن، كما أضاف المتحدث الرسمي أن قرار انتهاء عاصفة الحزم جاء كذلك بعد القضاء على التهديدات التي تشكلها المليشيات الحوثية، سواءً للشعب اليمني، أم للحدود الجنوبية للمملكة، وبعد تحقيق الأهداف المحددة مسبقاً للعمليات العسكرية، كما شددت قيادة عاصفة الحزم من خلال بياناتها الرسمية أن انتهاء عملية «عاصفة الحزم»، وبدء عملية «إعادة الأمل» لا يعني وقف العمليات العسكرية، معلنةً أنه سيتم استهداف أي تحرك يتم رصده للمليشيات الحوثية، كما تستمر القوات البرية في مهامها لحماية الحدود الجنوبية للمملكة، إضافة إلى استمرار العمليات البحرية في فرض الحظر على الموانئ والسواحل اليمنية.
المحلل والمراقب لما جرى في اليمن، خلال الأسابيع الأربعة الماضية، يدرك أن الأهداف الرئيسة لعاصفة الحزم قد تحققت، وهي الأهداف العسكرية من خلال تدمير وتحجيم قدرات جماعة الحوثي وقوات علي عبدالله صالح التي استولت على السلطة وهددت الشعب، فهناك العديد من القطاعات العسكرية التي شجعتها عاصفة الحزم للانضمام ودعم الشرعية، وكذلك العديد من القوى السياسية التي بدأت تعلن تأييدها للشرعية، سواءً على مستوى وزراء أم شيوخ قبائل أو رؤساء وممثلي أحزاب، بعد أن رأت سطوة مليشيات الحوثي وفلول علي عبدالله صالح تتقهقر في معظم المدن اليمنية، وكذلك المقاومة الشعبية اليمنية والرفض الشعبي أظهرا قوة وتنظيماً خلال العاصفة في أرجاء اليمن كافة، وبدأت السيطرة لهم على الأرض، ولاسيما في تعز الإستراتيجية، والتي يرى مراقبون أن ما جرى فيها خلال الأيام الماضية، وسيطرة مؤيدي الشرعية على معظم أجزائها، لعب دوراً مهماً في تغيير الموازين على الأرض؛ لأسباب عدة، من أهمها: أنها من المحافظات الشمالية، التي كانت مليشيات الحوثي تراهن عليها، وكذلك إطلالها على باب المندب، وكونها حلقة الوصل بين صنعاء والمحافظات الجنوبية.
لقد بدأت قيادة التحالف العربي مرحلة عملية «إعادة الأمل»، اعتباراً من منتصف ليلة الأربعاء، والتي تتضمن أهدافاً، في مقدمها منع الحوثيين من القيام بأي أعمال من شأنها تهديد المدنيين، وحماية الشعب اليمني، إضافة إلى استمرار عمليات الإغاثة الإنسانية، وكذلك استمرار الحظر البحري لمنع أي جهة بتزويد المليشيات الحوثية بالأسلحة والمعدات التي تهدد استقرار اليمن وشعبه، ومنع تمدد وانتشار الإرهاب ومحاربته، لذلك يرى المراقبون أن أحد مسوغات وقف العلميات العسكرية هو إتاحة الفرصة للعمل السياسي والديبلوماسي؛ لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216، والذي بدأ سريان مفعوله، وهو أيضاً ما يعطي لقيادة التحالف العربي استمرار الضغط السياسي والعسكري في حال عدم امتثال جماعة الحوثي وفلول علي عبدالله صالح للشرعية الدولية من خلال تنفيذ بنود قرار مجلس الأمن الدولي، من خلال السيطرة الجوية والحصار البحري، اللذين لن يسمحا بمرور أي أسلحة إلى جماعة الحوثي وقوات علي عبدالله صالح، وهو ما يجبرهما على الانصياع للشرعية الدولية.
إن بدء مرحلة إعادة الأمل في اليمن هي في غاية الأهمية، فإعمار اليمن وتنميته سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، سيساعدان على حل العديد من المشكلات في هذا البلد الشقيق، وهو مشروع يحمل الأمل للشعب اليمني، بعد المعاناة التي تعرض لها في العقود الماضية، إذ ستقوم دول الخليج العربي، بقيادة المملكة، بضخ الأموال والاستثمارات في اليمن، سواء أكانت مشاريع اقتصادية على شكل مصانع أم غيرها، أم مشاريع تعليمية، واليمن في أمس الحاجة إليها، إذ إن نسبة الأمية عالية جداً، أم مشاريع صحية، وبنية تحتية، تساعد الشعب اليمني على النهوض، وهذا سيتم بعد البدء بالمساعدات الإنسانية، والحوار بين مختلف الأطراف، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية، وكذلك تنفيذ بنود المبادرة الخليجية.
إن مرحلة إعادة الأمل ستكون مزيجاً أو خليطاً من العمل السياسي والديبلوماسي والتنموي، وأحياناً التلويح بالذراع العسكرية، من أجل إخراج اليمن من أزمته السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي أوجدها علي عبدالله صالح وجماعة الحوثي، فالعمل الديبلوماسي والسياسي فيها دقيق جداً ومهم، ولا يقل عن أهمية الجهد العسكري، بل يمكن أن يكون أكثر، وهنا يجب أن يستثمر الجهد العسكري سياسياً وديبلوماسياً لإخراج اليمن من أزمته وعودته إلى محيطه العربي، فالرسالة للشعب اليمني من قيادة التحالف يجب أن تكون واضحة، بأنها لن تتخلى عنه، وأنها ستقوم ببناء وتنمية اليمن، وإعادة الاستقرار، من خلال التنمية الشاملة اقتصادياً واجتماعياً والأهم هو سياسياً، وستركز على إيجاد حل سياسي للأزمة في اليمن يجمع الفرقاء في اليمن كافة.
المصدر: الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Ali-Al-Anzi/8768010