من يفوز الليلة بين مرشحي الـ «غولدن غلوب»؟

منوعات

توم هانكس تحت الخطر في «كابتن فيليبس»

مساء اليوم الأحد بتوقيت لوس أنجليس، والسادسة صباحا من يوم الاثنين في أوروبا، تبدأ حفلة الغولدن غلوب السنوية يواكبها اهتمام يزداد شيوعا ليس بين الأميركيين وحدهم بل بين متابعين لها حول العالم.

المحفل أكبر من أي تجمع سينمائي آخر باستثناء الأوسكار. فندق هيلتون الواقع على الزاوية بين ويلشير أفنيو وسانتا مونيكا أفنيو يُحتل ليوم. الكاراج الخاص به والمكون من أربعة طوابق يمتلئ كذلك المرأب المواجه التابع إلى مركز تجاري قريب. البوليس يدير السير على الجادتين، ويلشر وسانتا مونيكا، والأمن يدقق في السيارات والأشخاص. لكي تصل إلى هناك عليك أن تنطلق قبل ساعة من بدء الحفلة. لكن ما إن تدخل المكان الواسع الذي تتوزّع فيه الطاولات المستديرة وتأخذ مكانك حسبما تقرر لك، حتى تجد نفسك مرتاحا في وسط يعج بالسينمائيين. ولا تخش شيئا إذا لم يكن مكانك قريبا من طاولة يجلس عليها ليوناردو ديكابريو أو ساندرا بولوك، ستلتقي بهما وبأكثر منهما في الحفلات التي تقام في مقاهي ومطاعم الفندق المتعددة بما فيه سطح المبنى حيث يقيم أعضاء الجمعية غالبية لقاءاتهم الشهرية.

الغولدن غلوب التي بدأت خجولة قبل 71 سنة، ثم وقفت على قدميها تدريجيا مناكفة الأخطاء التي وقعت بها ومتحدية النظرة الفوقية التي ووجهت بها طوال العقود التالية، كانت وصلت إلى تشكيل مكانتها من الأهمية في منتصف التسعينات حيث خلصت إلى ما هي عليه اليوم من مستوى رفيع وأهمية كبيرة في الحياة السينمائية في الولايات المتحدة.

مستوى حجم مشاهديها الذين يتابعون حفلاتها السنوية ارتفع في السنوات الخمس الأخيرة مقابل حجم مشاهدي حفلة الأوسكار التي ترتفع عاما وتهبط عاما. قيمة الجائزة نفسها تضاعفت عما كانت عليه. الآن هي ثاني أهم جوائز المناسبات السنوية حول العالم بعد الأوسكار. الممثلون والمخرجون والمنتجون الذين كانوا سابقا ينظرون إلى الغولدن غلوب كجائزة تمنحها مجموعة من الصحافيين الذين، حسب إشاعة سرت، يعمل بعضهم نادلا في المقاهي أو خادما في بعض المطاعم، باتوا يتمنّون الفوز بها لأنها، في الكثير من الأحيان ما تكون تمهيدا للفوز الأكبر بجائزة الأوسكار ذاتها. وحتى حين لا يفوز المرشح لها فإنه بات يقبل أن يكون من بين المرشحين تعزيزا واختلافا عن العشرات الذين لم يصلوا إلى مستوى الترشيحات أساسا.

هذا لم يقع سريعا ولا بسبب حملة ترويج دعائية واسترضائية، بل لأن مجموعة من الصحافيين ونقاد السينما والتلفزيون آلوا على أنفسهم تكوين ما يشبه الأمم المتحدة فيما بينهم والإصرار على تحقيق المستوى المنشود. كونها جمعية لا ربحية، منحها ميزة أخرى، فمن خلال إيراداتها التي تحصل عليها من وراء حقوق بث الحفلة تهب كل عام مساعدات قيمة لعدد من المؤسسات السينمائية كالأرشيفات والمتاحف والمدارس الفنية، عدا عن أنها هناك لتساعد في الكوارث والمهام الإنسانية من نجدة العائدين من حرب العراق باحثين عن دعم يتجاوز شروط البنتاغون وقوانينه إلى إعصار كاترينا وتسونامي تايلاند.

الفيلم المغيب كل ذلك وسواه بات محفورا في الأذهان وساعد على محو الصورة السابقة من أن الجمعية ما هي إلا تجمع لصحافيين يبغون الشهرة. وهذا العام، تحت رئاسة النرويجي ثيو كينغما، تنطلق المناسبة الجديدة ولا حديث لهوليوود منذ إعلان الترشيحات قبيل منتصف الشهر الماضي، إلا هي.

لكن في نهاية الأمر هناك رابح واحد في كل قسم. الجوائز السينمائية والتلفزيونية ذات أقسام متعددة ما يمنح السينمائي أكثر من فرصة. فالغولدن غلوب هي المؤسسة الأولى التي بادرت، مثلا، لتقسيم الأفلام المتنافسة بين درامي وكوميدي كل منها بخمسة أفلام. والمعتقد السائد أن حركة أكاديمية العلوم والفنون السينمائية، موزّعة الأوسكار، لتوسيع رقعة الترشيحات ورفعها من خمسة إلى تسعة أو عشرة (حسب المتاح تطبيقا لقوانينها الداخلية) ما تم إلا رغبة في مجاراة العدد الكبير من الترشيحات للغولدن غلوب خصوصا أنه إلى جانب قسمي الدراما والكوميديا لديه قسم للأفلام السينمائية المنتجة تلفزيونيا، هذا إلى جانب قسم لأفلام الأنيماشن وقسم للأفلام الأجنبية على غرار الأوسكار.

ما يبقى الأهم في كل ذلك هو من ذلك الذي سيصعد إلى المنصة هذا اليوم لتسلم جائزته. الأسماء كثيرة والمستويات متقاربة والمنافسة شديدة. قراءة مستقبلية قريبة تخرج عن نطاق التنبؤات لتدخل عملية حسابية قد تخطئ وقد تصيب لكنها مدفوعة بقرارات جادة في كل الأحوال. وأهم ملامح هذه القراءة كامن في التفاصيل لمن يجيد قراءتها.

مثلا، الأفلام الخمسة المرشحة في سباق أفضل فيلم درامي هي «12 سنة عبدا» و«كابتن فيليبس» و«جاذبية» و«فيلومينا» و«اندفاع» (المؤسسة الوحيدة التي منحت لفيلم رون هوارد Rush هذا التقدير الذي يستحقه).

لكن الممثلين والممثلات المنتخبين لسباقي أفضل تمثيل رجالي وأفضل تمثيل نسائي بعيدون في الغالب عن هذه الأفلام. معظمهم ظهر في أفلام لم يجر ترشيحها. مثلا روبرت ردفورد مرشح عن فيلم «كل شيء ضاع» وهو ليس في عداد الأفلام المذكورة. ماثيو ماكونوفي مرشّح عن «دالاس بايرز كلوب» لكن الفيلم غائب عن سباقه. إدريس إلبا من المرشّحين عن «مانديلا: مسيرة طويلة للحرية» لكن الفيلم مُغيّب. بالنسبة للممثلات الدراميات كيت بلانشيت موجودة في المسابقة عن فيلم «بلو جاسمين» الذي لم يرد ذكره إلا مرّة واحدة، فالممثلة سالي هوكينز مرشحة عنه كأفضل ممثلة مساندة. جودي دنش عن «فيلومينا» وكيت وينسليت عن «عيد العمال» وإيما تومسون عن «إنقاذ مستر بانكس» كلهن موجودات في سباق الممثلات من دون مظلة من الأفلام التي تم ترشيحهن عنها.

خليط من الأجناس ما يعنيه ذلك ويوحي به هو أن الفائز بجائزة أفضل ممثل في فيلم درامي قد يكون في الغالب من الذين لا تشترك أفلامهم في سباق أفضل فيلم وهم ثلاثة: روبرت ردفورد وماثيو ماكانوفي، كما تقدّم، وإدريس إلبا عن دوره في «مانديلا..». الممثلان الباقيان هما توم هانكس عن «كابتن فيليبس» وشيوتل إيجيفور عن «12 سنة عبدا».

بين الممثلات وحدها ساندرا بولوك هي تجسيد لفيلم متسابق وهو «جاذبية». لكن هذا ليس للتقليل من الاحتمالات المناوئة. ففي حين من المعقول جدّا أن يخرج بالجائزة الذكورية روبرت ردفورد، إن لم يكن بسبب أدائه المتين والصعب في «كل شيء ضاع» فبسبب مكانته الأبوية للسينما هذه الأيام (كونه رئيس أهم مهرجان للسينما المستقلة حول العالم وهو صندانس ومخرج وممثل من السبعينات)، يبقى من المعقول أن تطغى العاطفة ويخرج شيوتل إيجيفور بالجائزة التمثيلية عن دوره في «12 سنة عبدا».

أما على صعيد الممثلات الدراميات فإن تمثيل ساندرا بولوك ربما كان جيّدا كحضور وجيدا تحت الخوذة التي لا نرى منها سوى بعض وجهها، لكن أداء كيت بلانشيت أصعب وهو حاضر وسيستمد نجاحه بفضل الأعضاء الإناث في الجمعية (نحو النصف). ساندرا بولوك، بالمناسبة هي الأميركية الوحيدة بين المرشحات، فكل من كيت وينسلت وإيما تومسون وجودي دنش بريطانيات، وكيت بلانشيت أسترالية. الصورة معكوسة بالنسبة للممثلين الدراميين فمعظمهم أميركيون، باستثناء إدريس إلبا وشيوتيل إيفيجور البريطانيين.

هذا ما يعيدنا إلى مسألة الفيلم الأكثر احتمالا للفوز: أيكون الدراما الاجتماعية عن تاريخ العنصرية الأميركية «12 سنة عبدا» (تم تجاهل فيلم «رئيس الخدم» الذي يتعاطى والتاريخ الأفرو – أميركي أيضا من الترشيحات) أو الخيال العلمي «جاذبية» أو الدراما السياسية الصعبة «كابتن فيليبس» أو الدراما الخفيفة المتمثلة في «فيلومينا» أو فيلم السباقات الجيد «اندفاع»؟

نلاحظ، قبل أن نأتي بتقدير وتفضيل، أن أربعة من هذه الأفلام هي اقتباسات لسير شخصية: «12 سنة عبدا» عن سيرة سولومون نورثاب الفعلية، «كابتن فيليبس» عن أحداث وقعت للكابتن الأميركي رتشارد فيليبس حين تم احتجازه على أيدي قراصنة بحر صوماليين، «اندفاع» عن حياة متسابق السيارات نيكي لودا، «فيلومينا» عن أحداث واقعية وضعها الصحافي مارتن سيكسميث.

«كابتن فيليبس» يبدو الآيل إلى الفوز من دون إلغاء احتمال فوز «جاذبية» (كونه الأكثر اختلافا) و«12 سنة عبدا»، أما «فيلومينا» و«اندفاع» فإن حظهما أقل، بنسبة ملحوظة، من الأفلام الثلاثة الأخرى.

خامات متوفرة إذا ما كان من الصعوبة بمكان كبير صياغة توقع صائب في قسم الدراما من ممثلين وأفلام، انتظر حتى نقرأ واقع الحال بالنسبة لقسم الأفلام الكوميدية وممثليها.

الأفلام الخمسة المرشحة هي «نصب أميركي» و«هير» و«داخل لليوين ديفيز» و«نبراسكا» و«ذئب وول ستريت». وهي في نظر هذا الناقد متساوية القيمة والنوعية وبالتالي الاحتمالات. ما يمكن له تفضيله سيكون شخصيا وغير علمي وهذا لا يكفي. لكن ما يمكن استخراجه من تفضيل غير مباشر أوحى به تصويت الأعضاء هو وجود أكثر من فيلم يتعامل والحلم الأميركي المبعثر على أرض الواقع. سواء أكان من خلال سوء تقدير بطل «ذئب وول ستريت» الذي أعتقد أنه حققه لمجرد نجاحه في البورصة وتحوله إلى مليونير في ظرف سنوات قليلة، أو من خلال الصورة القاتمة «للأميركانا» التي يقدمها ألكسندر باين في «نبراسكا»، أو من خلال تلك القاتمة أكثر في فيلم الأخوين جووَل وإيثان كووَن «داخل ليووَن ديفيز» (الذي ربما هو من سيختطف الغولدن غلوب اليوم). حتى مع الفيلم ذي النبرة العلمية – الخيالية Her هناك حلم قرر بطل الفيلم أن يداويه عبر العالم الافتراضي وانهيار مجتمعي في «نصب أميركي» لديفيد أو راسل.

الممثلون الرجال المرشّحون في قسم أفضل تمثيل درامي هم في الواقع من أفضل الخامات المتوفّرة: بروس ديرن في «نبراسكا» سيُتوّج عن خمسين سنة زائد هذا الفيلم لكن الباقون جدد بالنسبة إليه: واكين فينكس في Her وليوناردو ديكابريو اللامع تحت بؤرة مارتن سكورسيزي في «ذئب وول ستريت» وكرستيان بايل في «نصب أميركي». حتى الوجه الأحدث بين هؤلاء، أوسكار أيزاك، الممثل الرئيس لفيلم الأخوين كووَن، يقدّم أداء يستحق الترشيح من أجله إن لم يكن الجائزة أيضا.

مخرجون ومساندون طبعا ما حدث في نطاق الأفلام الكوميدية والموسيقية هو عكس ما حدث في نطاق الأفلام الدرامية: كل الممثلين المتنافسين لهم أدوار في هذه الأفلام، أو إذا ما أردت العكس كل الأفلام التي لعبوها موجودة في المسابقة. لكن هذا ليس حال أربعة من خمسة ممثلات في سباق أفضل تمثيل نسائي إذ أن واحدة فقط، هي آمي أدامز لها فيلم مرشح للمسابقة وهو «نصب أميركي». الباقيات هن هنا يقدن سيارات بلا أسقف: ميريل ستريب عن «أوغست: مقاطعة أوساج» وجوليا لويس – دريفوس عن «قيل ما يكفي» وغريتا غيرويك عن «فرنسيس ها» ثم جولي دلبي عن «قبل منتصف الليل».

لكن ماذا عن المخرجين؟

كالعادة هناك خمسة مخرجين متسابقين ما يعني أن الدمج بين الدراما والكوميدي يجري هنا بحيث يتقلص عدد المخرجين المرشّحين إلى خمسة. وهم هذا العام أميركيان وثلاثة أجانب. الأميركيان هما ديفيد أوراسل عن «نصب أميركي» وألكسندر باين عن «نبراسكا». الأجانب هم البريطانيان بول غرينغراس عن «كابتن فيليبس» وستيف ماكوين عن «12 سنة عبدا». الخامس هو المكسيكي ألفونسو كوارون عن «جاذبية».

اختيار المخرج الذي سيصعد المنصة هذا اليوم ليس هينا، لكن الترتيب كما أوحى به عدد من الأعضاء حين سؤالهم يلتقي وترتيبي الشخصي: في المقدّمة يقف ألفونسو كوارون (ثلث الأعضاء يكتبون لدول لاتينية) ويليه:

2 ستيف ماكوين 3 بول غرينغراس وألكسندر باين متساويين 4 ديفيد أوراسل.

سباق ساخن آخر في طي قسم «أفضل فيلم أجنبي» (غير ناطق بالإنجليزية) حيث المعركة الرئيسة هي بين «الجمال العظيم» الإيطالي و«الصيد» الدنماركي. لكن بالموازاة هناك فيلمان من إخراج أسماء غير أوروبية يتنافسان بضراوة «الماضي» للإيراني أصغر فرهادي و«حياة أديل» للتونسي الأصل عبد اللطيف كشيش. الفيلم الخامس من المستبعد أن يحصل على ما يكفي من أصوات للتأثير على أي من الأفلام الواردة وهو فيلم الأنيماشن الياباني «الرياح تعصف».

الأسماء الكبيرة تشمل أيضا المتنافسين في سباق أفضل تمثيل مساند بين الجنسين.

في قائمة الممثلات نجد البريطانية سالي هوكينز في المقدّمة عن «بلو جاسمين» وجنيفر لورنس عن «نصب أميركي». بعدهما بقليل يأتي الترتيب بجوليا روبرتس عن دورها المساند «أوغوست: مقاطعة أوساج» ولأول مرّة لوبيتا ميونغ عن «12 سنة عبدا» ودجون سكويب عن «نبراسكا».

رجالا، الصومالي بركات عبدي وجد نفسه بين المتنافسين عن «كابتن فيليبس» وهو لا يقل استحقاقا عن يارد ليتو في «دالاس بايرز كلوب» أو حتى مايكل فاسبيندر عن «12 سنة عبدا» لكن الأكثر احتمالا للفوز هو دانيال برول عن «اندفاع» وفي هذه الحالة فإن الخاسر الرابع سيكون برادلي كوبر عن «نصب أميركي».

لا يتسنّى المجال للمضي في تحليل الأقسام الأخرى، لكن لنا عودة من خلال قراءة النتائج يوم الاثنين إن شاء الله.

المصدر: محمد رُضا – الشرق الاوسط