كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
وها قد قررت أن أتحدث بعد خمسين يوماً من التصرف بروية ومحاولة إصلاح وترقيع ما ارتكبه الإسبان بحق عائلة مسالمة، ولكن دون جدوى. تشعر أنك تخاطب صخوراً صماء لا تحس، بل تعاملك بازدراء ودونيّة، ولذلك لن يكون الحديث إلا بداية قد تنتهي بكتاب يروي مأساة شعب زادت معاناته من نظامه ومن المرتزقة والإرهابيين الذين استباحوا دمه وأرضه، وأتى الإسبان وغيرهم ليكملوها باستباحة أمواله وهدرها عبثاً، ولم يتورعوا أن «يلهفوا على الماشي» جزءاً منها، وكل ذلك موثق بتجربة شخصية معهم.
قبل أن أبدأ، ليت الإسبان يعلمون أني لم أقرر الذهاب إلى بلدهم حباً بهم بل حباً بولدي «بشر» لأن مدرب «التنس» نصحه بمعسكر صيفي تدريبي تنظمه أكاديمية في برشلونة، ووددت تلبية رغبة الطفل ودفعت مبلغاً بحوالة مصرفية تضع الأكاديمية اليوم الذرائع لعدم إعادته، لكن حتى طموحات الأطفال تتحطم حين تغيب إنسانية الإسبان.
يقول أكبر مسؤولي سفارتهم في أبوظبي إن الأمر خارج نطاق صلاحياته أياً كان الشخص، وينفي مسؤول كبير في الخارجية أنهم أصدروا تعليمات بهذا الخصوص، والواقع يقول إن عبقرية الإسبان لم تتفتق فقط عن عدم منح تأشيرات السياحة أو الزيارة للسوريين بل زاد الأمر إلى تعمد إهانتهم، وحين تتقدم للحصول على التأشيرة لأفراد عائلتك مع العاملة المنزلية، فلا يخجل الإسبان من منحها للعاملة المنزلية ورفض منح التأشيرات لأفراد العائلة، ويدّعون في أسباب الرفض أنهم لم يقتنعوا بسبب الزيارة وغير متأكدين من مغادرة أفراد الأسرة لمنطقة شنغن بعد انتهاء التأشيرة، وفات عليهم أن أسبابهم الزائفة تفندها موافقتهم للعاملة المنزلية، لأن أوراقي هي ما جعلتهم يوافقون لها، فكيف قبلوا الأوراق من العاملة ورفضوها ذاتها من صاحب العمل، ولم يقنعهم فوقها خطاب دعوة من أكاديمية تنس معروفة، غير أن اعترفوا أخيراً بأن السبب الحقيقي هو الجنسية السورية.
فإذا كنتم أيها الإسبان قد اتخذتم قراراً بالمنع فهذا من حقكم فهي بلادكم، لكن الذي ليس من حقكم أن تبقوا الأمر طي الكتمان بدل إعلانه على الملأ، فتخدعون بالتالي من يتقدم للحصول على التأشيرة، وتجعلونه يدفع مبالغ كبيرة للحجوزات الجوية والفندقية وتأمين السفر فيما رفضكم موجود مسبقاً، فهل أموال السوريين «المنكوبين أصلاً» حلال تبديدها لديكم. وما يزيد الطين بلة أنكم تأخذون منهم لنفسكم رسوماً عالية غير مستردة على كل جواز سفر، وأنتم تعرفون أنكم لن توافقوا، ما يعني أن المسألة غير بريئة، ولو كان العكس لبادرتم على الأقل بإرجاع تلك الرسوم أو عدم أخذها بالأساس لتقليل الخسارة، ولكن كيف تتحرك مشاعر الذين مازالوا يتباهون بلقب قاتل الثيران «الماتادور».
الحقيقة التي لا يريد الإسبان قولها هي أن كل سوري في نظرهم لاجئ محتمل، ولازدحام بلادهم بالعاطلين عن العمل وتردي أوضاعهم الاقتصادية فهم لا يريدون عبئاً يزيد الأوضاع سوءاً لديهم، لكن الأمور يفترض أن يكون فيها تفكير وقراءة لأوراق الشخص ووضعه الوظيفي والمادي ودخله وإن احتاجوا يطلبوا مقابلته، أما أن يحدث الرفض على الجنسية فهذا تعسف في غير محله، وإلى ذلك فما ذنب «كل سوري» بما يجري في بلده حتى يصبح مشبوهاً ومتهماً يخاف الإسبان دخوله بلادهم.
ليعلم الإسبان أن «إنسانيتهم» المزعومة وبطالتهم واقتصادهم المتردي أمور لا تغري بالإقامة في بلادهم، فليس مجداً لعائلة شرقية أن تجاور من ينتمي إليهم الشاذ «رامبو» وسيئ الخلق «دالي» وحتى الساذج المتخيل «سانشو».. ومن لف لفهم، حتى لغتهم العوجاء التي يتشدقون بها لا تغري طالب علم أو باحث أدب بتعلمها.
وليعلم الإسبان أيضاً من كبيرهم لصغيرهم خصوصاً موظفي سفاراتهم ممن يوقّعون على رفض منح التأشيرات أن مثلي لا يحتاج أن يتشرد مع عائلته في مدنهم أو يخاطر بمستقبل أطفاله ويفقد عمله .. وأقولها لهم بالنيابة عن الكثير ممن استقروا هنا: من يعش في نعيم دولة الإمارات لا يلجأ إليكم أيها الإسبان .. فالإمارات وطننا اليوم إن ضاعت الأوطان .. حملنا هويتها، ولمسنا الأمان في حضنها. وأضيف أن لدي ثروة هائلة لا تعوض من أبنائها وغيرهم من الأصدقاء والمحبين.
المصدر: الرؤية الإماراتية
http://alroeya.ae/2014/08/13/170684