مهرجان الشيخ زايد التراثي… تمازج موروث العالم الحضاري على أرض الإمارات

أخبار

يتوقف زوار مهرجان الشيخ زايد التراثي عند التمازج الحضاري اللافت بين الموروث الإماراتي وموروثات الشعوب الأخرى التي تستضيفها منطقة الوثبة حتى 26 يناير الجاري.

ويظهر ذلك بوضوح في عدد من الأجنحة التي تعتمد في معروضاتها على الحرف اليدوية والصناعات التقليدية التي ما زالت منتشرة فيها حتى اليوم، وكما يحرص المجتمع المحلي على الهوية الوطنية، انطلاقاً من تعريف الأجيال إلى حياة الأجداد، تتباهى دول مثل الصين وأذربيجان وطاجيكستان بالتأكيد على صورتها الأصيلة المتجددة، وهنا تتداخل عناصر التراث على منصات متقاربة في إشارة إلى مبدأ نشر الثقافات المتعددة بين الأفراد من السكان والضيوف، مما يؤكد شعار المهرجان في موسمه الحالي «الإمارات ملتقى الحضارات».

أفكار هادفة يعتمدها مهرجان الشيخ زايد التراثي من خلال عرض منصات محلية داخل أجنحة الدول المستضافة، بهدف تبادل الثقافات ونشر الوجه الحضاري الذي ينعم به المجتمع الإماراتي.

والجناحان الصيني والأذربيجاني في مهرجان الشيخ زايد التراثي لفتا أنظار الآلاف من الزوار، لما يضمانه من منتجات ومعروضات متميزة تعبر عن موروث وثقافة الشعبين وأهم الحرف التقليدية التي يمارسها أبناؤهما.

بخور و«نودلز»

بداية الجولة من الجناح الصيني الذي يعرض أهم منتجات بلاده، وفي الوقت عينه يضيء في جانب منه على البخور والعطور الإماراتية، وهنا يتعرف الزائر إلى أنواع الشاي الأخضر المستخرجة من جبال نانسان جراندباس، والتي تحضر بأدوات وطقوس تقليدية، وتعرض مجموعة من الأعشاب الطبية المستخدمة في الطب الشعبي والطب البديل في عدد من المناطق الصينية، ونماذج من الأدوية العشبية المخصصة لعلاج السكر والمعدة والضغط، والتي تتميز بعدم وجود تأثيرات جانبية.

ومن المعروضات قطع لافتة من الملابس القديمة والحديثة التي تعتبر من الثقافة الصينية، ولاسيما زي «الهانفو» التقليدي لقبائل الهان، والذي أصبح فيما بعد زياً رسمياً في الصين، وكذلك زي «تشيونج سام»، الذي يعد من الملابس العصرية النسائية، ويكشف الجناح تعاليم عن ثقافة الطعام عند الصينيين طلباً للصحة والرخاء وجلب الحظ، ويوضح العارضون كيف تحولت الأطباق الصينية وأكثرها شهرة «النودلز» إلى فن يجمع بين الابتكار والنكهة والتوفير، وأن الصين تتفرد بتقنية الطهي على البخار كمثال يحتذى لثقافات الطعام في العالم كافة.

الشماغ والكشمير

بالوصول إلى جناح أذربيجان ضمن المهرجان، فهو يغص بالمعروضات التي تضيء بوضوح على ثراء التقاليد الوطنية والمنتجات المصنوعة يدوياً، ما يجسد التقاليد الشعبية، وأكثر ما يلفت النظر هنا تنوع الأقمشة المطرزة للزي الوطني الأذربيجاني، ولاسيما النسائية منها والمحاكة بخيوط ذهبية، وفيما يعتبر الثوب الحريري لباس المرأة التقليدي في البلاد، يرتدي الرجال قطع الكشمير المصنعة محلياً، وفي تداخل محبب، تعرض في الموقع نفسه عباءات إماراتية تحاكي الموروث الشعبي وكنادير بطربوش للدلالة على تمسك المجتمع المحلي بعاداته العريقة وبحرصه على نقل صورة الأجداد إلى الأبناء.

ومن المشغولات اليدوية التي يفاخر بها العارضون الأذربيجانيون السجاد المتفرد بشهرته في المنطقة ويعتبر الخزانة الثقافية الوطنية للبلاد. ويشبه تحف السجاد الموجودة في متحف السجاد الوطني في العاصمة باكو الذي تم تأسيسه عام 1967 كأول متحف سجاد متخصص في العالم. ويحصل زوار الجناح على مثل هذه المعلومات وأكثر من خلال مرشدين يروجون لما يمكن الاستفادة منه ومشاهدته في البلاد عند زيارتها، كمراكز العلاجات الطبيعية أو الصيد بالصقور.

خوص وفرو أرانب

المشهد المفعم بالصناعات اليدوية يتمثل أيضاً في الجناح الباكستاني الذي يتميز ضمن مهرجان الشيخ زايد التراثي بالكثير من الخامات الطبيعية مثل الجلود والصوف وملابس الفرو والشالات القطنية، ويسجل في حيز كبير منه منصات لعرض السجاد اليدوي الذي تشتهر به البلاد منذ 400 عام والمنسوج بالصوف والحرير والقطن وبألوان بديعة قريبة من الأشكال التركمانية، وكما تعرض في الجوار صناعات الخوص والتلي التي تدخل في الاستخدامات اليومية لمجتمع الإمارات قديماً، يظهر الجناح الباكستاني حرص مجتمعه على توارث المشغولات اليدوية. ومنها الأواني الفخارية الخزفية المنقوشة والتي تحمل عبق الماضي، كالمزهريات والجرار المزينة برسومات تعبر عن الفن التقليدي الباكستاني، وكذلك مفروشات فرو الأرانب التي توزع على الأرضيات لمواجهة البرد القارس.

سلاسل باللغتين

المحطة التالية عند مدخل الجناح الأوروبي الذي يدمج في معروضاته بين الفنون الأجنبية الرفيعة وعراقة الموروث المحلي لمجتمع الإمارات. وكما يستقطب أعداداً متزايدة من الجمهور للاطلاع على أصناف العطور فيه ومنتجات زيت الزيتون والمخللات المعدة بالحبة السوداء، يجذب إليه ذواقة الفضيات التي تشتهر بها أسواق الإمارات. ومنها السلاسل والعقود والأقراط التي تتيح طباعة الاسم عليها باللغتين العربية والإنجليزية حيث يتم تصنيعها أمام الزوار في دقائق حسب التصميم المطلوب. وهنا روائح العطور الفرنسية الممزوجة بالدخون والبخور الإماراتي، وكذلك تعرض الأثواب التقليدية المصنوعة من الأقمشة الأوروبية الفخمة.

منتجات إماراتية

تحضر المنتجات الإماراتية الصنع داخل مختلف الأجنحة الأجنبية، وضمن أكشاك قريبة تعرض نماذج من الموروث الشعبي للمجتمع المحلي. وعدا عن أصناف البخور والدخون والعطور المحلية المحضرة يدوياً، تعرض منتجات شعبية تم تصميمها وتصنيعها بأياد إماراتية. ومنها القطع المستمدة من التراث مثل الشراشف القطنية والصوفية وأدوات الزينة التقليدية والشماغ الرجالي، والشيلات النسائية.

250 نوعاً من الشاي

على غرار الأكشاك التي تبيع «شاي كرك» ضمن المهرجان، لكونه الشراب الشعبي الساخن الأكثر شهرة، يتباهى جناح أذربيجان بمعروضاته من أصناف الشاي التقليدي، والذي يزرع في منطقة لانكاران أستارا، ويحصد على شكل 250 نوعاً من النباتات.

رحلة إلى القارات

يعتبر زوار المهرجان أنفسهم في رحلة إلى قارات العالم؛ إذ يجسد كل جناح بمعروضاته ومنتجاته وأزياء العاملين فيه، صورة عن حضارة بلاده وعاداتها وتقاليدها، بما فيها من أكلات شعبية تميزها عن بقية الدول.

المصدر: الاتحاد