«مهرجان بيروت للطبخ» في سنته الرابعة مالح وحلو وشوكولاته

منوعات

435

شكل «مهرجان بيروت للطبخ» (4the Beirut cooking festival) الذي أقيم للسنة الرابعة على التوالي، واختتم أعماله، السبت، في بيروت، مصدر فرح وتسلية للبنانيين. فقد مثل هذا النشاط للذين قصدوه من كل حدب وصوب فرصة لا تفوت لممارسة هوايتهم المفضلة، ألا وهي التمتع بتذوق الطعام.

فمقولة: «شم ولا تدوق» لم يتم تطبيقها في هذا المهرجان الذي نظمته شركة «أوسبيتاليتي» للمعارض، لا من بعيد ولا من قريب، إذ كان تذوق الأكلات وأطباق الطعام من مطابخ عالمية، إضافة إلى اللبنانية منها، هي عنوانه العريض، لا سيما أن الشوكولاته التي أخذت حيزا لا يُستهان به من هذا الحدث كانت بمثابة مسك الختام لزواره.

فـ«صالون الشوكولاته» الذي استحدثه المهرجان في نسخته هذا العام لم يمر مرور الكرام، إذ أضفى عليه نكهة عالمية ذات «سكر زيادة»، بحيث تلقفها زائره بسعادة وابتسامة عريضة. فوقف مرات أمام الفساتين المصنوعة من الكاكاو يتأملها حالما، كما مد يده لاشعوريا ليتذوق مجسم عربة قديمة أو شخصية «بابا نويل» أو باقة ورود أو طاولة شطرنج مع أحجارها، وغيرها من الأشكال التي اعتقد أنها حقيقية للوهلة الأولى، ثم ما لبث أن اكتشف أنها مصنوعة بتأنٍّ من الشوكولاته.

أسماء معروفة في عالم تصميم الأزياء كان لها لمساتها على هذه الفساتين «الشوكولاتية» بامتياز، كطوني ورد وراني عيتاني وجوزف ابشي وطوني حايك ونادين منيمنة وغيرهم، الذين قدموا تصاميمهم لتكون في خدمة عالم الشوكولاته، بأسلوب خارج عن المألوف.

فالشوكولاته المرة والحلوة والبيضاء على أنواعها، إضافة إلى تلك المصنوعة في لبنان أو المستوردة من بلجيكا أو فرنسا وغيرها من الدول الشهيرة بصنعها، ألَّفت العناصر الأساسية لهذا الصالون الذي تضمنه المهرجان هذا العام. كذلك شكلت تلك الممزوجة مع نكهات من الفاكهة أو المكسرات أو البرتقال، أو على طريقة الـ«تروف» خير وسيلة لاستقبال زوار المهرجان منذ اللحظة الأولى لدخولهم أرض المعرض.

ايلي فغالي صاحب أحد مخازن الشوكولاته المشهورة في لبنان (كالوبو) المستوردة من بلجيكا، أكد أن مستوى الحدث هذا العام كان عالميا، لما تضمنه من أفكار مبتكرة وأطباق وحلويات جمعت ما بين الأصالة والحداثة على السواء.

أما شادية العيد إحدى زائرات المعرض المستقرة في فرنسا، وصادف وجودها في لبنان أثناء إقامة هذا الحدث، أشارت من جهتها إلى أنها تفاجأت بالتنوع الذي يحمله «مهرجان بيروت للطبخ»، وبأنه لا يختلف كثيرا عن نوعية المعارض التي تقام في باريس في هذا الإطار.

كيفما تجولت في هذا المعرض لا بد أن تلفتك زاوية ما فيه، فهنا عرض مباشر يقدمه الشيف شادي زيتون لكيفية تحضير طبق إيطالي (الباستا مع صلصة الأفوكادو)، وهناك يقف الشيف ريشار خوري ليقدم عرضا مشابها عن كيفية تحضير الطبق الفلسطيني (مسخن دجاج)، وكذلك الأمر بالنسبة للشيف زاهي البابا الذي استوحى من «الكاكاو» طبق حلوى (الكنافة بالشوكولاته)، فكان رواد المهرجان يتمتعون بتذوقه، الواحد تلو الآخر.

ولم يخل المهرجان من لوحات أصيلة أعادتنا في الذاكرة إلى صناعات لبنانية شبه مندثرة في أيامنا هذه، كـ«البوظة العربية» التي تحضر يدويا عن طريق دقها في جرن نحاسي مثلج يعرف بالـ«داندورما» في تركيا، فقد تحلق الناس حول منصة الحلونجي أحمد البزري الطرابلسي الأصل، ليتفرجوا عن كثب على كيفية صنعه لهذه المثلجات التي تعلمها من والده. ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «تحضير هذا النوع من البوظة يستلزم قوة بدنية، إضافة إلى تقنية عريقة قلة من الحلونجية تعرفها، كما يستغرق تحضيرها المرور بعدة مراحل تبدأ في سكب خليط الحليب والمسك والسحلب مع السكر في الجرن الخاص فيها، ومن ثم خفقها بضربات قوية بواسطة عصا نحاسية إلى أن تتجمد وتصبح كتلة متماسكة تشكل (البوظة العربية) المعروفة، التي تؤكل مع الفستق الحلبي المطحون».

وتضمن المهرجان، إضافة إلى هذه النشاطات، أخرى لربات منازل أصبحن مع الوقت سيدات أعمال يمتلكن شركاتهن الخاصة في تحضير المونة على أصنافها، كـ«سوق الطيب» و«جنى العمر» و«صاج أم علي» وغيرها، التي توفر لزائر المهرجان شراء ما يرغب فيه من أنواع كبيس (مكدوس وخيار ولفت)، ومربيات (سفرجل وتفاح ومشمش) وعصائر (دبس الرمان وخل التفاح)، وكذلك (الكشك) و(ماء الزهر) و(ماء الورد)، وغيرها من أصناف المونة اللبنانية المصنوعة من مواد طبيعية طازجة.

وتشير جوزيت فكري إحدى المسؤولات عن تنظيم هذا المهرجان إلى أنه استطاع، هذا العام، تحقيق نجاح واسع، إذ فاق عدد زواره الـ15000 شخص في مدة لم تتجاوز الـ3 أيام. وتابعت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «فاق عدد المشاركين في المهرجان هذا العام الـ130 مؤسسة وفردا، وتضمن إلى جانب أجنحة المطاعم وأصناف الأكل والحلويات الجاهزة، منصات خاصة بصناعة البورسلين، والطناجر والأجهزة الكهربائية الخاصة بالمطابخ».

«عجقة ناس وزحمة سير» افرزهما «مهرجان بيروت للطبخ» في سنته الرابعة، الذي أقيم في مركز «بيال» للمعارض في وسط بيروت، في الوقت نفسه، الذي يجري فيه معرض الكتاب من الناحية الثانية للمركز المذكور، إلا أن اللبنانيين لم يبدوا أي انزعاج منها، كونها شكلت لهم مصدر حركة وبهجة، في ظل الضغوطات المادية والأوضاع السياسية غير المستقرة التي يعيشونها، فكانت بمثابة المتنفس الأفضل لهم للتخلص من رتابة إيقاع أيامهم المثقلة بهمومهم وهموم المنطقة ككل.

بيروت: فيفيان حداد – الشرق الأوسط