خطت الشابات الإماراتيات خطوات واسعة نحو كتابة أسمائهن بحروف من نور في سجل الإنجازات الإماراتية المتتالية مع بداية إشراق كل صباح، فقد أثبتن لأنفسهن ولقادة الدولة الذين منحوهن الفرصة الكاملة للعب دور مؤثر في الانطلاقة الحالية للدولة، قدرتهن على الانجاز والتحدي، فأصبحن وزيرات ومديرات وطبيبات ومعلمات، فضلاً عن كثير من الوظائف والمهمات الأخرى اللائي أثبتن فيها جدارة وامتيازاً.
بداية الحكاية
بداية الحكاية حينما أصر المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على أن يعطي للمرأة دوراً أساسياً في الحياة العملية، فأتاح لها الدراسة والعمل لتنافس الرجال في كل أعمالهن، لينطلقن عبر سنوات تالية نحو آفاق أرحب من النجاحات التي عكست صواب رؤية المؤسس، في بناته وقدرتهن على العطاء جنباً إلى جنب مع أبناء الوطن، ليستمر العطاء ومنح الفرص لهن، ليصبحن كلمة السر التي يبحث عنها الجميع عند الاحتفال بنجاحات جديدة.
قدرة وتميز
هذا التشجيع ترجمته بنات زايد العاملات في مركز محمد بن راشد للفضاء كمهندسات ومتخصصات في القمر الصناعي خليفة سات، و«مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ» – «مسبار الأمل» الذي سيصل للمريخ، مشكلات 40 % من المهندسين العاملين في المركز، ليؤكد مرة جديدة قدرة المرأة الإماراتية على الإبداع والإنجاز في كل ما يؤول إليها من مهام، حيث أفصحن عن أحلامهن وطموحاتهن للمستقبل الفضائي الإماراتي، الذي ينمو مع تعدد المشاريع التي تعمل عليها الدولة لسبر أغواره، والاستفادة مما يتيحه العِلم لتكريس الدولة واحداً من أهم اللاعبين في نادي الفضاء العالمي.
حلم الانضمام
وأوضحت المهندسة الشابة أسماء الجناحي المتخصصة في هندسة الاتصالات، والتي تخرجت في جامعة خليفة، أن مركز محمد بن راشد للفضاء كان يمثل لها أثناء دراستها أيقونة علمية مبهرة، وطالما حلمت بالانضمام له، لتشارك مع زملائها العاملين فيه، تسطير قصة نجاح متميزة للإمارات في قادم السنوات.
وأبانت الجناحي كونها عضواً في الفريق العلمي في مشروع مسبار الأمل، عن أنها تعمل على تحليل بيانات التقطتها مهمات فضائية سابقة استكشفت كوكب المريخ وذلك بهدف امتلاك مهارات تحليل البيانات التي سيلتقطها مسبار الأمل عقب إطلاقه ووصوله إلى مدار الكوكب وذلك بهدف زيادة المعلومات لسبر أغوار الكوكب الأحمر، ودراسته بدقة للوصول إلى اكتشافات جديدة تقدم شيئاً مميزاً وجديداً للبشرية والإنسانية، وحتى يكون للإمارات السبق في تسطير اسمها بجدارة كإحدى الدول التي أصبح لها ثقل علمي في المجال الفضائي.
فخر واعتزاز
وعبَّرت أسماء عن فخرها واعتزازها بالمرأة الإماراتية، التي أثبتت وتؤكد يوماً بعد يوم، قدرتها اللامتناهية على البذل والعطاء والإبداع، وأنه لا شيء مستحيلاً عندها، إذا ما أرادت الوصول إليه، مشيرة إلى أن العمل في الأقمار الصناعية وتطبيقاتها وتعلُّم أسرارها، ربما يكون صعباً للوهلة الأولى، لكن مع التعلم المستمر في هذا المجال والممارسة، تتذلل كل الصعاب للانطلاق نحو النجاحات، وهو ما يبثه قادتنا في روحنا بداية كل يوم.
إثارة علمية
وأكدت المهندسة مريم الشامسي المتخصصة في علوم الكمبيوتر وعضو في قسم العلوم بالمركز وفي الفريق العلمي في «مسبار الأمل»، أن العمل في مركز محمد بن راشد للفضاء، هو متجدد وحافل بالإثارة العلمية بداية كل يوم عمل، حيث إن الاكتشافات التي تظهر كل يوم فيما يخص التجهيز لإطلاق مسبار الأمل للمريخ، تجعلها أسيرة لها، كونها تعطيها دافعاً أكثر للبحث والتقصي عن الجديد لتطويره ضمن فريق العمل القائم بالمشروع.
استفادة وتعاون
وأبانت أن قسم علوم الفضاء الذي تعمل به، يمنحها فرصة تواصل كبيرة مع الجهات المتخصصة عالمياً للاستعانة بجديدهم للاستفادة منه والبناء عليه، كونه مكوناً أساسياً من مكونات النجاح الذي يسعى إليه المركز لتطوير مشروعاته.
وأفادت مريم أنها وكثيرات مثلها يفتخرن بأن الإمارات ستكون ضمن الدول الفاعلة في مجال الفضاء في العالم، مشيرة أن أساس أي عمل ناجح هو التخطيط والدراسة الجيدة، وهو ما يعززه المركز من خلال الفريق العلمي الذي يعمل بشغف لتأسيس أجيال جديدة من الشباب.
تحديات ونجاحات
من جهتها قالت المهندسة الكهربائية ميرة الشامسي التي تعمل في قسم تطوير التطبيقات والتحليل في المركز وعضو في الفريق العلمي لمسبار الأمل، أن انضمامها لمركز محمد بن راشد للفضاء جاء كونه إحدى أهم المؤسسات الإماراتية المسؤولة عن مشروعات كبيرة وكقطاع يحمل تميزاً وفرادة جديدة للدولة، وأن ذلك يتسق مع شخصيتها الباحثة عن التحديات والنجاحات.
ولفتت أن بعضاً من الخوف قد انتابها مع بداية تحملها المسؤولية في عملها، لكن مع الوقت والتعلم الدائم، أصبحت تعشق هذا العمل وتؤديه ببراعة، حتى أصبحت من ضمن أعضاء الفريق العلمي لمسبار الأمل.
وأشارت إلى أن اكتشاف المريخ يعد تحدياً كبيراً، خاصة أن المعلومات قليلة عنه، وذلك سيتيح للمركز فرصة مثالية من حيث جعله وجهة علمية عالمية، ويسطر اسماً رائداً للإمارات في هذا المجال، ما يضع على عاتقهم مسؤولية كبيرة تجعلهنَّ حريصات على تحملها بجدارة عبر العمل الدائم والذي يعد أساساً راسخاً لأي نجاحات مستقبلية.
وذكرت فاطمة المرزوقي المتخصصة في تصميم الوسائط المتعددة وتعمل كمحلل في قسم التطبيقات والتحليل في المركز، أن مهمتها تحليل الصور الفضائية التي يلتقطها «دبي سات-2» وإجراء الدراسات التحليلية للدوائر الحكومية والقطاعات الخاصة، وفق معايير علمية متخصصة للوصول لمعلومات تساعد المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، في رصد الجديد المتغير على خططها الاستراتيجية التي تعمل عليها، ومن ضمنها معلومات بيئية، الطرق والمواصلات، والبنية التحتية، والمسطحات الخضراء، وغيرها الكثير التي تستطيع الأقمار الصناعية بكاميراتها فائقة الدقة التقاطها ومحاولة قراءة معلوماتها عبر مقارنتها بالقديم من الصور التي التقطت من قبل.
وأضافت رغم أن دراستها مختلفة عمّا تعمل في المركز، إلا أنها واصلت التدريب والتعلم على كيفية تحليل الصور الفضائية ومقارنتها بعضاً مع بعض، لاستبيانها والاطلاع على معلوماتها التي ترصد أي متغيرات تحدث للمشاريع الإماراتية التي تعمل عليها مؤسسات كثيرة بالدولة.
احتياجات لوجيستية
وأوضحت المهندسة أسماء محمد أهلي المتخصصة في الهندسة الصناعية، أنها في البداية انضمت إلى المركز وعملت في مركز الأبحاث والتطوير المسؤول عن البحث عن الدراسات والأبحاث الجديدة المتعلقة بالمشاريع التي يقوم عليها مركز محمد بن راشد للفضاء، لدراسة التطورات المتلاحقة عالمياً والاستعانة بها لتطوير الأبحاث والدراسات بالمركز، كما أنها واحدة ضمن فريق عمل كبير مهمته تعزيز وتوفير الاحتياجات اللوجستية لكافة المشاريع، فضلاً عن توفير القطع والأجزاء للأقمار الصناعية التي لا يمكن تصنيعها في المركز.
مهمة حساسة
وشرحت أن هذه مهمة حساسة كونها مسؤولةً عن أدق التفاصيل المسؤولة عن كفاءة أداء هذه المكونات، وهو ما يجعلها دقيقة في كل ما يخص هذه المسألة، موضحة أن من مهماتها أيضا إدارة عمليات نقل الأجزاء التي تصنّع في الخارج أو المشتراة من الخارج.
ولفتت أنها تعمل على مشروع آخر بالمركز وهو مشروع محاكاة المريخ، وهدفه تقريب عالم المريخ إلى الإنسان من خلال جهاز يحاكي الظروف على سطح الكوكب الأحمر، عبر جهاز يحاكي المريخ، يوفِّر عوامل كثيرة مثل درجة الحرارة، وكمية الضغط الجوي، وأن هذا الجهاز يعد إنجازاً في حد ذاته للمركز، حيث استطاعوا أن يوفِّروه بمبالغ بسيطة لا تتعدى 3 آلاف دولار، في حين يصل سعره عالميا ملايين الدولارات، بالإضافة إلى ذلك تم تصنيع تربة تحمل نفس مكونات التربة على سطح المريخ.
ترقب الانطلاق
وأبانت أسماء أنها تترقب موعد انطلاق المسبار نحو المريخ، لترى نتائج هذا المشروع الضخم والكبير، خاصة أنه نتاج جهود فريق عمل جميعهم من الشباب الإماراتي، خاصة أنه تحد كبير، لكنهن يسعين بكل ما لديهن من إمكانيات على تجاوزه بنجاح.
ابتكار واستكشاف
وأشارت المهندسة ميثاء الشيزاوي المتخصصة في الهندسة الكهربائية وتعمل مهندسة إلكترونيات أقمار صناعية، إلى أنها تمنت الالتحاق بالمركز بعد مقابلتها للمهندسين الإماراتيين الذين كانوا يعملون على القمرين الصناعيين دبي سات 1 و2، لافتة أن التحديات التي واجهتها تمثلت في عدم توفر تخصص محدد في هندسة الفضاء بالجامعات الإماراتية، وهو ما تغلب عليه المركز من خلال إيجاد بيئة عمل هدفها التعاون والابتكار والاستكشاف.
تشجيع المتميزات
وأوضحت أنها تشجع المهندسات المتميزات والراغبات في العمل في هذا المجال للانضمام للمركز، لما يوفره من بيئة عمل ملائمة للمهندسات، بالإضافة الى استخدام برامج هندسية متطورة للبرمجة وتصميم اللوحات الإلكترونية، وهو ما يدعم المشاريع المختلفة للمركز، مشيرة إلى أنها تعمل حالياً في مشروع نايف-1 الذي سيطلق قريباً، فضلاً عن مشروع خليفة سات، وتحديداً في فريق الإلكترونيات المسؤول عن أنظمة الطاقة في القمر الصناعي، وهي مهمة حساسة وتتطلب الدقة، حيث إن القمر الاصطناعي يعتمد اعتماداً كلياً على الطاقة الكهربائية للعمل، وبرنامج الأقمار الصناعية النانومترية لطلبة الجامعات، وهو برنامج يستهدف نقل خبراتهن لطلاب الجامعات وإرشادهم لبناء قمر صناعي نانومتري.
أكد يوسف الشيباني مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء، أن المرأة الإماراتية هي جزء مهم من برنامج الفضاء الإماراتي وهي مشاركة فاعلة في كافة المشاريع الفضائية وتحتل مكانة متقدمة، وأن مكانتها في هذا العالم الفضائي الرحب لم تأتِ إلا من خلال كفاءتها وتميزها وخبرتها وتعلمها وعملها الدؤوب الذي صب في تطوير علوم وتقنيات الفضاء في دولة الإمارات.
40 % شابات
وأضاف إن 40 % من المهندسين العاملين في المركز هم مهندسات، وعدد منهن لمعن وساهمن في تطوير برامج وتطبيقات وأبحاث ويلعبن أدواراً محورية في مشاريع فضائية، مؤكداً أنه في الأعوام الأخيرة ينمو مجال تكنولوجيا الفضاء ويستقطب جيل الشباب الإماراتي، والأعداد في تزايد.
وقال إن الفتاة الإماراتية جزء أساسي من المجتمع الإماراتي ومن الطبيعي أن تواكب ذلك، لافتاً أنها عودتنا منذ تأسيس الدولة على أن يكون لها بصمتها، انطلاقاً من إحساسها بالمسؤولية تجاه هذا الوطن وضمان تقدمه وريادته، وقطاع الفضاء هو أحد أبرز القطاعات المساهمة في نمو الاقتصاد الإماراتي والمشاريع الفضائية المختلفة.
وأشار إلى أن المركز يضم عدداً كبيراً من الموظفات في القسم الإداري والتقني، وبحكم متابعتهن اليومية للمشاريع والخدمات التي يوفرها المركز أصبحن على دراية بالكثير من التفاصيل والتقنيات، وهذا يدل على شغف الفتاة الإماراتية وحبها للتعلم وخدمة الدولة ومشاريعها.
المصدر: البيان