كشفت دراسة أجرتها وزارة تنمية المجتمع، أخيراً، شملت 15 ألف ملف مسجل لحالات تحصل على إعانات مالية، أظهرت أن 3000 مواطن (معظمهم ذكور دون الـ40 عاماً) يحصلون على إعانات مالية، رغم عدم استحقاقهم ذلك، وأنهم يرفضون فرص العمل التي توفرها لهم الوزارة بالتعاون مع الجهات المختصة.
والمساعدات الاجتماعية هي مبالغ مالية تصرف نقداً أول كل شهر، إلى شرائح مجتمعية تعاني ظروفاً صعبة لا تستطيع معها التكيف مع متطلبات الحياة، وتكون في معظمها لأسباب تتعلق بالعجز عن الإنفاق، أو حبس أو إعاقة معيل الأسرة، أو أن يكونوا من ذوي الدخل المحدود الذي يقل عن 10 آلاف درهم شهرياً، وتعوضهم الوزارة بأموال مباشرة تصرفها إلى هذه الأسر بصورة شهرية، فيما تتركز في الأساس على فئات كبار السنّ، والمعاقين، والأيتام، والمطلقات، والأرامل. وأكد مصدر في الوزارة أن الدراسة هدفت إلى تجميد بعض المساعدات عن فئات معينة، منها ــ مبدئياً ــ رافضو العمل.
فيما كشف عضو لجنة الشؤون الصحية والعمل والشؤون الاجتماعية في المجلس الوطني الاتحادي، صالح مبارك بن عثعيث العامري، أن هناك أزواجاً يعمدون إلى الطلاق الصوري للحصول على مساعدات اجتماعية، كما أن أزواجاً ينفصلون بصورة مبطنة للحصول على منحة سكن (بيت)، ما يعد التفافاً على القانون. بينما رأى رئيس لجنة الشؤون الصحية والعمل والشؤون الاجتماعية، محمد أحمد اليماحي، أنه لا دليل قاطعاً على حصول مواطنين على مساعدات دون وجه حق.
في المقابل، عزا عدد من متلقي المساعدات الاجتماعية رفضهم الوظائف إلى ضعف الراتب الشهري، يليه بُعد مكان العمل عن منطقة سكنهم، خصوصاً للفتيات.
«تنمية المجتمع»: 36% من الحاصلين على مساعدات قادرون على العمل
أفاد مصدر مسؤول في وزارة تنمية المجتمع، بأن الوزارة طرحت، في وقت سابق، دراسة لتجميد بعض المساعدات عن فئات معينة، منها ــ مبدئياً ــ رافضو العمل (من الفئات العمرية القادرة على العمل ممن يحملون مؤهلات علمية، بدءاً من الثانوية العامة فأعلى)، شريطة إثبات تكرار رفضهم العمل الذي توفره الوزارة والجهات المتعاونة معها، موضحاً أن الدراسة أظهرت وجود 36% من إجمالي المسجلين من هذه الفئات العمرية.
وأضاف المصدر، فضل عدم نشر اسمه ــ رداً على سؤال لـ«الإمارات اليوم» حول فكرة المساعدة الاجتماعية، والفئات المستحقة لها، وقيمتها، وآجال صرفها إلى المستحقين ــ أن العمل المعني هو في القطاعين الحكومي والخاص أو المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأشار إلى أن الفئات العمرية في الدراسة شملت من تبلغ أعمارهم 18 إلى دون الـ60 عاماً، لتوضح أن 15 ألف حالة مسجلة في قوائم المساعدات المالية من إجمالي نحو 42 ألف حالة مسجلة في قوائم المساعدات، بينها نحو 3000 حالة تشكل عبئاً مالياً حقيقياً على ميزانية الضمان الاجتماعي، فهم قادرون على العمل، ومازالوا دون الـ40 عاماً، كما أن معظمهم من الذكور الذين يمكنهم التنقل بسهولة بين الإمارات دون عذر، أو تعلل بالبعد الجغرافي بين مكان السكن والعمل.
وأكد المصدر، أنه «لهذه الأسباب، ينصب التركيز حالياً على إيجاد وظائف مناسبة لـ3000 حالة، عبر التعاون مع مؤسسات وهيئات القطاعين العام والخاص، وفي الوقت نفسه دفع هؤلاء الأشخاص من مستحقي المساعدات الاجتماعية للبحث عن عمل بأنفسهم، عبر مجموعة من الندوات والملتقيات التوعوية».
ولفت إلى التعاون الدائم للوزارة مع الجهات التوعوية والتثقيفية في مختلف مناطق الدولة لتنظيم ملتقيات دورية مع مستحقي المساعدات في كل منطقة، وحثهم على ضرورة البحث عن عمل، وقبول ما يعرض عليهم من وظائف، ليصبحوا أعضاء فاعلين في المجتمع.
وأشار إلى أن الوزارة تواجه تحدياً كبيراً في الاستمرار في تقديم المساعدات الاجتماعية لهذا العدد من القادرين على العمل، فاستمرار وجودهم في القوائم يعرقل دخول حالات جديدة أكثر استحقاقاً منهم، كما يعرقل إمكانية زيادة بعض المخصصات للحالات التي هي في حاجة فعلية إلى هذه الزيادة، أو حتى تخصيص ما يقدم لهم في دعم مشروعات بعض الأسر والشباب المنتج الفاعل.
وتابع: «تحجم نسبة كبيرة من هذه الفئة عن قبول فرص عمل، التي تعمل الوزارة بالتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة، وبالتنسيق مع برامج التوطين المختلفة على إيجادها، بسبب أو دون سبب، وعادة ما تحتج بضعف الراتب، رغم أن بعض الرواتب تعادل ضعف قيمة المساعدة المقدمة إليهم».
ولفت إلى رفض مجموعة كبيرة من الفتيات المسجلات على قوائم الضمان الاجتماعي (أعمارهن دون الـ35 عاماً)، للالتحاق بوظائف مشرفات حافلات النقل المدرسي، التي تم توفيرها بالتعاون مع وزارة التربية التعليم ومؤسسة مواصلات الإمارات، برواتب تراوح بين 8000 و10 آلاف درهم، في وقت لا تزيد قيمة المساعدة الاجتماعية على 4800 درهم. وأوضح أن الهدف الاستراتيجي للوزارة هو التحول من فكرة المساعدة والإعالة إلى التنمية، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه باستمرار أعداد كبيرة من الشباب بالاعتماد على المساعدات المقدمة إليهم، والعزوف عن العمل والمشاركة في بناء وخدمة وطنهم، والإشكالية أن الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل يطالب بعضهم بزيادة قيمة المساعدات، في وقت يرفضون ما يعرض عليهم من وظائف بمزايا وراتب أفضل.
وتعتمد الدراسة على رصد مدى تفاعل هذه الفئة من مستحقي المساعدات مع حركة التوظيف والتوطين التي توفرها الجهات المختلفة، وفي حال رفض مستحق المساعدة ثلاث مرات متتالية وظائف ذات راتب يفوق قيمة ما يحصل عليه من الوزارة، يتم تجميد المساعدة المقدمة إليه، ويصنف كباحث عن العمل، لإلزامه بقبول ما يتم توفيره له مستقبلاً. وحسب المصدر، فإن الدراسة شملت الفترات العمرية فيها من 18 إلى ما دون 60 عاماً، فيما تغاضت عن ذوي المستوى التعليمي دون الثانوية العامة، كون حظوظهم في سوق العمل قليلة، لكن في الوقت نفسه سيتم حثهم بشكلٍ دائم على الوجود في الأيام المفتوحة للتوظيف، والتواصل مع الجهات المسؤولة عن التوطين.
ورفضت وزارة تنمية المجتمع، أخيراً، منح إعانات إلى 200 حالة مسجلة لديها، وجميعها من فئة الشباب، بعدما تأكدت من رفضهم فرص عمل عرضت عليهم، ووفرتها بالتعاون مع جهات حكومية وخاصة متنوعة، مفضلين إبقاء الاعتماد على المساعدات الاجتماعية التي يحصلون عليها، حسب المصدر ذاته.
أشخاص يلجأون إلى الطلاق الصوري للحصول على مساعدات اجتماعية
http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/07/509692.jpg
أكد عضو لجنة الشؤون الصحية والعمل والشؤون الاجتماعية في المجلس الوطني الاتحادي، صالح مبارك بن عثعيث العامري، أن القانون دائماً في مصلحة الجميع، لكن هناك فئات تتجاوز، وتحاول استغلال القانون، مثل حالات الطلاق الصوري، التي يلجأ إليها أشخاص، ليؤهلوا أنفسهم للحصول على مساعدات اجتماعية، وأزواج ينفصلون بصورة مبطنة للحصول على منحة سكن (بيت)، وهذه الأمور تعد التفافاً على القانون، وعلى أنظمة المساعدات التي باتت تحتاج إلى تطوير يواكب العصر.
وأضاف بن عثعيث: «أبرز المشكلات التي تحتاج إلى دراسة فعلية ارتفاع نسبة الطلاق بين المواطنين والمواطنات، والتعطل عن العمل، وأقترح رفع المساعدة المالية عن الفئات غير المستحقة أو التي تتسلم مساعدات دون وجه حق، وأن يعاد توزيع هذه المساعدات على فئات أخرى مستحقة، مثل أن يمنح بدل بطالة للعاطلين عن العمل، وهو مقترح نوقش مع الحكومة خلال الفصل التشريعي الجاري، وأبدت استعدادها لدراسته وتطبيقه».
ودعا إلى تشكيل لجنة برلمانية لدراسة أسباب سعي بعض المواطنين للحصول على مساعدات مالية وعينية، رغم أنهم ليسوا مستحقين لها. وقال: «لا نريد أن تتحول الحكومة إلى مجرد صراف للنقد، كما ينبغي أن تضطلع تلك اللجنة بالأسباب الرئيسة لذلك».
بدوره، قال عضو المجلس الوطني الاتحادي، حمد أحمد الرحومي، إن قضية الضمان الاجتماعي كانت ولاتزال أحد أهم الموضوعات التي تجري مناقشتها في المجلس، ويتم تناولها بصورة تضمن قصرها على غير القادرين على العمل فقط، وليس غير الراغبين في العمل.
وأضاف الرحومي، أن عملية توظيف مواطني الدولة تعتبر المظلة الرئيسة للنقاشات التي سيتم التركيز عليها في نقاشات المجلس، لأن أحد أهم تحديات زيادة المواطنين في القطاع الخاص هو عدم الشعور المواطن بالأمان الوظيفي، على عكس الوظائف الحكومية.
وأشار إلى أن خطة النقاشات والمطالبات التي طرحت في المجلس تشمل دعم فتح المواطنين أعمالاً خاصة بهم من مشروعات صغيرة ومتوسطة، ودعم نمو أعمالهم، عبر مجموعة من القرارات، على غرار زيادة النسبة المخصصة لهم قانونياً في الحصول على مشروعات الخدمات المساندة للمشروعات الحكومية الاتحادية في الدولة من 5% إلى 10%، إضافة إلى ضرورة ضم رواد الأعمال في نظام المعاشات.
في المقابل، قال رئيس لجنة الشؤون الصحية والعمل والشؤون الاجتماعية في المجلس الوطني الاتحادي، محمد أحمد اليماحي، إنه لا يوجد دليل قاطع على حصول مواطنين على مساعدات دون وجه حق، لأن وزارة الشؤون الاجتماعية تضع متطلبات وشروطاً لاستحقاق تلك المساعدات، ولا يحصل أي مستفيد على المساعدة إلا إذا كان يستحقها فعلاً، بموجب المستندات والأوراق.
وأضاف اليماحي أن الوزارة في مقابل أنها تطلب أوراقاً ومستندات، لديها صلاحيات سحب المساعدة (سواء مالية أو سكنية أو غيرهما)، عندما تكتشف أن هناك تلاعباً في الأوراق، كما يمكن أن تسحب المسكن عند ثبوت هذا التلاعب، أو بإمكانها قطع الإعانة المالية والمطالبة باسترجاعها، إذا لم تكن تنفق على مستحقين فعليين.
وتابع: «نحن نطالب دائماً وبشكل صريح بأن تعدل رواتب وميزات الموظفين المواطنين، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، في وظيفة اتحادية أو محلية، وطلبنا كذلك زيادة رواتب المتقاعدين، وسيطرح هذا الأمر في المجلس الوطني خلال الفترة المقبلة».
200 شاب رفضوا العمل
http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/07/501056.jpg
ذكر مدير هيئة تنمية المجتمع في دبي، خالد الكمدة، أن الهدف من تقديم المساعدات الاجتماعية لبعض الحالات من المواطنين، ليس دفعهم إلى تبني سلوك اتكالي، والاعتماد على الجهات الحكومية في دخلهم المالي كاملاً، إنما تقديم الدعم للمستحقين، إلا أن البعض يتعامل مع الأمر بشكل خاطئ، إذ يرفض الفرص التي تتاح له للتحول إلى عنصر عامل وفعّال.
وأشار إلى أن الهيئة قررت، أخيراً، وقف الإعانات المالية بأشكالها كافة لنحو 200 حالة من المسجلين لديها، وجميعهم من فئة الشباب، لتأكدها من رفضهم فرص العمل التي توفرها لهم بالتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة المختلفة، مفضلين الاعتماد على المساعدات الاجتماعية المقدمة لهم.
وقال إن الغرض من المساعدة الاجتماعية هو إعانة فئة أو حالة بعينها، حتى يتم توفير مصدر بديل للدخل، لكن بعض المستحقين يفضلون البقاء ضمن المشمولين بالمساعدة، ويتقاعسون عن العمل، على الرغم من توافر وظائف في القطاع الخاص برواتب ضعف قيمة المساعدة، إضافة إلى ما توفره الجهات المانحة من دعم لمشروعات الأسر المنتجة وتسويق مجاني لأعمالها.
متلقو إعانات: ضعف الراتب وبُعد العمل عن السكن أبرز أسباب رفض الوظائف
عزا عدد من متلقي المساعدات الاجتماعية، رفضهم الفرص الوظيفية، إلى أسباب عدة، معظمها ضعف الراتب الشهري، يليه بُعد مكان العمل عن منطقة سكنهم، خصوصاً للفتيات.
وقال المواطن (ح.م)، أحد متلقي المساعدات الاجتماعية، إن معظم الفرص الوظيفية التي تعرض عليه يقل راتبها الشهري عن 10 آلاف درهم، في وقت يحمل فيه شهادة الثانوية العامة، وأغلب أقرانه يعملون في وظائف يزيد راتبها الشهري على 12 ألف درهم، موضحاً أنه لا يرفض العمل، لكنه ينتظر حتى تعرض عليه الفرصة المناسبة، التي تتساوى مع أقرانه، فقبول أي فرصة حالياً ربما يهدر فرص أفضل ستأتي مستقبلاً.
من جهته، أكد المواطن (أ.ع)، أن «أغلب ما توفره الجهات المختصة من وظائف في القطاع الخاص، لا يتناسب فيه الراتب الشهري مع حجم المسؤوليات والمهام الوظيفية التي سيؤديها، مقارنة مع ما هو موجود في القطاع الحكومي، فمن غير المنطقي أن يعمل أكثر من ثماني ساعات، وبمجهود بدني وعقلي كبيرين، مقابل راتب 8000 أو 9000 درهم، فيما يمكنه الحصول على مرتب أعلى، إذ توافرت الفرصة في القطاع الحكومي».
وعزت المواطنة (ش.م)، إحدى متلقيات المساعدة الاجتماعية، رفضها عدداً من الوظائف التي توافرت لها عبر الوزارة إلى بُعد مكان العمل عن مقر سكنها، فستضطر يومياً إلى القيادة من سكنها في إحدى المناطق الشمالية إلى دبي، ذهاباً وإياباً، ما يحملها مجهوداً أكبر وأعلى بكثير من قيمة الراتب الذي ستحصل عليه، والذي لا يتجاوز 8000 درهم، موضحة أنها مستعدة للعمل، لكن في وظيفة قريبة من سكنها، وبراتب شهري مناسب يعوضها عن الخروج من قائمة المساعدات الاجتماعية.
المصدر: الإمارات اليوم