«موضة» جديدة تجتاح الأسر والأفراد في السعودية؛ تغيير الأسماء بحجة أنها قديمة، وأنه لا بد من «مواكبة العصر». ووصلت هذه «الموضة» إلى مرحلة متقدمة تداني الظاهرة، لتفشيها بين النساء أكثر من الرجال. ويتم تغيير الاسم للنساء قبل الزواج أو بعد التخرج. وفي الجانب الآخر، بدأ الشبان تغيير أسمائهم من «عادية» – بحسب رأيهم – إلى «جميلة» من وجهة نظرهم، في حين أن الاسم الجديد ربما يكون أقل جمالاً من القديم! وبعد أن كان الاسم يقع ضمن قائمة الأمور «غير الاختيارية» للشخص، لم تعد هذه القاعدة سارية أمام رغبات التغيير التي انصاع لها معظم الشبان في المجتمع السعودي المعاصر. إذ علل «فارس» (27 عاماً) – كان اسمه «سالم» سابقاً – التغيير الذي أيّده بعضهم ورفضه آخرون على مستوى العائلة، وخصوصاً الوالدين اللذين اختارا اسمه الأول، بأن التغيير مقبول لاحقاً، على رغم أنه احتاج إلى وقت طويل كي يعتاد عليه الناس من حوله.
وفي المقابل تذكر «هديل» (22 عاماً) – فاطمة سابقاً – أحد الأسباب المهمة من وجهة نظرها التي دفعتها لتغيير اسمها، وهو «التطور والتقدم»، متخذة من «هديل» اسماً لها في مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن تلجأ إلى تغييره بشكل رسمي لدى «الأحوال المدنية». وعلى رغم أن «إيثار» ذات الـ31 عاماً التي تحمل اسماً يصنف باعتباره حديثاً وجميلاً على حد قول والدتها، فإن هذه المميزات لم تشفع له بالنجاة من التغيير، إذ قررت بعد مشاورة بعض الصديقات المقربات تغييره إلى «ماريا» الذي لم تتقبله أسرتها كعادة غالبية الأسر في البداية، لكنه أصبح اسمها المعتمد رسمياً. بيد أن «نايفة» واجهت مشكلة في تغيير اسمها «نوف»، لعدم توافر ولي أمر حاضر، إذ إن طلب التغيير يتطلب أن يقدمه ولي الأمر إلى مدير «الأحوال المدنية» التابعة للمنطقة، مصحوباً بصورة الهوية والطلب، ومن ثم يحال الطلب إلى المركز الرئيس في الرياض، ويستغرق الأمر من أربعة أشهر إلى ستة، وبعد الموافقة يتم إعلان التغيير في الصحف، ومنها يسلّم الإقرار الذي يتم بعده اعتماد الاسم الجديد.
ورأى مستشار العلاقات الأسرية وتطوير الذات الدكتور سامي الأنصاري أن الاسم ليس مجرد وسيلة «تسمية»، وإنما هو هدية رمزية يحمل دلالات سيكيولوجية عميقة، تعكس القيمة أو الدلالة التي منحت لهذا الشخص، بالنسبة إلى من تكفلوا باختيار هذا الاسم له، وبناء على ذلك، فإن الاسم الذي يُمنح للطفل قد يعكس الظروف العامة التي وُلِد فيها الطفل.
وقال الأنصاري لـ«الحياة»: «من الضروري الانتباه إلى أن الاسم هو أول هدية نمنحها للطفل، وبالتالي فكلما تعلق الأمر باسم جميل، أسهم في بلورة صورة إيجابية عن ذاته، فيدرك أنه كان مرغوباً فيه، وتم التفكير والاهتمام به قبل وجوده. وفي حال العكس، أي عندما يُمنح الشخص اسماً غير مقبول اجتماعياً، إما بسبب سوء اختيار من طرف الآباء، وإما بسبب صراعات أدت إلى إلصاق ألقاب معينة بأفراد أو جماعات، فإن الاسم غالباً ما يتحول في مثل هذه الظروف إلى ما يسميه علماء النفس «دراما وجودية» أو «حميمية»، لما يثيره في نفسية الشخص من مشاعر سلبية».
واعتبر أن «ما نراه هذه الأيام من تغيير بعض الشباب أسماءهم من باب الموضة، هو نقص في الشخصية، يحاول من خلاله الشخص أن يكمل فراغاً كبيراً في داخله». وأشار الأنصاري إلى أن هناك من يفكر في لفت الانتباه من خلال قيامه بتغيير اسمه، على رغم أن اسمه لا خلل فيه، بل قد يكون من الأسماء الجميلة، إلا أن كل هذا يعود إلى الاستقرار النفسي للشخص، ومدى شعوره بالسلام الداخلي والتصالح مع ذاته.
المصدر: جدة – عائشة جعفري – الحياة