كاتب إماراتي
«شعوب لن تتخلص من عقدة (الهيازه)»! فمرة تسمع اتصالاً يستفتي فيه المستفتي (بكسرة تحت التاء الثانية) بجواز صلاة الظهر في منزله إذا بلغت الحرارة أكثر من 50 درجة، وتارة تسمعه وهو يستجدي المستفتى (بفتحة على التاء الثانية)، أن يعطيه فتوى تسمح له بالبقاء في المنزل إذا كان صوت الأذان لا يصله (من دون استخدام الميكروفون). وفي اتصال ثالث يطلب الرأي في جواز صلاته في المنزل بجوار جدته العجوز لكي لا يفوتها أجر الجماعة.. ودواليك.
المشكلة هي أن جميع أهل الفريج يحفظون صوت المتصل ويعرفونه تماماً، ولكن قوانين البث المباشر لا تسمح بدخول طرف ثالث يقول بملء صوته: كذاااب، خرااااط، إن منزله لا يبعد عن المسجد أكثر من 50 متراً، وجدته لم تلحق على «طاش ما طاش» في جزئه الأول.. وكل ما في الأمر أن «ستايله» الرمضاني يفرض عليه المداومة في الخيم الرمضانية والاكتفاء بعبادات القلوب صباحاً، مثل: التفكر والتأمل، وربما قليل من الاستغفار عما حدث في الخيمة يوم أمس!
ولذلك فقد كان قلقنا كبيراً عندما غاب عن صلاة الظهر لليوم الرابع على التوالي ونحن نعلم أنه لم يحصل على الفتوى بعد.. كعادة البروتوكول في الفريج.. يخرج ثلاثة رجال لزيارة الغائب في منزله والاطمئنان عليه.. هذه المرة لم يكن يكذب، كانت الحروق واضحة على يديه وفي مناطق أخرى أصر على إخفائها عنا.
كل ما في الأمر أن جارنا المغلوب على أمره قد قرر التوبة وفكر في الخروج لصلاة الظهر باكراً والوضوء في مرافق المسجد هذه المرة.. ولمن جرب الوضوء ظهراً في مساجدنا أن يمدكم بالتفاصيل في تجربته الخاصة! ففي الغالب الحروق تراوح بين الدرجة الثالثة والثانية!
كلما مررت بجوار مرافق لأحد المساجد ظهراً أسمع تلك الأصوات (أح.. أخ.. أي.. لا) حتى أنك تتخيل وجود مركز لمحاكم التفتيش سيئة الصيت الخاصة بالتعذيب فيها.. قبل أن تصدر أنت نفسك الأصوات ذاتها أثناء وضوئك.. فدرجات الحرارة التي نتميز بها (كدرجاتنا في الدراسة) تنعكس على المياه المتدفقه لأيدي المصلين.. فهل من مخترع يطوع الطاقة الشمسية لتبريدها، وله الأجر في هذه الأيام الفضيلة؟!
المصدر: الإمارات اليوم