محمد عبد السميع (الشارقة):
بشرى المجيء قبل ميعاد الربيع معناها حفاوة كبيرة بشخصيّة الممدوح، حيث الصورة الرائعة والجميلة في حضور القائد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، فهو ربيع البلاد وعزُّها، بما يحمله الربيع من أزهار وخضرة يانعة وازدهار، ولذلك يبدع صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في قصيدته الجميلة ورائعته الشعرية الجديدة «ميلادْ نورْ الوطَن»، التي ضمّنها أحاسيسه وفرحته الدائمة بشخصيّة «بو خالد» الذي انتشت به الأرض والدنيا ودولة الإمارات العربية المتحدة، حين وافى كلّ الأمنيات وعطّر البلاد بعاطر أريج حضوره، فهو فرح والده القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فقد أخذ عنه خصاله، وكان امتداداً له، فكان وبحق يشعّ نوره، ويسطع على الجميع وعلى الدار، دار الإمارات البهيّة بهذا النور والعبق وأصالة المجد والتاريخ والحضارة.
حبّه في القلوب
وقد حملت القصيدة التي جاءت مع استهلال الشهر الفضيل، دفقات قلب صادقة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إذ حملت النور والبهاء واللون الجميل الدالّ على النضارة، بل إنّ المقارنة بين الشمس والشموع كانت بمنظار الضياء الكبير الذي يغطّي على كلّ ضياء، فكانت الشمس بمساحتها الكبيرة وسطوعها القويّ ومقدار ما تنيره من مساحات لتعلو على الشموع، كمقارنة لبيان الحضور الكبير، فحقّ للشعب أن يحتفي بالقائد، وبقيادته الحكيمة. ولا شك في أنّ حبّ هذا القائد الهمام حلّ وسكن في الضمائر والضلوع، دليلاً على العمق والتأثير ومقدار ما يكنّه الشعب لقائد البلاد، حيث يسكن حبّه في القلوب والنفوس.
وبالمقابل، تأتي صورة «العدوان» الذي سرعان ما يخضع لـ «بوخالد»، لشدّته في الحقّ وقوّته وهيبته، فهو رئيس الدولة وهو صاحب القَدْر الرفيع والمنزلة الكبيرة في بلده وعند الآخرين، وقد بنى النهضة الكبيرة، وسرّع بتحقيق الإنجازات للوطن وأبناء الوطن في كل المجالات، وأعلى البناء والبنيان، كبنيان متين، ليس له مثيل في علوّه وسرعة إنجازه، ليكون البيت الأخير من القصيدة مباركة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وتجديد من سموه للمبايعة: «سير ببلادك وشعبك لك تبيع»، حيث يصطفّ الجميع حوله، فيما قائد البلاد ماضٍ في صعوده وتحقيق المجد والإنجازات حتى يبلغ الثريا، دليلاً على الرفعة والوصول إلى أعلى المؤشرات في النهضة والإعمار والبنيان.
ميلاد القائد بشرى بالعطاء
إن هذه القصيدة الجميلة التي حملت في اسمها ثلاثة عناصر اجتمعت معاً لتؤكّد الإعجاب بالممدوح، وهي عناصر: الميلاد، بما في الميلاد من فرحة وبشرى وإيذان بعهد جميل يفرح له كلّ المحبين والمباركين والمهنئين، وتفرح له الدولة بكلّ أرجائها وربوعها. والعنصر الثاني هو النور، والنور في الدلالة النفسيّة والإنسانيّة هو نقيض الظلام، وهو انكشاف الفضاء بكلّ ما فيه، فكان التشبيه في هذه الإنارة التي غطّت الأرض وامتدّت لتكشف الظلام كله، وتبدّد العتمة كلها. والمقصود أنّ ميلاد القائد كان بشرى بالعطاء وقوّة البصيرة والتطلعات الرائدة في هذه الحياة، فلا يجاريه في نوره وامتداد ضيائه أحد.
أمّا العنصر الثالث من عناصر تسمية القصيدة أو عنوانها، فهو عنصر الوطن، والوطن هو محطّ الآمال وهو الجغرافيا الواسعة الممتدة والحاضنة لكلّ هذا النور والبناء، وهو الذي اتسعت فيه الفرحة بقدوم عهد رائع في الدولة التي تسير من أعلى إلى أعلى على وتيرة ملهمة من السرعة في الإنجاز والبناء، فكلّ الخير هو للوطن، بدليل أنّ «ميلاد» كلفظة أضيفت إلى نور، ونور أضيفت أخيراً إلى الوطن، فكان انعكاس ذلك في رفعة الإمارات وعلوّ شأنها وزيادة عطائها، في يومٍ رائع ينتظره الجميع.
معاني الفرح والبهاء
لقد حرّك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بهذه القصيدة الجميلة والمعزوفة الشعرية العذبة على أنغام المجد، معاني الفرح والبهاء، وجعل قافية القصيدة المبنية على حرفي العين، في الشطر والعجز من القصيدة، قافيةً رائعة في رنينها وصوتها الذي يتخلله المجد والعنفوان والكبرياء.
كما كان لبديع الشعر في بنائه رونقٌ خاص عند صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بما عرف عنه من قوّة المفاجأة وتطويع الألفاظ، حين جاءت قافية الشطر بحرف العين المسبوق بحرف الياء: (الربيع، جميع، بديع، يطيع، رفيع، سريع، تبيع)، وجاءت قافية العجز أو آخر القصيدة بحرف العين المسبوق بالواو: (الربوع، سطوع، شموع، الضلوع، خضوع، نزوع، الطلوع)، وكلّ ذلك من التجاور الجميل والرائع للحروف في صوت قويّ يبعث على الاعتزاز والافتخار وإعلاء بيارق النصر عبر هذه الأبيات الحافلة بالقوّة والعهد الصادق والمجد الأثيل.
كما جاءت مفردات السطوع، والشموع، والشمس، كلّها كمفردات تنتمي إلى النُّور، هذا الأفق الجميل في ضيائه الذي يلهم الآخرين، ويكون قدوةً لهم في الرؤية والثقة بالقادم وآفاق المراحل التي تصل إليها دولة الإمارات العربية المتحدة.
رمز المجد والعلياء
أمّا مفردات العلوّ والارتفاع في القصيدة، فقد عبّرت عنها ألفاظ غاية في الرونق، فالشمس علاوةً على أنّها مصدرٌ للنُّور والإبصار، إلا أنّها أيضاً مرتفعة في شأوها وهي مضرب الأمثال في ما تحمله من ضوء وإنارة، وذلك مفيد في حالة المقارنة والمفاضلة، كأسلوب اعتمده صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في مدح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. وإضافةً إلى علوّ الشمس ومكانتها البعيدة التي لا يصل إليها أيّ إنسان في صفاتها وقوّة ضوئها، فإنّ «الثريّا» أيضاً كانت مقياساً لهذا العلوّ والارتفاع، حيث إن الثريا هي مصدر للضياء والبعد أو الارتفاع أيضاً، والدليل ما قلنا في القصيد إنّ الدولة بهمّة القائد وطموحه قد وصلت إلى الأعالي، والأعالي في القصيدة كانت بمقياس الثريّا، هذا النجم العالي في كبد السماء، الذي هو مصدر طموح وسطوع ومحلّ تمنيات لكلّ الطامحين إلى المجد والعلياء، ولاسيّما أن قائد البلاد قد وصل إلى هذه المرتبة قبل الجميع، فحقّ لنا أن نفتخر به وبإنجازه وعلوّ مكانته على الدوام.
المصدر: الاتحاد