عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية
أي مستقبل ينتظر الاتحاد الخليجي؟ وما العوائق الحقيقية أمام تعجيل أو تحقيق ذلك؟ كان عنوان ندوة سياسية هامة استضافتها الخميس الماضي القاهرة -رغم انشغالها بتشكيل حكومة جديدة- بمشاركة باحثين وسياسيين ومفكرين ومسئولين تنفيذيين خليجيين ومصريين، جلسة حول الآفاق المستقبلية للاتحاد الخليجي، كانت الأوراق المشاركة غاية في الأهمية والوضوح، لكن أيضا لا يمكن التقليل من أهمية المداخلات والأسئلة والحوارات الجانبية، بل ويمكن القول إنه ومن خلال أحاديث الأكاديميين غير الرسمية، تكشفت أمور كثيرة لا يمكن للسياسيين أو الدبلوماسيين مناقشتها بوضوح وبشفافية.
هذا المقال مخصص للجلسة الأولى السياسية وهي بعنوان: الاتحاد الخليجي: الأبعاد والدوافع السياسية، وقد أكد رئيس الجلسة د . علي الدين هلال أن التكامل الاقليمي ليس بجديد فقد نفذته دول أوروبا قبل ذلك، ولكن هناك شرطا أساسيا لحدوث هذا التكامل وهو الموافقة أولا على قيام كيان موحد ومكون من عدة دول بالتصرف في أمورها بالنيابة، وهو ما يحدث لاي دول ترتضي الدخول في «اتحاد».
د .عبدالخالق عبدالله قال: إن مجلس التعاون الآن أكثر حضورا وتأثيرا في الشأن العربي والمصري أكثر مما مضى، وتحدث عن دوافع الدعوة لانشاء الاتحاد الخليجي في قمة الرياض في ديسمبر 2011، فذكر أن أولها هو الدافع الآني، وهو ناتج عن تداعيات ثورات الربيع العربي، وهذا تعين مواجهته من خلال الاعلان عن الاتحاد الخليجي، أما الدافع الاستراتيجي فيرتبط أساسا بتنامي إيران والتمدد في المنطقة، وقد شعرت دول الخليج بالقلق من أن طهران قد تستغل حالة عدم الوضوح وحالة السيولة الاستراتيجية للقيام بالتمدد في النظام الاقليمي العربي المنهك أساسا في أطرافه وجوانبه العديدة. وفيما يتعلق بالدافع المستقبلي قال: إن السعودية وبعد ثلاثة وثلاثين عاما من انطلاق منظومة مجلس التعاون الخليجي، استشعرت أن الوقت حان للانتقال إلى منطقة أرقى من التنسيق والتعاون والتكامل بما يخدم جميع الأطراف، معربا عن اعتقاده بأن هذا التفكير كان واردا باستمرار.
د عبدالله الشايجي ذكر أن الاتحاد الخليجي أصبح حلما مِؤجلا نظرا لخوف بعض دول الخليج من التنازل عن سيادتها وعدم اقتناعها الكامل بفكرة الأمن المشترك، كما أنه لا يمكن إنكار وجود مشاكل بين دول مجلس التعاون بسبب تدهور علاقات بعض دول المجلس بباقي الدول العربية والاقليمية كتوتر العلاقات بين مصر وقطر في الفترة الأخيرة، وكذلك العلاقات السعودية مع تركيا، وكلها عوامل تقف حاجزا أمام تحقيق حلم «الاتحاد الخليجي» بالرغم من الحاجة الماسة إليه بسبب الفراغ الاستراتيجي والتقارب الأمريكي مع طهران وانكفاء الولايات المتحدة عن المنطقة، فضلا عن الخطر الايراني الذي يتهددها. ولعل الأهم في حديث د.الشايجي أنه «لا يوجد اتفاق خليجي على تعريف مصدر الخطر».
د .حسن أبو طالب المعقب على الجلسة قال: إن هدف الندوة المحوري يتجسد في العمل على تفكيك العقبات التي تحول دون تنفيذ الحلم الخليجي الذي لن يتحقق الا من خلال دراسة عميقة حول تجربة واخطاء مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس عام 1981م، مشددا على وجود ثلاث دول يجب أن يركز مشروع الاتحاد الخليجي عليها وهي، مصر نظرا لارتباط أمن الخليج بها، والعراق لتأثيره القوي على دول المجلس، واليمن ذات الوضع الخاص والحرج في المرحلة الراهنة، ويختتم متسائلاً: إلى أي مدى يمكن أن يكون هذا الاتحاد المرتقب قيمة مضافة إلى النظام الاقليمي العربي، متمنيا سرعة تحقيقه وليس تأجيله سواء عشر سنوات أو أكثر؟
خلاصة الندوة والأحاديث الجانبية غير الرسمية، أنه يمكن القول إن البحرين تدعم الاتحاد بقوة ودون شروط، وبالنسبة لسلطنة عمان فلا يوجد لديها أي حماس، أما بالنسبة للموقف الاماراتي فهو حذر ومراقب رغم تأكيد د.عبدالخالق عبدالله أن الامارات أكثر دولة خليجية عاشت وجربت واستفادت من التجربة الاتحادية، وبالتالي هي لن تعارض اتحادا خليجيا ناضجا ! ،فيما يبدو الموقف الكويتي مجاملا فيما غاب الموقف القطري بسبب الغياب عن المؤتمر والعذر الظاهر هو توتر العلاقات القطرية المصرية.
واخيرا، فهناك إتفاق من المشاركين على أنه يجب على الخليجيين الجلوس أكثر وأكثر مع بعض والحديث بكل صراحة قبل الاتحاد.
المصدر: اليوم السعودية