وجه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، جرياً على عادته السنوية، بتوجيه الاحتفالات الخاصة بيوم توليه مقاليد الحكم في دبي، لإطلاق مبادرات تركز على عمل الخير، وأطلق سموّه أمس أيضا بهذه المناسبة «بنك الإمارات للطعام» الذي سيشكل منظومة إنسانية متكاملة لترسيخ قيمة الإطعام، تضم قطاع الفنادق والمصانع الغذائية والمزارع ومؤسسات الضيافة ومحال «السوبرماركت»، والمتطوعين. حيث سيتعامل البنك بشكل احترافي مع فائض الطعام الطازج والمعلب، بإشراف الجهات المعنية المختصة وتوزيعه داخل الدولة وخارجها، بالتعاون مع شبكة من المؤسسات الإنسانية والخيرية المحلية والدولية.
وقال صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، أثناء إطلاقه البنك: «عام الخير فرصة ذهبية لإطلاق إمكانات إنسانية وإبداعات خيرية لشعب الإمارات ومؤسساته كافة. وأحببنا أن نبدأ عام الخير بمبادرة تتعلق بأهم احتياجات الإنسان، وهو الطعام، وتعميق خصلة من أهم خصال شعبنا وهو الكرم».
وأضاف سموّه «إن شعب الإمارات من أكرم الشعوب، وسنحاول من خلال البنك، وضع هذه القيمة العظيمة، ضمن إطار مؤسسي مستدام؛ إن إطعام الطعام من شيم الكرام، ومن قيم أبناء الإمارات، ومن إرث زايد الخير».
وقال سموّه «عام خير وبركة يظلنا في دولة الإمارات، وفيض خير الإمارات نريده أن يصل إلى كل مكان، عبر مبادرات مبتكرة ومؤسسات إنسانية مختلفة». مضيفاً «نسعى اليوم، من خلال هذه المؤسسة الجديدة، أن نشرك أكبر قدر من مؤسسات المجتمع، ومن متطوعيه، في منظومة خير ومنظومة عطاء جديدة على خطى زايد الخير طيب الله ثراه».
وقال «نعم الله علينا عظيمة، والتعامل بحكمة مع نعمة الطعام مظهر تحضر، وعلامة رقي، ودليل وعي، ونسعى من خلال البنك، إلى ترسيخ هذا المظهر في أجيالنا الجديدة، عبر إتاحة الفرصة للجميع ليكونوا جزءاً من حراك خيري وإنساني دائم تعيشه دولة الإمارات، حراك إنساني بدأه مؤسس هذه الدولة، طيّب الله ثراه، ونسعى للوصول به إلى مستويات جديدة كما أراد زايد الخير وكما غرس في شعبه».
ويكتسب إطلاق «البنك» الذي سيندرج تحت مظلة مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، أهمية خاصة، كونها مبادرة لها بعد محلي وإقليمي، وقيمة إنسانية واجتماعية واقتصادية وحضارية، تسعى إلى ترجمة محاور عام الخير في الإمارات، بترسيخ ثقافة العطاء والمسؤولية الاجتماعية والعمل التطوعي، فضلاً عن تحقيق معايير الاستدامة الدولية، وإرساء قيم الالتزام والمسؤولية المجتمعية، فردياً ومؤسسياً.
كما يهدف إلى ترسيخ ثقافة الخير والعطاء في المجتمع الإماراتي، من خلال إشراك كل فئات المجتمع في برامج البنك وحملاته ومبادراته، وكذلك تعزيز العمل التطوعي، عبر تشجيع الناس على الانخراط في برامج البنك، بجمع فائض الطعام من الجهات المعنية وتوزيعه على المحتاجين والجهات المستحقة.
كذلك، يهدف إلى تفعيل المسؤولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات، وتحديداً الفنادق والمطاعم وقطاع إنتاج الأغذية وتصنيعها ومتعهدي الأطعمة ومحال السوبرماركت، وكل الجهات المعنية بقطاع الضيافة في الدولة، من خلال توفير «رأس مال» البنك الرئيسي، أي الطعام، وتغذية رصيده بفائض الأطعمة، على نحو يعزز كفاءته ويوسع دائرة نشاطه، ويزيد حجم الشرائح المستفيدة منه، داخل الدولة وخارجها، إلى جانب تعاون هذه المؤسسات مع برامجه ومبادراته، وتطوير مبادرات خاصة بها، ضمن إطار مسؤوليتها المجتمعية، للإسهام في ترجمة رؤية البنك، في عدم وجود نفايات أطعمة.
وفي الجانب الاقتصادي، تشمل أهدافه الحدّ من كلفة الطعام الذي يتخلّص منه سنوياً وتقدر تكلفته ب 13 مليار درهم. كما سيسعى إلى تعزيز اقتصاد «إعادة التدوير»، وتفعيل الأنشطة التجارية والصناعية الخاصة به على نحو يكرّس مفهوم الاستدامة.
آلية عمل البنك
يعمل البنك، عبر محاور عدة، ضمن آلية تنسيقية متكاملة، تعتمد تعاون عدد من الشركاء، لضمان أقصى درجات الكفاءة، حيث ستعقد اتفاقات وشراكات مع الجهات المعنية بقطاع الضيافة وصناعة الأغذية وإنتاجها وبيعها، والمزارع وغيرها، وكذلك مع جهات توزيع الأطعمة من جمعيات إنسانية ومؤسسات النفع العام داخل الدولة وخارجها، ضمن منظومة احترافية وتحت رقابة الجهات المعنية المختصة بسلامة الأغذية.
وسوف يبدأ البنك عملياته، في مرحلة الإطلاق الأولى، في دبي ووفق الخطة الاستراتيجية المعتمدة، فسوف تدشّن فروع ومراكز أخرى للبنك داخل الدولة وخارجها، وتحديداً في الدول والتجمعات الأقل حظاً، ضمن رسالة دولة الإمارات في توسيع خريطة نشاطها الخيري والإغاثي والإنساني في العالم.
وستدعم بلدية دبي، العمليات التشغيلية للبنك، وتشرف عليها، عبر متابعة جمع الطعام وضمان حفظه وتخزينه في شبكة من المواقع المبردة التي ستوفّر في مواقع عدة في دبي، ضمن معايير السلامة والصحة الغذائية المتّبعة، كما سيُدرّب المتطوعون على آليات حفظ الأطعمة وتعليبها، وفق الضوابط والشروط المحددة، وتوفير دليل إرشادي للمؤسسات المعنية بقطاع الضيافة وصناعة الأغذية، عن معايير الصحة والسلامة الغذائية.
وينطلق البنك من رؤية تسعى إلى ترسيخ عادات وممارسات مجتمعية لتقنين الاستهلاك وتقليل الفائض من الطعام، وتقليص كميات نفايات الطعام تدريجياً، سواء من خلال إعادة توزيع الأطعمة الصالحة للاستهلاك، أو من خلال تدوير بقايا الأطعمة غير الصالحة للاستهلاك في صناعات مفيدة كالأسمدة والكيماويات والأدوية وغيرها، لتصبح دبي أول مدينة في المنطقة تسجل فيها نفايات الطعام «صفراً».
المصدر: الخليج