أعلنت إسرائيل اعتقال ستة متطرفين يهود تشتبه في تورطهم في جريمة خطف الفتى المقدسي محمد أبو خضير وحرقه حياً، في وقت خفضت التصعيد مع قطاع غزة بانتظار ما ستسفر عنه الوساطة المصرية للتهدئة مع حركة «حماس»، وركزت اهتمامها على الاضطرابات التي تشهدها البلدات العربية في الداخل والقدس المحتلة، وسط قلق شديد من احتمال ان تشعل هذه الاحتجاجات شرارة انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية. في موازاة ذلك، طالب الرئيس محمود عباس بتحقيق وحماية دوليين، ملمحاً إلى إمكان التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية.
ومساء أمس، لقي شابان قيل إنهما فلسطينيان من الضفة، مصرعهما في حادث طرق قرب مدينة شفاعمرو. وطبقاً لمواقع إخبارية عربية، فإنهما قتلا في صدام مع سيارة قادها مستوطن، ما رجح أن الحادث وقع عمداً. لكن وسائل الإعلام العبرية التي تنشر عادة اخبار حوادث السير فور حدوثها، لم تنشر خبر هذا الحادث، باستثناء الموقع الالكتروني لصحيفة «يديعوت احرونوت» الذي عاد وسحب الخبر بعد دقائق من نشره.
وفي إطار التحقيقات في قتل أبو خضير، أعلن مسؤول إسرائيلي أن الشرطة اعتقلت «متطرفين يهوداً»، فيما ذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة «هآرتس» أنه تم اعتقال ستة أشخاص. ونقلت وكالة «سما» الفلسطينية للأنباء عن مصادر إسرائيلية أن المعتقلين هم حاخام واثنان من أبنائه، وثلاثة آخرون.
وأفادت القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي بأن اليهود الستة الذين خطفوا ابو خضير من مستوطنة في القدس ومن بلدة «بيت شيمش» قرب القدس، وأن احدهم أقر بجريمة أصدقائه، وقال انه تم ضرب محمد بقساوة وحرقه وهو حي. واضافت ان ثلاثة من الستة حاولوا قبل يوم خطف طفل ابن تسع سنوات. ونقلت عن جهاز الامن الداخلي (شاباك) قوله ان الحديث ليس عن خلية ارهابية سرية، انما مجموعة متطرفين، وانه تم العثور على السيارة التي استعملوها وهي ملك لأحدهم.
وكان أبو خضير (16 سنة) اختطف فجر الأربعاء من أمام منزله في حي شعفاط شمال القدس قبل أن يُعثر عليه جثة محترقة، ما أدى إلى مواجهات عنيفة في القدس لأربعة أيام متتالية ما لبثت ان امتدت إلى مدن وبلدات عربية داخل إسرائيل. وقال النائب العام الفلسطيني إن تشريحاً تم بحضور أخصائي فلسطيني، أظهر وجود رماد على رئتي الفتى، ما يشير إلى أنه كان حياً عندما أضرمت فيه النيران.
وفي ضوء امتداد الاحتجاجات الشعبية الغاضبة إلى المدن العربية في الجليل وتزايد الاحتقان بين العرب واليهود، سعى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الى خفض التوتر مع غزة، داعياً حكومته إلى ضبط النفس، في وقت بدا أن الوزراء منقسمون بين اليمين الذي يدعو الى التعامل بيد من حديد مع إطلاق الصواريخ من غزة، وبين الوسط واليسار الذي يدعو الى التهدئة.
وقال مصدر أمني كبير إن جل نشاط المؤسسة الأمنية ينحصر الآن في احتواء احتجاجات العرب في الداخل خلال أيام لخشيتها من ان يتدحرج جمرُها في القدس إلى المدن الكبيرة في الضفة حيث نفوذ إسرائيل للسيطرة عليها أقل بكثير عنه في المدن العربية في إسرائيل».
في هذه الأثناء، زار رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله خيمة عزاء محمد أبو خضير في مخيم شعفاط في القدس المحتلة حيث التقى ابن عم الشهيد، المواطن الأميركي من أصل فلسطيني طارق أبو خضير (15 سنة) الذي تعرض إلى الضرب المبرح على يد الشرطة الإسرائيلية خلال تظاهرة الخميس في القدس، وأخلت محكمة إسرائيلية امس سبيله وفرضت عليه الإقامة الجبرية 9 أيام، علماً ان الولايات المتحدة طالبت بفتح تحقيق في الحادث.
في غضون ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي لوكالة «فرانس برس» أمس أنه اعتقل فلسطينياً في الخليل جنوب الضفة، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إنه متورط في خطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم، لكن الجيش رفض الإفصاح عن هويته. غير ان «حماس» قالت ان اعتقال الشاب حسام دوفش «فبركات إعلامية تهدف الى إعادة تسليط الأضواء على قصة المستوطنين الثلاثة لإشغال الرأي العالمي عن جريمة إحراق أبو خضير وغيرها»، مضيفة ان دوفش لم يكن مختبئاً كما تدعي اسرائيل، بل اعتقل في منزله.
الحمد الله في خيمة عزاء محمد أبو خضير في مخيم شعفاط في القدس المحتلة.
المصدر: رويترز