نصائح للتغلب على ارهاق السفر بعد الرحلات الطويلة

منوعات

النوم الجيد قبل السفر يساعد على تفادي الارهاق الذي يرافق الرحلات الطويلة

بعد السفر في رحلات جوية طويلة يشعر المسافر بالتعب والارهاق وعدم القدرة على التركيز لعدة ايام قبل ان يستعيد توازنه مرة اخرى. ويعتقد المسافر ان السبب هو عدم قدرته على النوم في الطائرة، ولكن السبب الحقيقي هو ارهاق السفر الطويل والمصطلح على تسميته «جيت لاغ» (Jet Lag) وتعريفه هو حدوث «خلل مؤقت في الساعة البيولوجية للجسم بسبب فروق التوقيت». ويرتبط اسم هذه الحالة بالطائرات النفاثة لان الحالة لم تكن معروفة قبل عصر الطيران النفاث حيث تنقل هذه الطائرات المسافرين بسرعة بين مناطق التوقيت شرقا وغربا. ولا تقتصر هذه الاعراض على المسافرين جوا وحدهم بل تشمل ايضا طواقم قيادة الطائرة وطواقم الخدمة عليها خصوصا في رحلات الطيران الطويلة المتكررة.

ويشرح البروفيسور ادريان ويليامز من كلية كنغز كوليدج في لندن الظاهرة بأنها تنتشر بين المسافرين في جميع الدرجات حتى الدرجة الاولى التي تتوافر فيها اسّرة مريحة للمسافرين. وهو يقول ان التعرض المفاجئ لضوء النهار في اوقات غير متوقعة للجسم تصيب الهرمونات بارتباك بحيث يختل توازن الجسم بين اوقات الراحة واوقات النشاط.

ويمكن للمسافر التأقلم بسرعة على فروق التوقيت حتى ثلاث ساعات، وايضا في الرحلات التي تتجه من الشمال الى الجنوب او العكس ضمن منطقة توقيت واحدة مثل السفر من اوروبا لافريقيا. ويؤكد البروفيسور ويليامر ان من الاسهل السفر غربا الى اميركا عن العودة الى اوروبا او الشرق الاوسط لان من الاسهل لتوقيت الجسم ان يؤخر الشعور بالنعاس بدلا من أن يقدمه، او بمعنى اخر اطالة النهار بدلا من تقصيره.

وتشير العديد من الدراسات الى ان الجسم يحتاج الى يوم اضافي لكل ساعة في فرق التوقيت لكي يتأقلم تماما على التوقيت الجديد خصوصا عند السفر شرقا، وفترة اقل من ذلك عند السفر غربا. ولكن من الممكن تخفيف اثار فارق التوقيت بعدة وسائل وفقا لنمط السفر وطول المسافة. ومن احدث الوسائل التي تنصح بها العيادات الخاصة في لندن التحضير للرحلة قبل القيام بها بعدة ايام، بحيث يكون التغيير تدريجيا وليس مفاجئا للجسم. وعند السفر شرقا الى اليابان مثلا يمكن ترويض الجسم على النوم مبكرا والنهوض مبكرا بمقدار ساعة لعدة ايام قبل السفر. ويمكن زيادة هذه الفترة بحوالي الساعة الاضافية يوميا حتى يوم السفر. اما السفر غربا فيتطلب الذهاب الى النوم بعد الموعد الطبيعي بساعة والنهوض المتأخر بساعة، وزيادة الفترة يوميا حتى يوم السفر.

بالاضافة الى تغيير نمط النوم لا بد من شرب الكثير من الماء اثناء رحلة الطيران لان جفاف الجسم يزيد من حدة الارهاق بسبب فارق التوقيت. وباستخدام اسلوب تغيير نمط النوم تدريجيا يصل المسافر الى وجهته وهو شبه متأقلم على التوقيت الجديد. وينصح ويليامز بعدم تناول اية منبهات مثل القهوة لانها تزيد من الشعور بالارهاق في حالات فارق التوقيت.

* السفر المفاجئ

* وقد تبدو هذه الوسيلة سهلة ومنطقية لهؤلاء الذين يخططون جيدا لرحلاتهم الجوية ويمكنهم تأخير النوم او الاسراع به. ولكن الاغلبية من المسافرين تلتزم بمواعيد عمل ثابتة لا تحتمل التغيير في ساعات النوم قبل السفر. ايضا هناك العديد من المهن التي تتطلب السفر السريع، احيانا في اليوم نفسه من دون سابق انذار. فما العمل؟

يقول البروفيسور ويليامز ان المسافر الذي يجد نفسه فجأة على باب الطائرة عليه ان يضبط توقيت ساعته على زمن الوصول قبل بداية الرحلة وتغيير نمط معيشته وفقا للتوقيت الجديد. وتساهم هذه الوسيلة في تخفيف الشعور بالارهاق ولكنها ليست فعالة مثل التحضير بأيام قبل موعد السفر. وهذا يعني انه لا يجب النوم في الرحلات النهارية الى اميركا اذا كان التوقيت في بداية الرحلة بعد ضبطه يشير الى السابعة صباحا في مكان الوصول. كما ان المسافر الى هونغ كونغ عليه الخلود الى النوم في اقرب فرصة، وهذا يعني تناول الطعام في المطار واغفال وجبة الطائرة والخلود الى النوم في اقرب فرصة بعد الاقلاع. ويجب تناول اطعمة تساعد على النعاس مثل الباستا والبطاطس والنشويات، كما يمكن تناول بعض الحبوب المهدئة المتاحة في الصيدليات للمساعدة على النوم.

وبعد الوصول يجب التعرض لاكبر كمية من الضوء اثناء النهار لتحفيز الجسم على التأقلم على المناخ الجديد. كما يمكن الاسترخاء لفترة وجيزة اثناء النهار حتى على حساب قضاء بعض ساعات الليل بلا نوم، فذلك يساعد على تغيير نمط ساعة الجسم البيولوجية. وفي حالات محاولة تنشيط هرمونات النوم يجب حجب الضوء كلما كان ذلك ممكنا. ويمكن ذلك بارتداء نظارات شمسية خلال فترة الظهيرة. وتشير بعض الدراسات الى ان ممارسة الرياضة اثناء صباح يوم الوصول التالي تساعد على التأقلم، ولكن نتائج هذه الدراسات غير مؤكدة، وان كانت هذه التمرينات مفيدة في التعرض الى ضوء النهار. وهناك اضواء كهربائية تحاكي الضوء الطبيعي يمكن الاستعانة بها احيانا.

وفي نهاية المطاف يمكن ايضا استشارة بعض الاطباء حول ادوية يمكن تعاطيها لتخفيف اثار اجهاد السفر الطويل.

من الادوية التي يمكن ان تساعد في التغلب على المشكلة «ميلاتونين» و»مودافينيل». ويقول من جرب هذه الادوية انهم وصلوا الى اجتماعات عمل في منتصف النهار بعد رحلات طيران طويلة على اتم الاستعداد للعمل. ولا يعتبر دواء «ميلاتونين» منوما ولكنه محفز لهرمون النوم، اما «مودافينيل» فهو يقوم بمهمة عكسية وينشط الجسم.

* نصائح رسمية

* اما النصيحة الرسمية من خدمة الصحة البريطانية (NHS) فهي الراحة التامة قبل السفر والنوم اثناء السفر الليلي بالطائرة استعدادا لنهار اليوم التالي بعد الوصول. وتتبع النصيحة الرسمية ايضا اقتراحات الدكتور ويليامز في التأقلم على جهة الوصول قبل السفر بعدة ايام عن طريق النوم مبكرا عند السفر شرقا وتأخير النوم عند السفر غربا. واثناء السفر يتعين الاكل والنوم وفقا لتوقيت الوصول وليس الاقلاع.

وتقول الجهات الصحية البريطانية ان من الافضل قطع الرحلات الطويلة على مرحلتين والتوقف اثناء الرحلة في موقع وسيط لتخفيف اثار التعب بعد الوصول. ويجب العناية بشرب الماء اثناء السفر الجوي خصوصا وان مناخ مقصورة الركاب في الطائرة يكون جافا. ويجب ايضا تجنب الكافيين في مشروبات مثل الشاي والقهوة والكولا لانها تصيب الساعة البيولوجية بالاضطراب.

وتنصح الجهات الصحية البريطانية باستخدام الادوات المتاحة على الطائرة من اجل تحفيز النوم مثل غطاء العيون وسدادات الاذن، وتشير الى ان القيام بالتمرينات الرياضية اثناء النهار يساعد على النوم ليلا. كما تنصح ايضا بسؤال مضيفي الطائرة عن حبوب ميلاتونين للمساعدة على النوم. ولكن يجب تجنب الحبوب المنومة لانها لا تساعد الجسم على التأقلم على تغيير التوقيت.

وبعد الوصول تنصح خدمة الصحة البريطانية بضرورة الحصول على اكبر قدر من النوم وبحد ادنى مدة اربع ساعات متواصلة خلال اول ليلة وصول. ويمكن تعويض النوم اثناء النهار بفترات نوم سريعة. ويلعب توالي ضوء النهار مع الليل دورا حيويا في اعادة ضبط الساعة البيولوجية، ويساعد التعرض لاشعة الشمس اثناء النهار على الاسراع بالتأقلم على التوقيت الجديد.

وتشمل النصيحة ايضا السفريات السريعة التي يعود بعدها المسافر الى بلد الاقامة بعد يومين او ثلاثة من السفر الى وجهات بعيدة. وفي هذه الحالة يتعين البقاء على توقيت مكان الاقامة ولذلك لخفض اضطراب الساعة البيولوجية بعد العودة.

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط