داعية إسلامي من السعودية
من الأيام المشهودة ذلك اليوم الذي أهدى فيه خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ للشعب بشارته بقوله: “يسعدني أن أتحدث إليكم لأعلن عن موافقة أخي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يحفظه الله ـ ويرحمه ـ على قيام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني”. وكان الهدف من ذلك الإشهار كما أعلنه الملك عبدالله هو “أن يتطور الحوار حتى يكون أسلوبا بناء من أساليب الحياة في المملكة العربية السعودية”. وبالفعل أنشئ المركز في عاصمة البلاد بتاريخ 24/5/1424، وانطلق في مسيرة هادئة وجميلة ليحقق من خلالها أهدافه الثمانية المعلنة، من خلال أنشطة محلية ثمانية أيضا. وعلى ذات النهج الحواري بادر خادم الحرمين العالمَ كله بفكرة الحوار بين أتباع الديانات والحضارات والثقافات، التي قبلَها العقلاء في الدنيا، وطوروها إلى إنشاء مركز (الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات) في العاصمة النمساوية.
مركزنا المحلي ـ مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ـ بعد المسيرة المطمئنة أراد أن يطور مسيرته، وأن يستشرف مستقبله فجمع نخبة من المفكرين والأكاديميين والأدباء في المنطقة الشرقية، ثم في منطقة مكة المكرمة، وكان لي شرف المشاركة في حضور الجولة المناطقية الثانية من جولات البحث عن واقع ثقافة الحوار في المجتمع السعودي وسبل تطويره، وفعالية اللقاءات الوطنية، واستشراف مستقبل المركز، لتحسين برامجه في ظل المتغيرات التي نمر بها، وكانت المفاجأة الأجمل أن الإخوة في المركز منعونا في ذلك اللقاء المصغر وبشتى الطرق عن ذكر ما قدموه من إيجابيات، وقالوا ما جمعناكم إلا لتهدوا إلينا عيوبنا، وتتطوروا مسيرة مركزكم، لا مركزنا، وطلبوا من الحضور السعي في الوصول إلى رؤية توافقية مشتركة. والحقيقة التي أجمع عليها الكل أن المركز قدم وخلال العشر سنوات الماضية كثيرا من التوصيات المتميزة، ولكن ـ وتحتها خط ـ أغلبها حبيسة، وتنتظر القرار السيادي بالتنفيذ، وبدون ذلك سيكون المركز مركزا بلا فاعلية.. صحيح أن بعض، وربما أكثر المقترحات التي طرحت خلال مسيرة المركز نفذت، ولكن الباقي مما لم ينفذ مهم ويحتاج إلى نظرة أخرى، ولا أظن النظرة السيادية غائبة، والفرج قادم.
من الأمور المهمة التي لا يمكن إغفالها عن المركز أن جانبه الإعلامي لم يصل للمستوى الذي يرتضيه محبوه، مما جعل نشاطاته مغيبة، وجعل تبادل الثقافات والخبرات غائباً، وأدى إلى استمرار التعصب المذهبي والقبلي والفكري، على الرغم من تكرار التحذيرات من تعاظم هذا الداء الدفين والخبيث؛ فالمركز لديه سقف مرتفع من التوقعات المجتمعية، وواقع المجتمع على عكسها، والحلول الواقعية مطلوبة وبأسرع وقت.. لا بد من التفكير في إنشاء قناة فضائية، وعلى الأقل برامج حوارية متخصصة.. لا بد من التفكير الجاد في استغلال المناسبات الوطنية، وإشراك (الشباب) ثم (عقلاء الشيوخ).. ولا بد من تكثيف الانتشار الميداني، وعمل اللقاءات المتوالية للوصول إلى كافة شرائح المجتمع.
مركز الملك عبدالعزيز للحوار وجوده وجود لثقافة البلد وأهله، خاصة إذا علمنا أن فطرة مجتمعنا بعيدة عن ثقافة الحوار، وأن الحوار غائب عن عقلية أغلبية الشعب، ومركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات هو الآخر وجوده لا يقل أهمية عن سابقه، ولعل الفرصة تأتي للوقوف المباشر على نشاطاته الساعية إلى التركيز على ما يجمع الناس دون النظر إلى اختلاف أديانهم.
المصدر: الوطن أون لاين