كاتب و ناشر من دولة الإمارات
أيام وينطلق معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الثانية والثلاثين، وتنطلق معه احتفالية ثقافية كبيرة لمدة عشرة أيام، تعبر عن الوهج الثقافي المميز الذي تعيشه دولة الإمارات في هذا المجال.
هناك أكثر من ألف ناشر محلي وعربي وعالمي يجتمعون لتقديم إنتاجاتهم الفكرية والأدبية للقراء، ويبقى المتلقي “الجمهور” ترمومتر النجاح للكثير من الفعاليات الثقافية.
تغير المشهد الثقافي المحلي في السنين القليلة الماضية، وأصبح أكثر قدرة على فهم المستقبل، وأدركت بعض المدن أن الثقافة جزء لا يتجزأ من التنمية وعامل مهم في التطور الذي تشهده الدولة في كل المجالات، ولا يقل أهمية عن العوامل الاقتصادية والاجتماعية الأخرى التي تؤثر في عملية تقدم المجتمعات.
بناء الإنسان لا بد أن يسير بطريقة متوازية ومتوازنة مع العمران، الإنسان هو من يبني ويشيد المكان، وخلق مجتمع المعرفة ضرورة ملحة للتميز وفهم المستقبل بطريقة صحيحة.
أهمية وجود المسارح، المتاحف والمعارض الثقافية تأتي مع وجود استراتيجية ثقافية، تخدم الأجيال، وتساهم في تعزيز الهوية الوطنية، وتعكس التطور الملحوظ الذي تميزت به دولتنا خلال هذه الفترة القصيرة.
البناء الثقافي للشخصية المحلية لابد له من عملية تراكمية ومنهج صحيح ووجود قيادات ثقافية من الصف الأول والثاني تخدم هذا الهدف، فالمنشآت الثقافية الضخمة الموجودة تحتاج إلى الإدارة والثقافة معاً والجمع بينهما يحتاج إلى مجهود وتدريب ودراسة، لا تكفي الدورات الخجولة القصيرة في الإدارة الثقافية في تهيئة قيادات ثقافية حقيقة تقوم بدورها في إدارة العمل الثقافي القادم، “القصد” أنه لابد من البدء في الاهتمام بالتخصصات الجديدة في الإدارة الثقافية بصفة عامة، وفي إدارة المتاحف والمنشآت الثقافية ومراكز الفنون بصف خاصة، وتدريب القائمين عليها والقادمين إليها تدريباً علمياً حتى تكون رافداً مهماً للكثير من المشاريع الثقافية التي هي قيد الإنشاء.
ويأتي أيضاً دور القراءة في تعزيز هذا التوجه، وخلق مبادرات وإحصائيات علمية صحيحة لفهم واقع القراءة المحلي والإجابة على كثير من الأسئلة في هذا المجال، وأهمها هل نحن شعب قارئ؟
الكتاب المحلي في الفترة الأخيرة أثبت وجوده، وفي ظل وجود الإعلام الحديث وقنوات تسويقية جديدة، وأيضاً منافذ توزيع متنوعة، أصبح حضوره مختلفاً، واستطاع الكثير من كتابنا المحليين من مختلف الأجيال الانطلاق خارج نطاق المحلية والوجود خليجياً وعربياً ،مما يعكس التقدم في المجال الثقافي الذي نعيشه في دولة الإمارات.
لكن هل مازال الكتاب المحلي يعاني؟ الجواب نعم!
فالطموح دائماً أكبر من الإنجاز، وفي ظل وجود معوقات لصناعة النشر، والنقص في دور النشر المحلية، وعدم فهم رسالة النشر الحقيقة من بعض الناشرين، واقتصارها على الربح المادي، مما يعزز الهوة، ويفقد الثقة ما بين الكاتب والناشر.
وهناك هاجس آخر في العمل الثقافي، وهو عزوف الجمهور عن حضور الكثير من الفعاليات الثقافية المهمة، هذا العزوف الذي تتحمل مؤسساتنا الثقافية القسط الأكبر منه، يرجعنا لأسئلتنا الكبرى عن الثقافة، وخلق مجتمع قارئ، وعدم اهتمام المؤسسات بالمنتج الثقافي، وطريقة تسويقه، واقتصار دورها على الإنتاج، وعدم إدراكها أن تمويل المشاريع وإنتاجها هي الخطوة الأولى، ولابد لها من خطوات ثانية وثالثة، تتمثل في التسويق والترويج لمنتجاتها وتوزيعها بشكل صحيح، الجمهور الثقافي يحتاج إلى طرق مبتكرة للجذب، نخبوية الثقافة، تعزلها بعيداً عن المجتمع، فالثقافة كما كانت وستكون هي للجميع.
المصدر: صحيفة الاتحاد