حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة متشجن الأميركية في عام 1984 . عمل مستشاراً ورئيساً للمكتب الثقافي لسفارة دولة الكويت في واشنطن 1989-1992 ومستشاراً إعلامياً ورئيس للمكتب الإعلامي في سفارة دولة الكويت في واشنطن 1992 - 1995 . عميد كلية العلوم الاجتماعية، وأستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت .
للمرة الثالثة نعانق الفشل في انتخابات اليونيسكو التي جرت يوم الجمعة الماضي. المضحك المبك أنه فشل يديره أهل الثقافة، هذا إذا افترضنا أن اليونيسكو دار الثقافة والعلم والتعليم. أقول للسفير اللبناني الصديق خليل كرم في مكالمة هاتفية بعد أن ظهرت نتائج الفشل العربي: سأرسل لك مقالة قديمة كتبها غازي القصيبي رحمة الله، رداً على الوعود التي تلقيتموها من زعماء ورؤساء حكومات بدعمهم لمرشح لبنان البروفيسور جوزيف مايلا، فكان غازي القصيبي يقول في مقالته: «تلقينا وعوداً قاطعة من زعماء اشتهروا باحترام الكلمة- إلا أن الوعود المعسولة تبخرت في الهواء». فيا عزيزي كان عليكم مراجعة ما حدث في التجربتين العربيتين اللتين خاض بهما العرب انتخابات رئاسة اليونيسكو، إلا أن عقلنا العربي يعشق الفشل ويرمي بتجارب التاريخ بعيداً، لأنها غير مفيدة لعقل تربى على الفشل وعشقة لكون العقل تركب بطريقة لا تمكنه من قراءة الماضي واستنباط القادم.
السفير الجيبوتي رشاد فرح قرر خوض انتخابات رئاسة اليونيسكو بدعم من حكومته، وباركت الجامعة العربية الترشيح وأرسل للبعثات العربية، وكان المنطق أن العرب تدعمه جامعتهم، إلا أن الجامعة تدرك أن اجتماعات الغرف شيء، والواقع يختلف، وما يتفق عليه لا يخرج عن المجاملة، ويترك لكل دولة تقرر ما تريد، وإن كان الاتفاق بمحض الإرادة.
وجاءت المنظمة الإسلامية لتبارك «رشاد فرح»، وترسل مباركتها لكافة الدول الإسلامية، ويُضاف إلى ذلك فرح الاتحاد الأفريقي الذي تبنى المرشح الأفريقي. وتقرر لبنان تقديم مرشحها البرفيسور «جوزيف مايلا» دون تنسيق مع الجامعة العربية، وخرجت علينا نظرية المؤامرة، وقالوا إن «جوزيف مايلا» هو الشوكة في طريق «رشاد فرح»، وإن هدف العرب يلتقي مع الدول الغربية التي تدعم «إرينا بكوفا» البلغارية وإنْ كانوا يتذمرون من إدارتها، إلا أنهم يفكرون في مصالحهم الضيقة دون تفكير في أن غازي القصيبي وسراج الدين والوزير فاروق حسني كلهم في نهاية المطاف ينتمون إلى عالم يخرج عن الليبرالية الغربية، التي تريد للمنظمة أن تبقى تحت سيطرتها. فالغرب اعتبر اليونيسكو اختطفت في السبعينيات والثمانينيات كما يقول القصيبي عندما تولى السنغالي «إمبو» قيادة المنظمة، ومن ثم المعارك الشرسة كانت هي التي أرجعت المنظمة إلى الدائرة الغربية.
اليونيسكو منظمة الثقافة، وكان اختيار مقرها في قلب باريس رسالة كبيرة لكون فرنسا هي من غيرت معالم الإنسانية بثورتها وبقيمها الإنسانية.
ووفق ذاكرة التاريخ، نتذكر الدور الفرنسي في عام 2006، عندما قادت اتفاقية التنوع الثقافي وعارضته الولايات المتحدة الأميركية، وانقسمت المنظمة، إلا أن فرنسا انتصرت في التصويت، وجاء «شيراك» إلى المنظمة ليبارك الانتصار الفرنسي بكلمة كان لها صداها بين المثقفين الفرنسيين عندما أكد دور فرنسا في الثقافة الإنسانية. وأقول لصديقي بسكال من «اليمين» الفرنسي: لا تلوم الاشتراكيين وتعتبرهم سبب عزوفكم عن اليونيسكو لأني قلت نفس الكلام لصديقي المفكر الفرنسي الاشتراكي الضالع في الشؤون الإسلامية البرفيسور كيبيل، ففرنسا باعدت نفسها عن الثقافة الإنسانية ونتمنى لـ«يمينها» و«يسارها» أن يعيد تقييمه لدروها الإنساني، لأننا نتمزق إنسانياً، ولعل إحياء الدور الفرنسي يعيد التوازن العالمي.
وأعيد قول غازي القصيبي : ردة حقيقية إلى عهد الحرب الباردة ومعارك الشمال والجنوب. وأن العالم الأول وقف مع مرشحه، أما العالم الثالث فتردد وتخاذل… وتبين أنه يحوي طابوراً خامساً حسم المعركة..» ويبدو أن انقساماتنا العربية علامة سجلها التاريخ.
المصدر: الاتحاد