كاتب و روائي سعودي
تضج مواقع النت بالأخبار الملفقة والتشويهات والاتهامات للأمكنة والأشخاص، ولا تتورع هذه المواقع من إطلاق أي تهمة مهما بلغت من الانحدار والتجني.
وبسبب هذه التهم والإشاعات غدت كثير من الشخصيات العامة مشوهة في ذهنية الناس، والإشاعة والتشويهات لم تقف عند الشخصيات بل تجاوزتها لتحل بالأماكن والتي شن عليها هجوم وتوزيع تهم حتى غدت تلك الإشاعات ساكنة في ذهنية الناس كحقائق.
ولم ننته من تنقية سمعة مدينة جدة مما لحق بها حيث حاولت مجموعات (عبر النت) من إلحاق نعتها بأنها مدينة متفلتة وأن ما يحدث بها لا يحدث في بقعة من العالم، وتطورت التهمة إلى أن وصل الأمر اتهامها بأنها مركز لتصدير الإلحاد، وكانت هجمة مركزة أوشكت على الإتيان بثمارها لولا تصدي محبي هذه المدينة في المنافحة لما يقال عنها ثم تلى ذلك قول حق صدر من بعض العلماء كنفي لما تعرضت له مدينة جدة.
ولأن لكل مكان شخصية تميزه عن بقية المواقع والأمكنة المختلفة والمغايرة، اكتسبت مدينة جدة نمطا معيشيا يختص بها، واستطاعت عبر السنوات المتعاقبة خلق ثقافة خاصة بها، ثقافة تهضم القادمين إليها وتشكلهم وفق خاصيتها المكانية، ولأنها مدينة حية منحت ساكنيها صفة الحياة حتى إذا تواجد بها غريب تشكلت نفسيته بتلك الصفة فغدا إنسانا نابضا بالحياة.
ومدينة جدة تصاب بـ(الربو) في كل إجازة موسمية إذ تغدو حياتها الاجتماعية صعبة الحركة، صعبة في استنشاق الهواء النقي من خلال غبرة المصطافين خاصة أولئك الذين يحملون أفكارا مسبقة عن هذه المدينة من أنها متفلتة، فيحدث من قبل هذه الفئات تصرفات وسلوكيات مشينة يندر أن تحدث من قبل ساكني المدينة كونهم يعيشون نمط الحياة بشكل طبيعي.
ومقطع الفيديو الذي تم تداوله عبر مواقع التوصل الاجتماعي كان مقطعا يثير الاستهجان، استهجان من تحرش جماعي حدث من بعض الشباب بفتاتين كانتا تسيران على الكورنيش (كما يظهر في المقطع) وللأسف الشديد لم يتقدم أحد من الشباب لإنصاف الفتاتين من ذلك التحرش الجماعي ولو كان هناك قانون للتحرش لما استطاع أي شاب منهم إحداث ذلك التحرش المعيب لشباب يفترض أنهم يمثلون النخوة العربية.
ولأن الزمن لم يعد يحفل بكل الصفات الراقية كان لزاما أن يكون قانون التحرش سيد الموقف.
ولأن الحادثة كانت مثيرة وتهز قيمنا الأخلاقية كان تدخل الأمير خالد الفيصل أمرا ضروريا من أجل تحفيز الجهات الأمنية بسرعة القبض على الشباب الذين تحرشوا بالفتاتين. وأعتقد أن محافظة جدة سوف تعلن عن المتورطين في هذا التحرش الجماعي كما حدث لبعض شباب الشرقية عندما أحدثوا تحرشا جماعيا في أحد المجمعات التجارية وتمت معاقبتهم بالجلد في موقع الحدث.
وأعتقد أن هذه الحادثة يمكن إهداؤها لمعارضي فرض قانون التحرش لكي يكون نظاما رادعا لمعاقبة المتحرشين والتشهير بهم.
المصدر: صحيفة عكاظ.