نها سالم بن غانم، 19 سنة، الطالبة في كلية تقنية المعلومات بجامعة الإمارات تعشق الثقافة وتتمتع بموهبة القراءة التي لازمتها منذ الصغر حيث انجزت 400 كتاب في مختلف المجالات الأدبية، وأخيراً فاجأت الساحة الثقافية بدخولها مجال التأليف بإصدارها أول كتبها الذي يحمل عنوان «بنات السكن» لتدخل بذلك نادي الكُتّاب.
وعلى خلاف أغلب بنات سنّها من جيل اليوم الذي بات مستسلماً بكل وقته وحواسه وحتى أصابع يديه لأجهزة «الهواتف الذكية»، فإن الطالبة نها سالم تبدو كمن يسبح عكس التيار فهي شخصية تتمتع بمواصفات الطموح واستيعاب كل ما يجري حولها، وتمتلك لباقة الحديث في شتى الأمور كما تقول زميلاتها، وحين تسألها عن طموحاتها الأدبية تحدثك عن رغبتها في ان يكون لفتاة الامارات موطئ قدم متقدم في الساحة الأدبية، ومن أجل ذلك الطموح تقضي كل دقيقة من وقت فراغها تقرأ أو تكتب.
وتقول «بالنسبة لي فإن القراءة والكتابة هما الهواية التي لا تقاوم، خصوصاً عندما أجد نفسي في ساعات الصباح الباكر أو آخر الليل في مكان مفتوح وإلى جانبي كوب من الشاي الأخضر».
وفي مرحلة الدراسة الثانوية برزت غانم كمشروع لأديبة مواطنة كانت تمضي بخطى واثقة نحو القمة ما استرعى انتباه وإعجاب معلماتها وزميلاتها الطالبات وقد تأكد ذلك بصورة قاطعة من خلال حرصها الشديد على المشاركة في الأنشطة الثقافية والفعاليات الأدبية والمسابقات.
أما هي فتقول «في حقيقة الأمر فأنا موجودة في كل مكان تشتم منه رائحة الأدب والثقافة، ووراء ذلك تقف أمي التي لا تدخر جهداً في تشجيعي على التواصل مع الفعاليات الثقافية، بل أحياناً تحرص على مرافقتي عندما يقتضي الأمر ذلك ويكون ضرورياً، وأعتقد ان اهتمامي بالفعاليات الأدبية والثقافية بلغ ذروته عندما سجلت حضوراً لأربع مرات متواصلة في مسابقة (قطار المعرفة)» التي درجت مدرسة البحث العلمي في دبي على تنظيمها ويأتيها المتنافسون من كل فج قريب وبعيد سواء من المناطق التعليمية في الامارات أو الدول العربية، وقد توجت جهود اشتراكي فيها بحصولي على المرتبة العاشرة من أصل أكثر من 10 آلاف متسابق».
وتضيف «ما من شك في ان مشاركتي في مسابقة (قطار المعرفة) أكسبتني الكثير من المنافع الأدبية،وأسهمت في تطوير مهاراتي الكتابية، وقد دفعتني تلك المشاركة لقراءة 400 كتاب أي بواقع 100 كتاب في كل مرة علاوة على القيام بمهمة تلخيص جميع تلك الكتب وفقا لمقتضيات الاشتراك في المسابقة، ولعل هذا هو ما شحن أفكاري بذخيرة كبيرة من المعلومات الأدبية والثقافية، وعزز من قدراتي في مجال الكتابة بل فتح شهيتي للدخول في مجال التأليف».
وكخطوة أولى على درب التأليف أصدرت نها سالم كتابها الذي يحمل عنوان «بنات السكن»، وحول ذلك تقول «بالنسبة لي فإن تجربة إقدامي على التأليف كانت أشبه بالمغامرة المثيرة للخوف، اذ لم أكن أصلاً أخطط ان تكون المادة التي في حوزتي كتاباً، وإنما كل ما هناك هي مجموعة من الخواطر الانطباعية سجلتها في أوقات الفراغ، وكانت تدور حول ما يجري في سكن زميلاتي طالبات الجامعة من حلقات نقاش، ومجالس الانس، التي كان يغلب عليها الطابع الايجابي، ونظراً لأهميتها فقد رأيت نقلها الى خارج السكن ليطلع عليها الرأي العام، ويكون أكثر اطمئنانا بأن الطالبات اللاتي ابتعدن عن أسرهن حريصات على التحصيل العلمي وغير منشغلات بالموضة، وتشكل مجالسهن التي تحظى بمشاركة ثلة من الطالبات منتديات بمواصفات حضارية، ما يجعلها منصة للتواصل والتعريف بطبيعة الحياة في مناطقهن، وإن كانت المجالس أحياناً لا تخلو من مناقشة بعض الهموم والمشكلات العامة مثل ظاهرة العنوسة وفرص العمل».
وحظي كتاب «بنات السكن»، الذي تولت طباعته احدى دور النشر في الشارقة، بصدى ايجابي واسع منذ طرحه في المكتبات، وقوبل برواج كبير حيث تم بيعه بالكامل، ما دفعها للتحضير الآن لاصدار الطبعة الثانية.
وكغيرها من الكتاب الجدد فإن غانم لم تجد الطريق الى الساحة الثقافية مفروشاً بالورود، بل واجهت الكثير من المطبات مثل الاهمال الاعلامي وهي تقول في هذا الخصوص «في تصوري ان التركيز دائماً يكون منصباً على الأسماء الأدبية اللامعة اعلامياً بينما غيرهم يتوارى خلف سواتر النسيان والاهمال»، وتتابع «كل ما يريده الكتاب الجدد خصوصاً العناصر النسائية هو الدعم المعنوي، وتقديم يد العون والمساعدة التي تمكننا من طباعة وتسويق انتاجنا الأدبي حتى تحقق الفتاة الاماراتية المكانة الأدبية التي تصبو إليها».