افتتح الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة، مساء أمس الأول، في فندق إنتركونتننتال دبي، الدورة التاسعة من ملتقى رمضان لخط القرآن الكريم الذي تنظمه وزارة الثقافة، بحضور صقر غباش وزير الموارد البشرية والتوطين ومحمد المر رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد، وحميد محمد القطامي رئيس مجلس الإدارة المدير العام لهيئة الصحة في دبي، وسلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، وعفراء الصابري وكيل وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، والكاتب عبد الغفار حسين، وعدد من القيادات الثقافية والتنفيذية في الدولة وعدد كبير من المهتمين بالخط العربي. وبدأ حفل الافتتاح بجولة في معرض الخط المصاحب لهذه الدورة، الذي ضم عشرات اللوحات الخطية والزخرفية الأصيلة، وتنوعت فيه الخطوط التي أظهرت قدرة الخطاطين على تمثيل المعاني الروحية الكامنة في النصوص، بتشكيلات تركيبية ولونية باهرة.
وأكد الشيخ نهيان في كلمته الافتتاحية أن للإمارات دوراً رائداً في رعاية الإبداع ودعم الفنون الإسلامية وتنظيمها الاستضافة الدائمة للفعاليات والمبادرات التي تختص بخدمة الإسلام والقرآن الكريم، وذلك من منطلق الوفاء بمسؤوليتها تجاه ديننا الحنيف وجهودها المتواصلة في خدمة الإسلام والاعتزاز به، وإيمان قيادتها الرشيدة الراسخ بأن الإسلام هو صاحب الدور الرئيسي في تشكيل حاضرها ومستقبلها، كما أنها دولة حريصة كل الحرص على تأكيد هويتها الإسلامية، وعلى خدمة الدين ونشر تعاليمه ومبادئه السمحة.
وقال الشيخ نهيان: «في فعاليات هذه الدورة السنوية المتجددة، لخط القرآن الكريم يحضرني دائماً، الحديث النبوي الشريف:«إن الله جميل يحب الجمال» أستحضره لارتباطه بالخط العربي، حيث كان هذا الخط، ولا يزال تجسيداً رائعاً، لهذا الحديث الشريف، لقد أصبح الخط العربي -وهو أبو الفنون الإسلامية عنصراً- مهماً في الحضارة الإسلامية الخالدة، له مكانة مرموقة، بين فنون العالم أجمع، ويحظى بإعجاب وتقدير كبار الفنانين في العالم، وقد اكتسب هذا الفن الجميل، من ارتباطه الوثيق، بالقرآن الكريم بعداً روحياً رائعاً، حتى قيل إن الخطاط البارع، لابد وأن يتمتع، بنقاء الروح، وصفاء الفكر، وطهارة السريرة.
وأضاف:«إننا نعلم أن المسلمين، على مدار تاريخهم المجيد قد بذلوا الجهد الخالص في سبيل تأصيل الخطوط العربية، ما بين الخط الكوفي، وخط الثلث، وخط النسخ، وخط التعليق، والخط الديواني، وخط الرقعة، وقد ارتبطت هذه الخطوط جميعها، بكتابة القرآن الكريم، وكلها تلفت النظر، وتجذب الاهتمام، حتى أنه ورد عن الخليفة المأمون أنه قال: إننا نفاخر الأمم، بما لنا، من أنواع الخطوط العربية التي تقرأ في كل مكان، وتترجم بكل لسان، وتوجد في كل زمان».
وأشار إلى أن خط الثلث الذي وقع عليه الاختيار في هذه الدورة لنسخ القرآن يظل خطاً متميزاً، باعتباره أجمل وأبهى الخطوط العربية الأصيلة، ويتم اختياره عادة، لتزيين المساجد والقباب والواجهات والبوابات، وهو يجمع بين الرصانة والبساطة، ويزيده التشكيل في الحسن والروعة والبهاء، مضيفاً أنه يتطلع إلى رؤية نسخة القرآن الكريم، التي تتم كتابتها في هذه الدورة بخط الثلث، الذي يحتاج إلى صبر شديد، وذوق فني رفيع، ومهارة يدوية متميزة.
يشارك في دورة هذا العام ثلاثون خطاطاً من جميع أنحاء العالم الإسلامي، ويتولى كل خطاط كتابة جزء من أجزاء القرآن الثلاثين، وكانت اللجنة المنظمة للملتقى قد حددت أن يكتب الخطاطون المصحف هذا العام بخط الثلث، وحددت شكل صفحة المصحف، بحيث تكتب ثلاثة سطور بسمك قلم الثلث العادي موزعة على الأعلى والوسط والأسفل، وبينها قطعتان من عدة أسطر متساوية بخط قلم الثلث الناعم، بسمك صغير، وهو سمك لم يسبق أن كتب به خط الثلث.
وقالت الخطاطة الإماراتية فاطمة البقالي التي تشارك لأول مرة في الملتقى:»إن الملتقى متميز وقوي، وكونه هذا العام مخصصاً لخط الثلث، وبمقاس صغير، فهذا يشكل تحدياً صعبا لكل الخطاطين، وقد شعرت شخصيا أن علي أن أرفع هذا التحدي».
أما الخطاط الماليزي عبد الباقي أبوبكر:»فقال إنه يشارك للمرة الثالثة، وقد وجد الملتقى في كل مرة جميلاً ومتجدداً بأنواع الخط التي يعتمدها في كل دورة، وشكل ذلك بالنسبة له تجارب قيمة، أضافت الكثير لخبراته السابقة، ورفدته برؤى فنية جديدة»، بدوره قال الخطاط المصري عبده محمد الجمال:»إنه يشارك للمرة الثالثة، وأن الدورة الماضية كانت لها خصوصيتها الجميلة لأنها عكفت على إحياء خطي المحقق والريحاني الذي كادا يندثران وعرفت الخطاطين إلى شيء جديد وفريد، ولا تقل هذه الدورة عنها أهمية، فهي أضافت كتابة القرآن بخط الثلث وبقلم ناعم لم يسبق أن استخدم لكتابة خط الثلث، فهذا شيء جديد من المؤكد أن ممارسة ثلاثين خطاطاً له سيكون لها أثر على مستقبل هذا النوع من الخط».
المصدر: الخليج