أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع رئيس الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة، التزام القيادة الرشيدة للدولة برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بتحقيق التعلم المؤسسي المستمر، وحرصها على دفع المؤسسات الحكومية نحو مواصلة العمل على بناء مجتمع متقدم وواثق وآمن، وبناء اقتصاد مستدام مفتوح ومنافس عالمياً، وحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وأخيه الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على بناء مجتمع يستجيب لاحتياجات الأفراد والمجتمع بشكل عام.
جاء ذلك في كلمة ألقاها عقب تسلّمه جائزة شخصية العام 2013 للتعلم المؤسسي، إحدى فئات “الجائزة الدولية للتعلم المؤسسي” التي أعلنت هيئة الإمارات للهوية عن إطلاقها رسمياً أمس، كمبادرة تهدف إلى تعزيز ثقافة التعلم المؤسسي وتشجيع ممارساتها على المستوى المحلي والدولي.
وتم تسليم الجائزة لمعاليه خلال افتتاح “المؤتمر الثاني للتعلم المؤسسي” الذي تنظمه هيئة الإمارات للهوية بالتعاون مع المؤسسة الدولية للمستثمرين في الموارد البشرية، والذي تقام فعالياته على مدى يومين في “فندق فيرمونت نخلة جميرا” بدبي، حيث يناقش أكثر من 26 ورقة عمل، يقدمها خبراء من 15 دولة حول العالم، وبمشاركة أكثر من 400 خبير ومتخصص من داخل الدولة وخارجها.
التعلم واجب
وأوضح معاليه أن دولة الإمارات حريصة على عدم ترك مكان للجهل في مؤسساتها، وأن التعلم واجب لا يتوقف عند حدود، مضيفاً أنه لا يمكن لقيادتنا الحكيمة تحقيق رؤيتها إلا عبر دعمنا لها من خلال القيام بواجبنا كأبناء للوطن، لافتاً في الوقت عينه إلى أنه لا يمكن الارتقاء إلى مستوى التميز المطلوب إن لم يسع أبناء الدولة بشكل مستمر نحو التعلم وتعزيز كفاءاتهم في مختلف المجالات.
وقال معاليه: أتشرف بتسلُّم جائزتكم الكريمة. وأؤكد لكم أنني سأضاعف جهودي من أجل تحصيل أفضل مستويات التعليم المؤسسي لوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع. وسيراً على خطى الحكماء القدامى، سنسعى نحو المستقبل ونحن نتعلم أشياء جديدة بشكل مستمر، معربا عن شكره للقائمين على الجائزة .
وأثنى معاليه على الجهود التي بذلتها هيئة الإمارات للهوية بالتعاون مع شركائها في سبيل تنظيم وإنجاح هذا الحدث المتميز. كما رحب بجميع المشاركين في المؤتمر من داخل الإمارات وخارجها.
وقال معاليه إن التحصيل الأكاديمي في مجال التعلم المؤسسي جديد نسبياً، وإننا نتعامل معه ببعض الحذر، خاصة وأن عدداً قليلاً من قادة المؤسسات لديهم المؤهلات الأكاديمية في هذا المجال، منوهاً بأن مفهوم التعلم المستمر مألوف لدينا جميعاً، فجذوره متأصلة في التاريخ.
تحديات التعلم المستمر
وأبدى معاليه استغرابه من عدم تعامل بعض المؤسسات مع موظفي الحكومة بالمنطق نفسه، معرباً عن أسفه لعدم مبالاة شريحة من الموظفين بالتعلم وعدم تقديرهم لقيمة التعلُّم المستمر، وأرجع معاليه أسباب هذا الأمر إلى ثلاث فرضيات، تتمثل في أن الناس خارج الدوائر الحكومية يعتقدون أن موظفي تلك الدوائر على دراية تامة بما يفعلونه، وإلا لما كانوا في مواقعهم تلك، وتتمثل الفرضية الثانية، في كون الكوادر الذين تتألف منهم المؤسسات الحكومية يعتقدون أنه لولا تمتعهم بالمؤهلات العالية لما حصلوا على تلك الوظائف.
وبالتالي يفترضون أنهم لا يحتاجون لمزيد من المؤهلات العلمية، في حين تتمثل الفرضية الثالثة في أن الناس داخل وخارج المؤسسات الحكومية يميلون إلى الاستكانة إلى الأمر الواقع، على اعتبار أن الاستقرار والقدرة على استشراف الآتي أمران مهمان بالنسبة إليهم، وبشكل خاص الذين هم داخل المؤسسات الحكومية، حيث يطمحون إلى الاحتفاظ بمواقعهم الوظيفية ولا يتمنون خسارتها، وبالتالي يخشون ويقاومون التغيير.
ودعا معاليه العاملين في القطاعات الحكومية والتعليمية ورجال الأعمال حول العالم لاتخاذ خطوات جريئة لفتح الباب أمام التعلم وصولا إلى تحقيق الازدهار المؤسسي، معتبراً أن المؤسسات المتميزة هي التي تتمتع بالقدرات الإدارية اللازمة من أجل الحفاظ على استمرارها في العمل بشكل فعال ومجدٍ اقتصادياً، وهي التي تتوقع ما لا يمكن توقعه، وتكون جاهزةً دائماً لتمكين كوادرها البشرية من العيش بأمان وسعادة.
استحقاق
من جانبه، قال الدكتور المهندس علي محمد الخوري مدير عام هيئة الإمارات للهوية في افتتاح المؤتمر: إن تكريم معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، هو استحقاق صادف أهله، فمعاليه شخصية غنية عن التعريف ويصعب حصر إنجازاته واسهاماته في مختلف مجالات التعليم والتعلّم، التي جاد بها على مدى أكثر من ثلاثة عقود، سواء على المستوى الوطني أو الدولي.
وأضاف الدكتور الخوري إنه تم منح جائزة “شخصية العام للتعلم المؤسسي” لمعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، بناء على توصيات ومعايير مجلس أمناء “الجائزة الدولية للتعلم المؤسسي”، الذي يضم نخبة من الخبراء الدوليين المشهود لهم في مجال التعلم المؤسسي على الصعيد الدولي.
وقام بتقديم درع الجائزة لمعالي الشيخ نهيان بن مبارك، مدير عام هيئة الإمارات للهوية، ورئيسة مجلس أمناء الجائزة البروفيسورة أجني فلافيانوس أرفانتيس خبيرة التنمية المستدامة من اليونان، إلى جانب البروفيسور بوب جارات مستشار حكومة جمهورية جنوب إفريقيا الخبير في الحوكمة المؤسسية والتعلم التطبيقي، والدكتور علاء جراد رئيس مؤتمر التعلم المؤسسي.
بناء
وأكد الدكتور الخوري في ورقة عمل استعرضها خلال افتتاح الدورة الثانية لمؤتمر التعلم المؤسسي، أن بناء الحكومات “الذكية” يتطلب إعادة بناء مؤسسات “متعلمة”، قادرة على تجاوز المفاهيم الإدارية التقليدية السائدة في العديد من المؤسسات الحكومية على مستوى المنطقة العربية، ومواكبة عصر الإنترنت والشبكات الرقمية الذي نعيش فيه.
ودعا الدكتور الخوري المؤسسات الحكومية إلى اتباع فكر التعلم المؤسسي، لبناء القدرات الفردية لرأسمالها البشري والمؤسسي، لتتمكن من تحقيق مستهدفاتها والارتقاء بأدائها وتطوير خدماتها، والوصول إلى الابتكار والإبداع في نطاق عملها الحكومي.
وقال إنه يتوجب على المؤسسات وقياداتها العمل على تطوير آليات جديدة للارتقاء بمفهوم العمل المؤسسي، تنسجم مع متطلبات عصرنا الحالي، وبما يحقق رضا المتعاملين الخارجيين والداخليين، مشيراً إلى أنه من الضروري على الدول أن تسعى جاهدة لبناء المنظومة الفكرية لرأس مالها البشري، على اعتبار أن فكر الشعوب هو ما يتحكم في تقدم الدول أو تراجعها.
واستعرض الدكتور الخوري تجربة هيئة الإمارات للهوية في رحلتها نحو ترسيخ مفهوم التعلم المؤسسي، وفي إطار سعيها لأن تكون أول مؤسسة اتحادية متعلمة في المنطقة، لافتاً إلى أن الهيئة قطعت شوطاً نحو تطبيق مبادئ التعلم المؤسسي في العديد من ممارساتها الداخلية وعلاقاتها مع المتعاملين الخارجيين، وقد كانت سبّاقة إلى تأسيس “مركز الإمارات للتعلم المؤسسي” الذي يُعد أول مركز من نوعه في المنطقة.
من جانبه، قال الدكتور علاء جراد رئيس مؤتمر التعلم المؤسسي، إن الجائزة الدولية للتعلم المؤسسي، ستكون بمثابة محرك لأنشطة التعلم المؤسسي في الدولة والمنطقة، ومن شأنها أن تسهم بشكل كبير في رفع الوعي بمفهوم التعلم التطبيقي والمؤسسي، وكذلك في تقدير وتكريم الجهات والأفراد الذين يطبقون مفاهيم التعلم المؤسسي بشكل يسهم في حل المشكلات وتحسين الأداء، وصولا إلى التميز المستدام، معتبراً أن التحدي الحقيقي ليس بتحقيق التميز وإنما باستدامته، وتحويله إلى منهاج حياة.
إنجازات
قال الدكتور علي الخوري إن هيئة الإمارات للهوية وفرت خلال 3 سنوات أكثر من 400 مليون درهم من خلال اعادة هندسة الإجراءات لديها، لافتا إلى أن الهيئة لديها أكثر من الف و400 موظف اليوم و60 مركزا تتوزع على مختلف ارجاء الدولة، وتعتبر الهيئة أول مؤسسة اتحادية تحقق نسبة 99 % في التوطين. وأضاف إن الهيئة ركزت على التعلم المؤسسي وقدمت تسهيلات كثيرة لعملائها، لافتا إلى أهمية الذاكرة المؤسسية وتوثيق جميع المعارف.