تراجعت أسعار النفط الخام بشكل كبير بعد انتهاء الاجتماع الذي عقدته منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك) في فيينا أمس، واستمر 5 ساعات، وقررت خلاله تثبيت سقف الإنتاج عند مستواه الجاري وهو 30 مليون برميل يومياً. هبط سعر برميل الخام الأميركي الخفيف في نيويورك الى ما دون عتبة الـ70 دولاراً للمرة الأولى منذ حزيران (يونيو) 2010 في حين خسر برميل النفط المرجعي لبحر الشمال (برنت) في لندن خمسة دولارات، مسجلاً بذلك أدنى مستوى منذ تموز (يوليو) 2010 (إلى 71.35 دولار).
وكانت «أوبك» أقرت سقف إنتاجها الجاري منذ عام 2012، غير أن بيانات مجموعة «بلومبيرغ» الاقتصادية ذكرت في نشرتها أمس، أن المنظمة تجاوزت هذا السقف الشهر الماضي بنحو مليون برميل يومياً. وقررت «أوبك» عقد الاجتماع العادي المقبل في حزيران (يونيو)، مستبعدة بذلك احتمال عقد اجتماع استثنائي كما كان متوقعاً.
ووصف وزير النفط والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي قرار «أوبك» تثبيت مستوى إنتاجها، بأنه «قرار جيد». وذكرت مصادر تابعت الاجتماع أن خلافاً حاداً نشب بين وزيري النفط السعودي علي النعيمي والجزائري يوسف يوسفي، الذي طالب بخفض إنتاج المنظمة مليون ونصف مليون برميل يومياً.
وتنطلق السعودية في موقفها من أن السوق النفطية هي التي تحدد الأسعار، ولا تريد تحمل العبء لمصلحة الآخرين خارج «أوبك» أو داخلها.
وكان النعيمي عقد اجتماعاً مع وزراء نفط فنزويلا والمكسيك وروسيا. ولم يبد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أي استعداد لخفض الإنتاج. ويصل الإنتاج الروسي الى ١٠ ملايين برميل يومياً، ما جعل النعيمي يقول للوزير الروسي إن السوق ستتولى خفض الإنتاج الروسي، خصوصاً مع قناعة الصناعة النفطية بأن روسيا لا يمكنها إنتاج ١٠ ملايين برميل يومياً إلا إذا كان سعر البرميل بين ١٠٠ و١١٠ دولارات، لأن بعض حقول النفط الروسية لا يمكن الإنتاج منها ثم نقل النفط الى الأسواق إلا بأسعار مرتفعة.
وترى مصادر رفيعة في «أوبك» أن أوضاع النفط في العالم تغيرت ولم تعد مثلما كانت في ١٩٩٨ و٢٠٠٨، عندما ارتفع سعر النفط الى ١١٠ و١٤٠ دولاراً للبرميل على التوالي، ما أدى الى دفع جميع منتجي النفط الصخري والرملي الهامشيين وغيرهم، إلى تكثيف استثماراتهم لزيادة الإنتاج.
وترى المصادر الآن أن هؤلاء لا يمكنهم الاستمرار في زيادة الإنتاج إذا بقيت الأسعار أقل من ٧٠ دولاراً للبرميل على مدى سنتين، كما يقول عدد من الخبراء في الشركات الاستشارية الكبرى في فيينا.
واستبعد مصدر في الصناعة النفطية أن يصل سعر النفط الى ٦٠ دولاراً للبرميل لأن هناك كثيراً من الضبابية حول الموضوع في دول «أوبك»، خصوصاً في ليبيا وإيران والعراق ونيجيريا. وتوقع أن تبقى الأسعار في حدود ٧٠ دولاراً للبرميل خلال الشهور المقبلة.
وخلا البيان الذي أصدرته «أوبك» عقب اجتماعها أمس من أي ذكر لضرورة التزام الأعضاء سقف الإنتاج الجاري. وتسلمت وزيرة نفط نيجيريا ديزاني اليسون مدووكي كن، رئاسة المنظمة، والرئيس المناوب للسنة ٢٠١٥ سيكون وزير النفط القطري محمد السادا، وتم التمديد للأمين العام للمنظمة عبد الله البدري حتى نهاية السنة المقبلة.
فيينا – رندة تقي الدين , لندن – «الحياة»